رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وثيقة عمرها 50 عامًا تكشف حقيقة إخوان الشيطان «1»

د. محمد الباز يكتب: رؤية أزهرية في جرائم الجماعة الإرهابية

محمد الباز
محمد الباز

على طول تاريخه يقف الأزهر الشريف على الضفة الأخرى من الجماعة الإرهابية، حتى فى الفترات التى تسربت فيها الجماعة إلى هذا الصرح العظيم كان هناك نفور منها، بدا للجماعة أن المؤسسة العريقة خضعت لها ودانت، لكن الشواهد تقول إن هناك رفضًا كاملًا لها ولفكرها وسلوكها، ليس ممن ينتمون إلى الأزهر فقط ولكن من المصريين الذين يستكبرون أن تدنس الجماعة الإرهابية هذا الصرح الشامخ.
رأيت بعضًا من هذا فى الكتاب الذى يمكن أن نتعامل معه على أنه وثيقة تاريخية يرجع تاريخها إلى خمسين عامًا.
ما رأيكم أن نفتح معًا هذه الوثيقة؟ نتعرف على ما جاء فيها من آراء واضحة لعدد من علماء الأزهر الكبار فى جماعة الإخوان الإرهابية، نقف عند ما أرادوا أن يقولوه لنا عن الإخوان منذ خمسين عامًا، لكننا للأسف الشديد لم نستمع إليهم أو نصغى لما قالوه.
الوثيقة عبارة عن كتاب صدر كهدية مجانية مع مجلة «منبر الإسلام» الصادرة عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ولأهميته قررت المجلة أن تصدره مرتين فى شهرين متتابعين من شهور عام ١٩٦٥، والسبب كما تقول إدارة المجلة، فى النسخة التى بين أيدينا: نزولًا على رغبات القراء فى العالم الإسلامى، واستجابة لطلباتهم سواء كانت بالخطابات أو بالتليغراف أو بالمكالمات التليفونية، فقد رأت إدارة مجلة منبر الإسلام إعادة طبع كتاب «رأى الدين فى إخوان الشيطان» للمرة الثانية لنفاده، وإهدائه إلى القراء مع هذا العدد تلبية لرغباتهم.
صدر الكتاب فى العام الذى شهد انفجار قضية تنظيم سيد قطب فى وجه المجتمع المصرى، وهو التنظيم الذى خطط أفراده لتدمير القاهرة، ونسف القناطر الخيرية لنشر الفوضى والخراب والفزع فى ربوع مصر، واغتيال عدد من الشخصيات السياسية على رأسها الرئيس جمال عبدالناصر تمهيدًا للاستيلاء على الحكم.
الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات حررها عدد من العلماء والمثقفين والكُتاب كان على رأسهم شيخ الأزهر الإمام الأكبر الذى كتب مقدمة كاشفة ومعبرة عن الموقف العام من الجماعة الإرهابية.
لم يشر الكتاب إلى اسم شيخ الأزهر، اكتفى بتدوين عنوان مقاله وهو «رأى الإسلام فى مؤامرات الإجرام» موقعًا بأنه لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، والإشارة هنا واضحة، فالمقدمة المكتوبة تعبر عن رأى الأزهر كمؤسسة، وليست معبرة فقط عن شيخه بشخصه، الذى كان فى هذا الوقت هو الشيخ حسن مأمون.
المفاجأة التى لا بد أن نوثقها هنا، أن هذا الكتاب، الذى يمكننا التعامل معه على أنه من بين تراثنا الفكرى والدينى والوطنى فى آن واحد، صدر فى عام ١٩٦٥، ولم يصدر بعد ذلك أبدًا، رغم حاجة الأجيال المتتالية إليه، وهى الأجيال التى مارست جماعة الإخوان عليها عمليات غسيل مخ ممنهجة ومتتابعة، لتضم أكبر عدد من الشباب إليها، جاعلة منهم وقودًا فى معركتها الكبرى التى تسعى من خلالها للوصول إلى السلطة.
