رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دخلوا القاهرة تحت اسم «أسماك مملحة».. كل تفاصيل المومياوات الفرعونية

الدكتور شريف شعبان
الدكتور شريف شعبان

ستشهد مصر ومعها العالم كله حدث فريد من نوعه، وهو عملية نقل مومياوات لملوك وملكات مصر القديمة في موكب مهيب يبدأ من المتحف المصري بالتحرير إلى مستقرهم الجديد بمتحف الحضارة بالفسطاط.

وهو الأمر الذي جعل لغطًا كبيرًا ينتشر عبر السوشيال ميديا، فمن رواد هذه المواقع من ناقش الزي الذي سيرتديه مرافقوا الموكب، مؤكدين أنه مسروق من أغنية أجنبية شهيرة، ومنهم ما ينتقد فكرة نقل المومياوات ويعتبرها إهانة، وإن الأمر غير حضاري والكثير من اللغط.

"الدستور" تواصلت مع الدكتور شريف شعبان محاضر تاريخ الفنون بجامعة القاهرة، ومسئول النشر بمركز المعلومات بوزارة السياحة والآثار والذي قال: "لمن يرى أن موكب نقل مومياوات ملوك مصر القديمة إهانة لهم بعد وفاتهم بعد أن كانوا مكرمين في عصرهم، أود الإشارة إلى أن مومياوات الملوك والملكات قد تعرضت أيام مصر القديمة نفسها لحملات هتك وسرقة وإتلاف، إما بدافع الانتقام أو سرقة التمائم والكنوز المخفية بين لفائف المومياء مع انهيار الدولة الحديثة وخاصة في الفترة ما بين عهدي رمسيس التاسع إلى رمسيس الحادي عشر، حيث عانت الدولة من فقر كبير وانتشار الفساد والجوع بين أفراد الشعب، وهو ما دفع الكهنة لتهريب مومياوات الملوك بعيدًا عن مقابرهم ونقلهم في خبايا مثل خبيئة الدير البحري DB 320 والخبيئة KV 35.

وأضاف شعبان لـ"الدستور": "كان اكتشاف تلك الخبايا حدثًا غاية في الأهمية لما لتلك المومياوات الملكية من مكانة عظيمة، مثل خبيئة الدير البحري DB320 التي اكتشفت بمحض الصدفة على يد عائلة عبد الرسول في أواخر القرن التاسع عشر تحديدًا 1871م، تلك العائلة التي تخصصت في سرقة الآثار، وقاموا، ودخلوا المقبرة 3 مرات فقط طلة عشر سنوات لإخراج تلك الكنوز لبيعها في سوق التحف. وبعد اكتشاف أمر السرقة في أسواق الآثار الأوروبية واختلاف أفراد العائلة فيما بينهم، أرشد محمد عبد الرسول السلطات المصرية آنذاك فتحرك وفد قادم من القاهرة إلى الأقصر وتم نقل المومياوات والقطع الثمينة على متن قارب تملكه مصلحة الآثار إلى القاهرة، بينما شعر أهالي القرية بالحزن لرؤية أجدادهم وهم يغادرون، واصطفوا على ضفاف النيل حزنا عليهم وهم يبحرون، وهو ما صوره المخرج الكبير شادي عبد السلام باتقان كبير في فيلم "المومياء: يوم تحصى السنين" إنتاج 1960.

ومن الطريف في الأمر أنه بعد رحلة ثلاثة ومع وصول القارب إلى العاصمة، استوقفه مفتش الجمارك لتفتيشه، فلم يجد فئة مناسبة لتسجيل المومياوات في سجلاته، وعندما شرح له ولرئيسه أنهم جثث تم حفظها باستخدام الملح، اتفقوا على أن ملوك وملكات مصر القديمة يمكن أن يدخلوا القاهرة باعتبارهم "أسماك مملحة".

وتابع: "بعد عدة سنوات من وصول المجموعة الأولى من المومياوات الملكية، تم اتخاذ القرار بنقل جميع الآثار، بما في ذلك المومياوات الملكية، إلى أحد قصور إسماعيل باشا في الجيزة، حيث بقيت المومياوات هناك وانضمت إليها مومياوات KV 35، حتى عام 1902، عندما تم افتتاح المتحف المصري في التحرير. ومع ذلك لم يتم عرضها حتى عام 1958، عندما تم بناء امتداد جديد للمتحف، مما يسمح بعرضها في قاعة واحدة.

وأكد شعبان: "أما في عام 1980 فقد أمر الرئيس السادات بإغلاق قاعة المومياء وانفتح باب النقاش حول ما إذا كان يجب عودة المومياوات إلى مقابرهم أو البقاء في المتحف مع تغطية وجوههم للحفاظ على جلال فكرة الموت وحرمة الميت. ثم أعيد فتح القاعة في عام 1989 بإضاءة أفضل وعرض أكثر حداثة، وتم تجديدها مرة أخرى في عام 2002، في ذلك الوقت تم فتح قاعة ثانية بحيث يمكن فصل المومياوات الملكية عن غير الملكية.

وفي الأخير قال: "الآن سيتم عرض المومياوات بأسلوب متطور يليق بهم ويناسب أحدث مستويات العرض المتحفي، مع التوابيت التي عثر عليهم بها والمنحوتات التي تمثلهم في حياتهم الأولى، مصحوبة بمعلومات عن التحنيط في مصر القديمة وبطاقات شرح لسرد قصة كل مومياء ونتائج عمليات الكشف عنها بالأشعة المقطعية واختبارات الحمض النووي، وهي رسالة قوية للعالم أننا المصريون الجدد نحترم حضارة مصر القديمة أكتر من مصر القديمة نفسها!.