رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من القديسة لويسا إلى صابرين.. حكاية شفعاء الأكفّاء

صابرين
صابرين

«تحمل عيونها العسلية على طبق تقدمها قربانًا لعفتها» جمل خرجت من مسحيي الغرب والشرق على حد سواء بعد تداول صورة لفتاة ترتدي فستانًا ذهبيًا ورداء أحمر، تتكأ على عصاها لتعرف الطريق، ممسكة بوعاء تري فيه عيناها.

لويس أو القديسة لويسا، ألقاب لاحقت إحدى الفتيات في الثاني عشر من ديسمبر بالقرن الثالث الميلادي في صقلية تذلك المدينة القديمة جنوب إيطاليا، مسيحية تربت في أجواء التعبدية منعتها أن تنصاع لرغبة الحاكم في الوقوع بالزنا، بعد أن أعجب بعينيها، فأختارت العمى عن ارتكاب الخطيئة، وأقتلعت عيناها أملًا في ألا تدركها يد الحكام بسكاسيوس، لكنه عذبها بالنيران، وضرب عنقها بالسيف حتى جز رأسها، وبعد عذاب رحلت لروحها لبارئها، لتصبح بعد ذلك شفيعة المكفوفين وضعاف البصر.

لم تكن لويس آخر شفيعة للأكفاء في إلى جوارها تتربع صابرين محمد، خريجة كلية الخدمة الاجتماعية، إحدى أبناء مدينة بلطيم، محافظة كفر الشيخ، التي قررت أن تقف حائلًا في وجه الحياة محاولة رفع ضغطها عن المكفوفين أمثالها.

كرست لويس القرن الحادي والعشرين حياتها للعمل في جمعية نور البصيرة، بعد أن فقدت بصرها خلال استذكارها لعدد من الدروس في فترة الثانوية العامة، في البداية وجدت الأزمة في عينها اليسرى عقب ظهور حساسية شديدة فيها، واعتمادها على اليمنى سريعًا، لتفقد سريعًا كل الألوان بريقها في مقلتيها وتتحول الحياتها اللون الداكن، عقب إنفصال الشبكية وفشل عمليتها على يد أحد الأطباء.

"فاقد الشيء يعطيه"، كلمات دلفت على لسان صابرين خلال حديثها لـ "الدستور" خلال سرد قصتها مع جمعية نور البصيرة التي قررت أن تحولها لمشروع حياتها من أجل توفير حياة آمنة للأكفاء بشكل خاص، وذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام.

أوضحت أن تعليمهم القراءة والكتابة والحاسب الآلي من أهم الأهداف التي تسعى إليها الجمعية بألا يوجد كفيف غير قادر عن جني قوت يومه، أو توفير مصدر رزق له:" نفسي الناس تبطل نظرة الشفقة للمكفوفين".

تابعت رئيس مجلس إدارة الدار نور أن الجمعية لها مركزين، الأول بشارع عمر بن الخطاب، بجوار مدرسة الفنون، حي العمرانية، بالجيزة، والثاني بطريق المصيف خلف مدرسة رزق حمامو، عمارة الدكتور علاء فتحي، بلطيم، مشهرة برقم 5264 لعام 2014، في الأول يقبل على تعليم طريقة برايل، في المركز الأول حوالي مائتي، الثاني عشرين طالب فقط، كما يكفل وسيلة مواصلات ذهابًا، إيابًا.

اختتمت قائلة إن أهدافها التي بنيت عليها الجمعية تتلخص في دمج المكفوفين من خلال تدريبهم وتأهيلهم لمواجهة شتى جوانب الحياة، تقديم خدمات علمية لذوي الإعاقات البصرية، إعداد كوادر يمكن للوطن الاعتماد عليها، مساعدة فاقدي البصر على مواكبة سوق العمل، إتاحة فرص تعليمية متكافئة، توفير تعليم برايل مجاني للمكفوفين.