لم يكن كثيرون يعرفون بأمر هذا الكتاب، ولم يستعن به إلا قليلون جدًا فى كتاباتهم عن الجماعة الإرهابية فى سياق كشف خططها وأفكارها، لكن الجماعة الإرهابية كانت تعرف به وبخطورته عليها، ولذلك لم يكن غريبًا أن الجماعة عندما وصلت إلى الحكم أصرت على جمع نسخ هذا الكتاب المتبقية فى مكتبة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومكتبات وزارة الأوقاف وأعدمتها جميعًا.
تصرف الجماعة الإرهابية مع هذا الكتاب بهذه الطريقة يكشف لنا عن أهميته ومعرفتها بخطورته عليها، ولذلك قررت التخلص منه تمامًا، وهو ما فطنت له وزارة الأوقاف الآن، حيث تستعد لطباعته مرة أخرى، وأعتقد أنه من المهم أن يكون هذا الكتاب زادًا فى يد كل مصرى ومسلم ليعرف حقيقة الجماعة الإرهابية على هامش مؤامرة كبرى كانت تستعد لتنفيذها للاستيلاء على الحكم فى مصر من خلال الفوضى والخراب.
أهمية الكتاب فى رأيى ليست فقط فى الأفكار التى يضمها وكتبها عدد كبير من العلماء والمفكرين والباحثين، يمكننا أن نقابل منهم الشيخ عبداللطيف السبكى، والشيخ عبدالله المشد، والأستاذ أنور الجندى، والدكتور أحمد شلبى، والشيخ عبدالرحيم فرغل، والأستاذة مفيدة عبدالرحمن، والأستاذ عبدالمقصود حشاد وآخرين، وهى أفكار تصب فى صلب تفكيك ضلالات جماعة الإخوان.
ولكن الأهمية الكبرى للكتاب تتجلى أمامى فى أنه يكشف أن جماعة الإخوان الإرهابية لم تتغير، ولن تتغير أبدًا، فمنذ نشأتها فى الإسماعيلية فى ١٩٢٨ وهى تعتنق نفس الأفكار، وتخطط لنفس الخطط، وتسلك نفس السلوك، والدليل الأكبر على ذلك أننا ونحن نقرأ هذا الكتاب سنجد ما جاء فيه ينطبق على سلوك الجماعة الإرهابية الذى سلكته تمامًا بعد ثورة ٣٠ يونيو، وعندها لا تملك حيال ما تقرأ إلا أن تقول: ما أشبه الليلة بالبارحة.
ما رأيكم أن نقترب قليلًا من الكتاب الذى ستكون لنا فيه جولات من خلال حلقات تكشف أهم ما جاء فيه عن الجماعة الإرهابية وما تريده وما تخطط له، وهو ليس تاريخًا أبدًا، بل حاضرًا نعانى منه وبشدة.
ولأننا اعتدنا أن ندخل البيوت من أبوابها، والكتب من مقدماتها، فسنتوقف بكم أولًا عند المقدمة التى كتبها شيخ الأزهر الشيخ حسن مأمون.
تولى الشيخ حسن مأمون مشيخة الأزهر فى عام ١٩٦٤، وظل يباشر عمله إمامًا أكبر حتى عام ١٩٦٩، وهى سنوات، لمن يعرف تاريخ مصر جيدًا، ساخنة، حاصرتها الأحداث الجسام، ولم تكن قضية تنظيم سيد قطب الإرهابى إلا بعضًا من هذه الأحداث.
قبل أن يكتب الشيخ حسن مأمون مقدمة كتاب «رأى الدين فى إخوان الشيطان» كان قد ضمته جولة مواجهة مع سيد قطب عندما أصدر كتابه «معالم فى الطريق»، فعندما كان مفتيًا للديار المصرية، قبل توليه مشيخة الأزهر، كلف الشيخ محمد عبداللطيف السبكى، عضو هيئة كبار العلماء، بكتابة رد مفصل على ما جاء فى كتاب قطب من أكاذيب وأراجيف.
