رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل عام جديد والعالم أجمع بسلام




يأتى هذا المقال مع اقتراب الأيام الأولى من عام جديد، فماذا يعنى لنا عامنا الجديد؟.. هل هو كما يراه بعضنا مجرد سنة أخرى مضافة إلى أعمارنا فقط، ثم نعود بعد ذلك لما كنا عليه فيما سبق من سنين ليرتفع عدد سنوات حياتنا عامًا بعد عام آخر؟.
أو هو كما يراه بعض آخر خصم من عدد السنوات التى نعيشها فى دنيانا، وقبل الرحيل إلى مثوانا الأخير؟.. على أى حال، سواء فكرنا سلبًا أو إيجابًا فى ذلك، فالواقع يوضح لنا أننا أنفقنا من أعمارنا عامًا من سنى حياتنا التى يطلق عليها «أرض الغربة» لأنها- حقيقة- مجرد إقامة مؤقتة، قد تطول، وقد لا تطول، إنما النتيجة النهائية واحدة.
وفى بلاد الغرب، يستطيع الطبيب بل ويجب عليه أيضًا أن يصارح مريضه «بأن حياته على وشك الغروب، كما تغرب الشمس بعد إشراقها لعدد من الساعات، ثم تختفى»، وهى فى الحقيقة لا تختفى، لكنها ظاهرة فى جزء آخر من الكرة الأرضيّة كأمريكا، أو أستراليا.
وكذلك الإنسان تشرق شمسه فى مولده، ويأتى وقت الغروب، والأطباء فى بلاد «العم سام» يصارحون مرضاهم، ويستأذنون المريض أن يتحدثوا مع شريك حياته وأبنائه إذا ما وافق المريض على ذلك.
وقد ينقل المريض من المستشفى، أو من البيت إلى «دور» خاصة، أشبه بالمستشفى، ولكن للحالات المتأخرة، والتى يراها الطبيب المعالج أنها لا تزيد على الستة أشهر، وفى هذه «الدور» لا يتناول المريض علاجًا، بل يتناول مسكنات فقط حتى لا يتألم.
كما يستطيع المريض- المُشرف على مفارقة الحياة أيضًا- أن يأكل بحرية قدر استطاعته، ولكن فى هذه «الدور» تتم مساعدة المريض على أن يتقبل الواقع الذى قد يستمر معه لبضعة أشهر أو أيام.
كما تتميز هذه «الدور» بوجود أطباء نفسيين، وكذلك رجال دين، وفق ما يطلبه المريض، ودور الأطباء ورجال الدين هؤلاء فى تلك الحالة يكون مساعدة المريض على تقبل الواقع الذى يحياه، وهو الموت باعتباره «مرحلة حتمية» من مراحل الإنسان، فهو يولد طفلًا ويكبر ثم يمرض ثم يموت، وقد يكون المريض فى هذه المرحلة طفلًا أو شابًا أو مُسنًا.
وتفضل الأسرة، وبالاتفاق مع المريض، أن يقضى المرحلة العمرية الأخيرة فى هذه «الدور» أو المستشفى التخصصى فى هذه الحياة التى لا تعالج، ولكن تخفف الآلام وتساعد الإنسان على تقبل النهاية براحة من الآلام بعد أن فشل الدواء وغيره من أساليب العلاج ولم يبق إلا العلاج النفسى والراحة من الآلام.
وفى سياق هذا الحديث مع مطلع عام جديد تكثر فيه التهانى والأمانى، أردت أن أوجه النظر إلى نوعية الحياة التى نحياها إذا ما تذكرنا أن حياتنا ليست دائمة.