رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رؤية جديدة للحياة البرلمانية فى مصر


بإعلان الهيئة الوطنية للانتخابات اليوم عن النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية بمرحلتيها الأولى والثانية يكون مجلس النواب قد اكتمل تشكيله بشكل شبه نهائى، وبالتالى تكون الغرفتان التشريعيتان الرئيسيتان وهما مجلسا الشيوخ والنواب قد اكتملتا بالرغم من جميع الصعوبات والتحديات التى صاحبت عمليات التصويت والجولات الانتخابية وصولاً إلى ما وصلنا إليه اليوم من اكتمال الشكل الحضارى الديمقراطى الموجود فى جميع دول العالم المتقدم.
كانت هناك أصوات كثيرة تراهن على فشل عمليات الانتخابات والترشيحات، إما بسبب انتشار فيروس كورونا وما سوف يترتب عليه من إصابات ووفيات للمشاركين فى تلك العمليات... أو لاعتقادهم بإحجام الشعب عن المشاركة فى الانتخابات لعدم رضائهم عن أداء معظم نواب البرلمان الحالى.. والواقع أن الإعلام المضاد قد نجح بالفعل فى تصدير صورة سلبية عن الأداء البرلمانى فى مجلس النواب المقرر انتهاؤه فى يناير 2021 وللأسف لم يكن هناك أداء إعلامى مؤثر يواجه تلك الحملات المأجورة.
ومن هذا المنطلق بدأت جميع أجهزة الدولة تعمل على تهيئة الأجواء الصحية والأمنية لإثبات القدرة على تحدى انتشار فيروس كورونا، خاصة على ضوء ذلك النجاح الذى تحقق فى امتحانات الثانوية العامة هذا العام، حيث أثبتت الدولة وأجهزتها قدرتها على ممارسة دورها التعليمى بكل احترافية ونجاح.. واليوم نجحت أيضًا فى أن تمارس دورها بذات الكفاءة فى مجال اكتمال الإطار التشريعى للدولة فى انتخابات مجلسى الشيوخ والنواب...أما عن المشاركة الشعبية فى تلك الانتخابات فقد جاءت بشكل مقبول بصفة عامة مقارنة بانتخابات مجلسى الشعب والشورى فى 2012، سواء من حيث نسبة المشاركة، أو من حيث التنوع فى عدد الأحزاب والمستقلين الذين شاركوا فيها إذا ما قورنت بما قام به حزب الحرية والعدالة المنحل التابع لجماعة الإخوان الإرهابية الذى سعى إلى الهيمنة على كل مقاعد البرلمان فى إطار مخطط الجماعة للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية ومؤسساتها.
 ولعل فوز حزب مستقبل وطن بعدد 316 مقعدًا من أصل 596 مقعدًا، وفوز المستقلين بعدد 124 مقعدًا بخلاف المقاعد الأخرى التى حصلت عليها الأحزاب المشاركة فى القائمة الوطنية لهو دليل يؤكد ذلك الوعى الذى اصبح يتمتع به المواطن المصرى على الرغم من قوة وانتشار وامكانيات وتأثير حزب مستقبل وطن على معظم المحافظات.
من ناحية أخرى كانت النسبة المحددة لعدد الأعضاء فى القوائم التى وصلت إلى 50% أكبر ضمان ودليل على حرص مؤسسات الدولة على التمثيل العادل للمرأة والشباب وذوى الإعاقة الذين يصعب عليهم خوض الانتخابات كمستقلين وبالتالى تكون فرص تمثيلهم البرلمانى شبه منعدمة.. وفى ذات الوقت أعطت العديد من الأحزاب قبلة الحياة لممارسة نشاطهم الحزبى والتشريعى رغم قلة إمكانياتهم مقارنة بحزب الأغلبية.
ثم نأتى إلى أكثر المشاهد التى لفتت انتباهى واحترامى للقيادة السياسية فيما تم اتباعه عند اختيار الأعضاء المعينين فى مجلس الشيوخ .. فبالرغم من أن الدستور أعطى رئيس الجمهورية الحق فى تعيين ثلث عدد أعضاء المجلس فإن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان حريصًا على إرساء مبدأ العدالة والشفافية فى تلك العملية ولم يستأثر بها، بل قام بإشراك كل المؤسسات المصرية الوطنية فى ترشيح من تراهم مناسبين، ولتعبر عن الاتجاهات المختلفة التى ولا شك سوف تثرى ذلك الدور الذى سوف يضطلع به مجلس الشيوخ.. بل إن الأمر وصل إلى الحد الذى تم فيه الإعلان فى كل وسائل الإعلام عن الشخصيات التى تم اختيارها ضمن قائمة المعينين والجهات التى قامت باختيارهم وهو ما يمثل قمة الشفافية والوضوح.
وعند استعراض أسماء وطبيعة عمل وخبرات تلك المجموعة وجدنا أنها تمثل مختلف الشرائح والاتجاهات التى بلا شك سوف يكون لها دور فى التعبير عن أفكار وتوجهات الجهات التى قامت باختيارهم.
وأغلب الظن أن هذا الاتجاه هو ما سوف تتم مراعاته فى الأعضاء الذين سوف يتم تعيينهم فى مجلس النواب الجديد على الرغم من أن نسبة هؤلاء لن تزيد على 5% من عدد أعضاء البرلمان مقارنة بمن تم تعيينهم فى مجلس الشيوخ. ومن هذا المنطلق فإننى أرى أنه من المحتمل أن يتم  تعيين عدد من  الإخوة المسيحيين وذوى الإعاقة وبعض الشخصيات القانونية والعامة من الفنانين والرياضيين والمثقفين فى مجلس النواب على ضوء ما تلاحظ أن نسبة مشاركة هؤلاء كانت محدودة فيما تم اختيارهم فى القائمة الموحدة وبطبيعة الحال أيضًا فى الانتخابات الفردية.
لدى قناعة كبيرة بأن مجلسى الشيوخ والنواب بتلك التشكيلة والتركيبة التى تم انتخابها والاستقرار عليها سيكون لها دور كبير فى تحريك العملية التشريعية بوتيرة أسرع وأكثر تأثيرًا على حركة الحياة السياسية والتنفيذية فى مصر التى تشهد كل يوم تطورات إيجابية جديدة على كل الأصعدة وفى مختلف المجالات الداخلية والخارجية.