عندما نعود إلى تقرير محمد عبداللطيف السبكى يتكشف لنا صدق الأزهر ورجاله فى مواجهة سيد قطب وأفكاره.
فمن بين ما جاء فى هذا التقرير: المؤلف ينكر وجود أمة إسلامية منذ قرون كثيرة، ومعنى هذا أن عهود الإسلام الزاهرة وأئمة الإسلام وأعلام العلم فى الدين والتفسير والحديث والتفقه، وعموم الاجتهاد فى آفاق العالم الإسلامى، كانوا فى جاهلية وليسوا من الإسلام فى شىء، حتى يجىء إلى الدنيا سيد قطب.
ويفند الشيخ محمد عبداللطيف السبكى إفك سيد قطب فيما قاله من أنه «لا حاكمية إلا لله» بقوله: هى كلمة قالها الخوارج قديمًا، وهى وسيلتهم إلى ما كان منهم فى عهد الإمام على، من تشقيق الجماعة الإسلامية، وتفريق الصفوف، وهى الكلمة التى قال عنها الإمام على: إنها كلمة حق أريد بها باطل، فالمؤلف يدعو مرة إلى بعث جديد فى الرقعة الإسلامية، ثم يتوسع فيجعلها دعوة فى الدنيا كلها، وهى دعوة على يد الطليعة التى ينشدها، التى وضع كتابه هذا ليرشدها بمعالمه.
يرد الشيخ السبكى على قطب عندما قال: إن مهمتنا هى تغيير واقع المجتمع الجاهلى من أساسه، بقوله: هذه نزعة تخريبية يسميها المؤلف طريق الإسلام، وهو يجعل نفسه ممثلًا لله فى الحكم، وهذا شطط فى الخيال يجنح إلى الشذوذ عن الأوضاع الصحيحة والتطورات المعقولة، فهو يرى مجتمعًا ينشأ على يديه وعلى يد طليعته المسلمة. بمعنى وفقًا لهذه الأفكار الشاذة: أن الجهاد ضرورة لتحرير الإنسان سواء كان الوطن الإسلامى آمنًا أو مهددًا، أى أن دعوته قائمة على إشعال الحروب.. مع أن الإسلام يدعو إلى مسالمة من يسالم المسلمين.
ويضيف السبكى: دعوة سيد قطب قائمة على إشعال الحروب، مع أن الإسلام يدعو إلى مسالمة من يسالم المسلمين، لكن مؤلف معالم فى الطريق يقول: الانطلاق بالمذهب الإلهى تقوم فى وجهه عقبات مادية من سلطة الدولة ونظام المجتمع وأوضاع البيئة، وهذه كلها التى ينطلق الإسلام ليحطمها بالقوة، ولا أرى إلا أن سيد قطب سول له شيطانه أن ينعق فى الناس بهذه المزاعم ويقتادهم إلى المهالك ليظفر بأوهامه التى يحلم بها.
وفى نهاية التقرير يقول الشيخ السبكى: لقد انتهيت من كتاب «معالم فى الطريق» إلى عدة أمور:
أولًا: سيد قطب إنسان مسرف فى التشاؤم، ينظر إلى الدنيا بمنظار أسود، ويصورها كما يراها هو، أو أسوأ مما يراها.
ثانيًا: سيد قطب استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه التدين، من مطاردة الحكام، مهما يكن فى ذلك من إراقة الدماء والفتك بالأبرياء وتخريب العمران وترويع المجتمع وتصدع الأمن وإلهاب الفتن، فى صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله، وذلك هو معنى الثورة الحاكمية التى رددها فى كلامه.
وعندما تم الإيقاع بسيد قطب متورطًا فى تنظيم ١٩٦٥، أصدر الشيخ حسن مأمون الذى كان وقتها شيخًا للأزهر بيانًا مفصلًا، هو نفسه الذى أصبح مقدمة للكتاب الكاشف الذى بين أيدينا والذى نعتبره كنزًا مخفيًا فى فضح الجماعة الإرهابية.
