رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانتخابات البرلمانية تنتصر رغم كورونا.. وآمال عريضة مع البرلمان الجديد


شهدنا علي مدي شهرين تقريبًا عرسًا ديمقراطيًا في بلدنا شهد عليه العالم أجمع، وأخيرًا انتهت الانتخابات البرلمانية علي خير وفي أمان وسلام لكل المصريين، ولم تشُبها سلبيات صغيرة لم تخل بالمشهد الديمقراطي المصري المحترم أمام العالم بمنظومته الانتخابية المتكاملة وسط ظروف بالغة الصعوبة وأيضًا استثنائية في ظل انتشار فيروس كورونا. 

ولأنني ممن يحرصون علي أداء واجبهم الوطني، فقد كنت حريصة جدًا علي الذهاب للجنتي بالجيزة للإدلاء بصوتي، وعندما توجهت إلي اللجنة، كان لي عدة ملاحظات سريعة وفقًا لمشاهداتي الحية للعملية الانتخابية، منها:

أولًا: إن الدولة المصرية استطاعت أن تنتصر علي فيروس كورونا بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، ولم تلجأ لتأجيلها تحت أي ظرف مثل العديد من الدول، مع حرص الأجهزة المعنية بتوفير كل الإجراءات الاحترازية للوقاية من انتشاره هذا الفيروس الخطير، ووفرت كل المتطلبات الضرورية واللازمة من: القضاة المحترمين الذين قاموا بمجهود هائل للإشراف علي الانتخابات، والتي أجريت علي مرحلتين، ثم الإعادة بالجولتين في النتائج التي لم تحسم في المرحلة الأولي أو الثانية.

ثانيًا: تمت الانتخابات البرلمانية في أمان وسلاسة من قِبل رجال الشرطة الذين كانوا يتولون الإجراءات الأمنية لتأمين اللجان، والذين حرصوا علي تسهيل إجراءات التصويت للناخبين بما فيهم مساعدة كبار السن، فقد توجهت بشخصي قرب المغرب مرتدية الكمامة  للوقاية من كورونا إلي لجنتي، ولم أكن أعرف مقرها بالتحديد، حيث كانت في مدرسة ابتدائية بمحافظة الجيزة لم يسبق لي رؤيتها، وكعادة  المصريين الذين ما زال الكثيرون منهم، والحمد لله يتحلون بالشهامة، فقد دلني علي مقر المدرسة بعض المتطوعين لإنجاح هذا العرس على مكان التصويت دون عناء، وفي الطريق، وجدت خيمة خارج المدرسة من أجل تنظيم طوابير الناخبين.

ثالثًا: شاهدت رجال الأمن منتشرين في كل مكان لتأمين هذه اللجان، مما كان- بالنسبة لنا مشهدًا مطمئنًا- وبكل أمانة، لقد تميز ضابط الشرطة الموجود بالمكان ومساعدي في أداء عملهم على أكمل وجه ممكن،  كما رأيت منهم حسن التعامل والهدوء والكياسة في مساعدة الناخبين والناخبات، ثم في داخل المدرسة الابتدائية التي تم تجديدها بالكامل، اصطحبني موظف متطوع إلي الدور الأول (مكان لجنتي) حيث كان يوجد مشرفين من رجال القضاء للإشراف علي سير العملية الانتخابية بشكل قانوني سليم، كما كان يوجد أيضًا بعض مندوبي المرشحين، والحمد والشكر لله تعالي، انتهيت سريعًا من أداء مهمتي، حيث لم يستغرق الإدلاء بصوتي سوي ثواني معدودة.

بعدها انصرفت، ورأيت إقبالًا من الناخبات اللاتي وقفن في  طابور ملتزم بتطبيق كل الإجراءات الوقائية بين الناخبات اللاتي ارتدي بعضهن الكمامة، والبعض الآخر حرص المشرفون علي الانتخابات علي لفت نظرهن لضرورة ارتدائها، وما لفت نظري بشدة هو وجود المرأة المصرية بهذه بكثافة من كل الأعمار، وكان لافتًا للنظر بشكل خاص، وجود عدد كبير من الشابات في تلك الانتخابات، كما التقيت هناك ببعض ربات البيوت، والأمهات اللاتي جئن بعد صلاة المغرب عقب انتهائهن من أعمالهن وواجباتهن المنزلية، وأجريت معهن دردشة سريعة، ووجدت أنه من المؤكد أن المرأة المصرية أصبح لديها الوعي الكامل للقيام بدورها الوطني، وحرصها الشديد على ضرورة الإدلاء بصوتها، وأن مصر لن تعود للوراء بأي شكل من الأشكال.

كما لاحظت أيضًا عددًا لافتًا للنظر من الناخبين الشباب الذين حرصوا هم أيضًا علي أداء واجبهم الوطني، جنبًا إلي جانب بحوار كبار السن من الناخبين، وهكذا تمت الانتخابات البرلمانية بتعاون كل أجهزه الدولة وخلفها شعبها الواعي الأبي الذين تحدوا الفيروس الملعون، وانتصروا عليه.

ورابعًا: إن الشعب المصري أيضًا قد انتصر للانتخابات البرلمانية- كما أشرنا- ولم يمنعه فيروس كورونا من أداء واجبه الوطني رغم خطورة الظرف من اختيار مرشحيه، وهذا يعود- بالطبع- إلي الآمال العريضة لدي المواطن المصري والمواطنة المصرية في تحقيق آمالهم في حياة أفضل، وفي مستقبل أفضل لبلدنا، وأيضًا في تشريعات جديدة  وخدمات جديدة تضاف إلي منظومه التقدم والتنمية التي يقودها رئيسنا الوطني عبدالفتاح السيسي، ولا أكون مغالية إذا قلت إن الإنجازات الهائلة والكثيرة التي تحدث علي أرض الواقع في كل الاتجاهات، كانت من العوامل التي دفعت الناخبين إلي الإدلاء بأصواتهم لاستكمال منظومه البناء والتنمية والتقدم للأمام.

