رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وسيط تمزقت ملابسه!



إعلان الحكومة الإثيوبية عن سيطرتها على إقليم تيجراى، وانتهاء القتال، لا يعنى انتهاء الحرب، التى بدأت فى الرابع من نوفمبر الماضى. إذ يتوقع تقييم للأمم المتحدة أن يواجه الجيش الإثيوبى عمليات «استنزاف» طويلة، كما تؤكد «الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى» أنها مازالت تقاتل على عدة جبهات. وغالبًا سيكون الخراب هو النهاية الطبيعية لتلك الحرب، التى تجرى أحداثها فى الظلام، بسبب قيام الحكومة الاتحادية بقطع الاتصالات التليفونية وخدمة الإنترنت عن الإقليم.
بعد غدٍ، الأحد، من المفترض أن تناقش قمة رؤساء دول وحكومات الهيئة الحكومية للتنمية «إيجاد» سبل إيجاد حل لتلك الأزمة، بعد وساطة، أو مباحثات، أجراها رئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك مع نظيره الإثيوبى، خلال زيارة رسمية كان مقررًا أن تستمر يومين، لكنها انتهت بعد عدة ساعات، وتعرضت بعدها عناصر من القوات المسلحة السودانية لاعتداء غير مبرر فى منطقة «جبل أبوطيور» المتاخمة للحدود الإثيوبية، أسفر عن استشهاد عدد من الجنود وإصابة عدد آخر، إضافة إلى خسائر فى المعدات.
الجيش السودانى قال، الأربعاء، إن قواته «تعرضت لكمين من القوات والميليشيات الإثيوبية» خلال دورية أمنية بالمنطقة الحدودية، وأعلن، الخميس، عن إرساله تعزيزات كبيرة للحدود مع إثيوبيا وشدد، فى بيان، على أنه سيتصدى بقوة لأى محاولات لاختراقها. كما تقدمت الخرطوم بشكوى للاتحاد الإفريقى بشأن الاعتداءات الإثيوبية، وأخرى لـ«إيجاد»، التى تضم دول شرق ووسط إفريقيا، ويترأس السودان دورتها الحالية، والتى من المفترض أن تسعى، خلال قمة الأحد، إلى إيجاد صيغة تصالحية بين الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراى!.
رافق حمدوك، خلال زيارته إثيوبيا، وفد مكون من وزير الخارجية المُكلّف، ومدير جهاز المخابرات العامة، ونائب رئيس هيئة أركان قوات الشعب المسلحة للعمليات، ومدير هيئة المخابرات العسكرية. لكن كان لافتًا، أن المباحثات لم يشارك فيها مسئولو الأجهزة العسكرية والأمنية الإثيوبية. ونقلت وسائل إعلام عن مصادر فى مجلس الوزراء السودانى أن تعنت رئيس الوزراء الإثيوبى بشأن ملف تيجراى، دفع حمدوك إلى إنهاء الزيارة، قبل موعدها المقرر. وبينما أرجعت مصادر أخرى قطع الزيارة إلى انعقاد اجتماع مهم، يوم الإثنين، للحكومة السودانية بشقيها، العسكرى والمدنى، إلا أن رئيس الوزراء السودانى لم يحضر ذلك الاجتماع!.
مكتب حمدوك هو الذى أعلن، صباح الأحد، أن الزيارة «تمتد ليومين»، ومع ذلك أرجع دينا مفتى، المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، «ما روج له بعض الوسائط» حول المدة القصيرة للزيارة بأنه «صناعة من يحاولون خلق خلافات مع السودان لتحقيق أجندات خاصة بهم». وقال فى مؤتمر صحفى، عقده الثلاثاء، أى بعد يومين من الزيارة، إن مباحثات حمدوك وأبى أحمد، كانت «مثمرة وحققت أغراضها فى الوصول إلى تفاهم مشترك حول القضايا التى من ضمنها الحدود وسد النهضة، وعقد قمة طارئة لمنظمة إيجاد». كما زعم أن السودان «يتفهم ما جرى فى تيجراى من إنفاذ لسيادة القانون بالإقليم».
بشكل أكثر تحديدًا، وغموضًا، اتهم المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية «قوى وشبكات دولية لها مصالح هدامة بمنطقة القرن الإفريقى» بأنها تحاول استغلال ما وصفه بـ«عملية إنفاذ القانون فى إقليم تيجراى»، لـ«إغراق المنطقة بتجارة الأسلحة وجعلها بؤرة للصراعات والنزاعات لتحقيق مصالحها التجارية». وقال إن «هذه القوى الدولية كانت تربطها علاقات مصالح طويلة مع جبهة تحرير تيجراى مدعومة بوسائل إعلام عالمية وتحاول فى الوقت الراهن الدفاع عن تلك المصالح تحت ستار الوكالات الإنسانية وتقديم المساعدات». وقال إن حكومة بلاده «وضعت خطوطًا واضحة لعمل هذه الوكالات والمنظمات فى البلاد»، زاعمًا أنها، أى الحكومة الإثيوبية، تقدم ٧٠٪ من المساعدات الإنسانية فى الوقت الراهن.
أعداد كبيرة من اللاجئين تدفقت إلى الأراضى السودانية، تم تقديرها، حتى الآن، بنحو ٥٠ ألفًا معظمهم من النساء والأطفال. وعلى عكس مزاعم دينا مفتى، قامت القوات الإثيوبية بمنع عدد من العاملين فى مجال المساعدات الإنسانية، وحذرت الأمم المتحدة من أن نحو ٢.٣ مليون طفل فى إقليم تيجراى محرومون من المساعدات الإنسانية. ولـ«سكاى نيوز عربية»، أكد مسئول كبير فى معتمدية اللاجئين بمعسكر «أم راكوبة»، شرق السودان، أن العاملين فى مجال الإغاثة يواجهون صعوبات لوجستية كبيرة، وأشار إلى أن الأطفال والنساء والرجال الذين يعبرون الحدود يوميًا إلى السودان، يضطرون إلى المشى على أقدامهم لأكثر من ٤٠ كيلومترًا!.
أخيرًا، وإذ تؤكد مصر تضامنها الكامل مع السودان الشقيق وحقه فى حماية أمنه وممارسة سيادته على أراضيه، وشجبها الاعتداءات غير المبررة على قواته، فإنها، بحسب البيان الصادر صباح أمس، الخميس، عن وزارة الخارجية، تتابع بمزيد من القلق تلك التطورات الميدانية الخطيرة وتأثيرها على الأوضاع الأمنية بالمنطقة، وتؤكد على ضرورة اتخاذ جميع التدابير الممكنة لعدم تكرار وقوع مثل تلك الأحداث مستقبلًا.