يمكننا أن نتعامل مع هذا البيان على أنه وثيقة مؤسسة لرؤية الأزهر، ليس لجماعة الإخوان الإرهابية فقط، ولكن لنفسه ولدوره أيضًا، وهو ما يمكننا أن نبنى عليه ما الذى يجب أن يكون عليه موقف المؤسسة العريقة من هذه الجماعة المارقة أمس واليوم وغدًا، دون أن تنحرف عنه أو تحيد ولو مجرد قيد أنملة، فقد وضع الشيخ حسن مأمون لبنة مهمة فى الجدار الذى لا بد أن نقيمه بيننا وبينهم.
يبدأ الشيخ مأمون بيانه بقوله: «أيها المسلمون إن الأزهر الذى عاش عمره الطويل لفقه الإسلام والتعريف به ومدارسة القرآن والاستمداد منه، وورود الحديث الشريف والصدود عنه قد شرفه الله بثقة المسلمين جميعًا فيه، فائتمنوه على عقائدهم وحكموه فى كل ما يعن لهم من أقضية الحياة ومحدثات العصور، ولقد كرم الله المسلمين بشرف مهمته وإخلاص نيته فضموه إلى مقدسات الإسلام».
لدى الشيخ مأمون تفسير لما يقوله، فلم يبلغ الأزهر هذه المنزلة من التاريخ والناس إلا لأنه تمشى مع طبيعة الإسلام حقًا لا إكراه عليه، ووضوحًا لا خفاء فيه، وصراحة تبيت لها، وتخطيطًا لا ائتمار عليه، يجادل بالحسنى ويدعو إلى الله على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة، وبهذا المنهج القويم عاش الأزهر كما عاش الإسلام فى مناعة من صنع الله يهزآن بالأحداث ويسخران من المكائد، يضعف المسلمون ولا يضعفان، وتنكب دولهم ولا يغلبان.
يبدأ الشيخ مأمون بعد ذلك فى فض نسيج مؤامرة الإخوان، ليس على مصر فقط، ولكن على الإسلام نفسه، فيقول: ولكن أعداء الإسلام حين عز عليهم الوقوف أمامه حاولوا حرب الإسلام باسم الإسلام، فاصطنعوا الأغرار من دهماء المسلمين ونفخوا فى صغار الأحلام بغرور القول ومعسول الأمل، وألفوا لهم مسرحيات يخرجها الكفر لتمثيل الإيمان، وأمدوهم بإمكانيات الفتك وأدوات التدمير.
كانت هذه هى المؤامرة التى لم تصمد، يقول الشيخ مأمون: لكن الله قد لطف بمصر وغار على الإسلام أن يرتكب الإجرام باسمه، فأمكن منهم وهتك سترهم، وكشف سرهم ليظل الإسلام أكرم من أن يُتجر به، وأشف من أن يستتر به، وأجمل من أن يشوه بخسة غيلة، ولؤم تبييت، ووحشية تربص، ودناءة ائتمار.
من هذا البيان نفهم المهمة الوطنية التى يعرف رجال الأزهر دورهم فيها، فإذا كان القائمون على أمر هذه المنظمات- كما يقول الشيخ حسن مأمون- قد استطاعوا أن يشوهوا تعاليم الإسلام فى أفهام الناشئة، واستطاعوا أن يحملوهم بالمغريات على تغيير حقائق الإسلام تغييرًا ينقلها إلى الضد منه، وإلى النقيض من تعاليمه، فإن الأزهر لا يسعه إلا أن يصوب ضلالهم، ويردهم إلى الحق من مبادئ القرآن الكريم والسُنة المشرفة.
ويبين الشيخ حسن مأمون ضلال جماعة الإخوان ومن على شاكلتها بقوله: حين يشترط المتآمرون على الإسلام أن يكون المسلم منضمًا لجماعة خاصة تستهدف البغى وتدعو إلى التمرد، فإنهم بذلك يدخلون على الإسلام ما ليس فيه، ويحاولون أن يجعلوا لمنظماتهم قداسة، حتى يستولوا على صغار العقول وهواة التحكم والسلطة.