ورغم انتشار فيروس كورونا القاتل، ورغم انتشار الشائعات والأكاذيب من جانب المغرضين والمشككين والعملاء والظلاميين، إلا أن كل هذا لم ينجح في وقف تيار التقدم بمصر للأمام، ولم يمنع الناخبين والناخبات من المشاركة في عرسهم الديمقراطي المشرف، والذي شهده العالم أجمع، كما شهده بذلك مراقبو المنظمات الدولية الذين أقروا بنزاهة تلك الانتخابات من خلال المشاركة الإيجابية من جانب الناخبين، وكذلك عملية التنظيم الفعالة والملحوظة من جانب الدولة المصرية.

خامسًا: إن هناك جهدًا كبيرًا قامت به الأحزاب جميعها، وبخاصة الأحزاب الوطنية التي تشكلت في السنوات الأخيرة، والتي ننتظر منها دورًا كبيرًا في الحياة السياسية، وفي الممارسة الديمقراطية داخل البرلمان الجديد، ورعاية مصالح المواطنين الذين انتخبوهم في دوائرهم، ليسنوا لهم تشريعات جديدة تتقدم بنا نحو الأفضل.

سادسًا: إن تشكيل القوائم الانتخابية كان يضم عدة اتجاهات سياسية، مما يعزز الممارسة الديمقراطية، كما أدي هذا التشكيل إلي ارتفاع نسبة مشاركة المرأة بكل قائمة، حيث تم تخصيص ربع عدد القائمة للمرأة،  بل وتجاوز الربع في بعضها.

سابعًا: لا شك أن هذا البرلمان سيضم  أكبر عدد من النائبات في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية منذ نشأتها في نوفمبر سنه ١٨٦٦، والذي سيتجاوز ١٥٠ نائبة وربما يتجاوز ذلك بعد تعيينات السيد الرئيس، مما يجعلنا نطالب النائبات أن تقمن بدور فعال وملحوظ وشجاع، أكبر من دورهن في البرلمان السابق لرعاية مصالح المواطنين والمواطنات، كما ننتظر منهن دعمًا أكبر للقوانين التي تخص مساواة المرأة، والعدالة وتكافؤ الفرص وتغليظ القوانين حول آفات اجتماعيه خطيرة موجودة، وجرائم عنف ظهرت بالمجتمع في السنوات الأخيرة، ومنها: التحرش، والاغتصاب وآفة المخدرات، وبث الفتاوي المتشددة التي تحض علي الكراهية وتكفير الغير، وإصدار تشريعات جديدة وضرورية وملحة لمناهضة العنف ضد المرأة، وفي إصلاح ثغرات في قوانين الأحوال الشخصية الحالية، وتحقيق العدالة الناجزة.

بقي لنا الحديث عن تعيينات السيد الرئيس في هذا البرلمان للقوة الناعمة، إننا نعقد الآمال علي  تعيينات السيد الرئيس في البرلمان الجديد، لتكون بنفس مقاييس وإيجابية النسبة المختارة في مجلس الشيوخ، حيث حدد قانون مجلس النواب ضوابط تعيين الأعضاء الجدد بموجب قرار يصدر عن رئيس الجمهورية، يخول له تعيين نسبة من إجمالي عدد الأعضاء المنتخبين، فتنص المادة ١٠٢ في فقرتها الأخيرة علي أنه "يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء بمجلس النواب لا يزيد على نسبة ٥٪، ويحدد القانون كيفية ترشيحهم من: المؤسسات، والجامعات، والنقابات، وكلنا أمل في اختيار السيد الرئيس الداعم دائمًا وأبدًا للمرأة ذات الكفاءة والتفوق في مختلف المجالات، وبنسبة تتجاوز نصف المعينين، وبالتأكيد سيقع اختيار التعيين على شخصيات مشهود لها بالكفاءة والوطنية من القوة الناعمة لتشمل: المثقفين، والمفكرين، والإعلاميين الذين يمكنهم تقديم أفكار تنهض بالمجتمع المصري وتتصدي للأفكار المتطرفة، والمتشددة التي تواصل بث سمومها الفكرية المتخلفة والرامية إلي تدمير المجتمع، كما تواصل نشر الشائعات المغرضة والتشويه المتعمد للمجتمع والدولة، وتبث الفتن وتزرع التطرف، وأيضًا فإنني أتطلع إلي تعيين سيدات أو شابات من أسر الشهداء الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حماية وانتصار الوطن.  
أخيرًا.. إن لدينا آمالًا كبيرة في أن يتمكن البرلمان الجديد، بنسائه ورجاله من سن تشريعات جديدة، تمكننا من التقدم بخطوات سريعة نحو الرفاهية وتحسين نوعية الحياة وتطوير ثقافة المجتمع في المستقبل القريب، وتمكننا من التصدي للسلبيات والتيارات المتطرفة والارهاب والآفات الاجتماعية المستجدة علينا، وتقديم خدمات أفضل للمواطنين والمواطنات، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي نأمل أن تنهض ببلدنا الحبيبة، وتضمن مستوي معيشة أفضل لنا وللجميع.