يفكك الشيخ حسن مأمون الفرية الكبرى التى يفترى بها الإخوان على الإسلام منذ ظهورهم، يقول: إن الإسلام الذى يتاجرون باسمه يصون حرمة المسلم فى دمه وماله وعرضه.
ويستشهد على ذلك بما جاء فى صحيح الدين، فقد قال الرسول، صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزانى، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة.
وصح عنه أيضًا أنه قال فى حجة الوداع: أى يوم هذا، قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت ثم قال: أليس يوم النحر، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم فلا ترجعن بعدى كفارًا أو ضلالًا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا فليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من يسمعه، ثم قال: ألا هل بلغت. وعن أبى هريرة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا.
يخرج الشيخ حسن مأمون مما أورده عن النبى، صلى الله عليه وسلم، بقوله: وإذا ثبت هذا فى اغتيال النفس الواحدة، فما بالك باغتيال الجماعات البريئة، وترويع الآمنين الوادعين، وإذا كان مال المسلم على المسلم حرامًا فما بالك بالاعتداء على المال العام، والمصالح المشتركة والمرافق الحيوية التى يحيا بها الوطن وتعيش عليها الأمة.
يواصل الشيخ حسن مأمون تفكيكه لضلالات وأباطيل الجماعة الإرهابية، يقول: «وإنى لأعجب أشد العجب ممن يدعى الإسلام والغيرة عليه، كيف يسوغ لنفسه أن يوالى أعداء الإسلام، وأن يأخذ منهم مقومات الفتك بالمسلمين، ويستعين بمالهم على أخوة له فى الدين والوطن والإنسانية، ألا ساء ما يدعون وبئس ما يفترون، ألم يقرأوا قول الله تعالى: ومن يتولهم منكم فإنه منهم»، ألم يقرع سمعهم قول الله: «لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ».
ينتقل بنا شيخ الأزهر إلى منطقة أخرى أعتقد أنها فى غاية الأهمية، عندما يقول: وإن عجبى ليشتد أيضًا حين يحاول أدعياء الإسلام أن يحملوا عليه بالإرهاب والتفزيع، والإسلام كما أراده الله وكما طبقه رسول الله دين الفطرة السليمة التى تبين الرشد من الغى، فليس له حاجة إلى إكراه أو إرهاب، وقد صدق الله حيث يقول: «لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى».
لا يكتفى الشيخ حسن مأمون بإيضاح ما عليه جماعة الإخوان من ضلال، وما أقدمت عليه من تآمر على الوطن والمواطن، لكنه يهمس فى أذن المسلمين جميعًا، وليس المصريين فقط، برسالة واضحة.
يقول: أيها المسلمون.. إن الاستعمار قد يئس أن يعيش فى سبيل نهضتكم فتنبهوا جيدًا إلى كيد هؤلاء وتآمرهم، حتى لا تنتكس ثورتكم وتعودوا إلى عهود التبعية والإقطاع والرأسمالية، ولا يسعنا جميعًا إلا أن نشكر الله على نجاة مصر من هول ما دبر لها وترويه ما أريد بها، وليكن شكرنا لله حزمًا نعين به الحاكمين على كل خوان أثيم، وإياكم أيها المسلمون أن تخدعوا بكلمة حق يراد بها باطل، فدينكم واضح لا ألغاز فيه، شريف لا همس به، فمن أسر إليكم فقد خدعكم ومن تخفى فى أعلامكم به فقد استحمقكم، وإن الأزهر الشريف بكلياته ومعاهده ووسائل إعلامه يلقنكم عقائد الدين كما أرادها الله صافية من تعكير الضالين، مستقيمة عن التواء المبطلين، تأخذ بيدكم إلى خير مجمع عليه، وتنجيكم من شر غير مختلف فيه، فسيروا على بركة الله راشدين مهديين، وما توفيقنا إلا بالله وهو يتولى الصالحين.