رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيكابالا والعقل العنصرى


فى حقيقة الأمر إننى لست من هواة كرة القدم ولا أتابعها إلا فيما ندر، وبالطبع فلست أهلاويًا ولا زملكاويًا، وغالبًا لا أعرف أسماء أى أندية أخرى غيرهما. ولكننى أصبت بالاستياء الشديد بعد متابعتى الجدل الواسع الذى أُثير عبر مواقع التواصل الاجتماعى بعد تداول بعض الرواد مقطع فيديو يرصد جانبًا من احتفال جماهير النادى الأهلى بلقب دورى أبطال إفريقيا على حساب الزمالك، إذ ظهر بعض أنصار النادى الأهلى وهم يسيئون لقائد الزمالك محمود عبدالرازق شيكابالا.
وتم تداول فيديو لعدد من الجماهير وهم يحملون كلبًا أسود اللون ويسيئون بألفاظ قبيحة ضد شيكابالا.
وما حدث هو نوع من التفرقة العنصرية على أساس اللون تستوجب المحاكمة.
تم تعريف العنصرية، حسب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى، على أنها أى تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومى، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة للاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، فى الميدان السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى أو الثقافى أو فى أى ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.
والعنصرية اسم مؤنث مصدرها العنصر، أى الأصل والحسب، والعنصرية فى اللغة هى مذهب يفرِّق بين الأجناس والشعوب حسب أصولها وألوانها، ويُرتِّب على هذه التفرقة حقوقًا ومزايا، ومهما تعددت التعريفات ومهما كان نوع أو شكل التمييز أو الأسس المبنى عليها، نجد من التعريف أن التمييز يكون على أسس وأحكام مسبقة، ويشير إلى ممارسات تتم من خلالها معاملة مجموعة معينة من الناس بشكل مختلف، ويتم تبرير هذه المعاملة باللجوء إلى التعميمات المبنية على الصورة النمطية، ويمكن القول إنها مجموعة من السلوكيات صادرة عن أشخاص أو جماعة لاعتقادهم أنهم أفضل ويتفوقون على غيرهم، لأى سبب يفيد التفريق والتمييز، لتحقيق أهدافهم ومطالبهم على حساب غيرهم، فيتعدون على حقوق الآخر، وهذا يعارض مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين البشر.
وفى حقيقة الأمر، إن التفرقة العنصرية لا تنبع من البشرة بل من العقل البشرى، وبالتالى فإن الحل للتمييز العنصرى والنفور من الآخر وسائر مظاهر عدم المساواة يتمثل فى، أولًا، وقبل كل شىء، أن تُعالج الأوهام العقلية التى أفرزت مفاهيم زائفة، على مر آلاف السنين، عن تفوق جنس على آخر من الأجناس البشرية.. ففى جذور هذا التعصب العرقى تقبع الفكرة الخاطئة بأن الجنس البشرى مكون من حيث الأساس من أجناس منفصلة وطبقات متعددة، وأن هذه الجماعات البشرية المختلفة تتمتع بكفاءات عقلية وأخلاقية وبدنية متفاوتة تستوجب أنماطًا مختلفة من التعامل.
والحقيقة أنه لا يوجد سوى جنس بشرى واحد، مهما تعددت الألوان والأديان والأعراق والجنسيات، فنحن شعب واحد يسكن كوكبًا واحدًا.. نحن أسرة بشرية مرتبطة بمصير مشترك ومرهونة بأن «تكون كنفس واحدة». إن الاعتراف بهذه الحقيقة هو الترياق الأمثل لمرض العنصرية والخوف من الآخر ولسائر مظاهر التفرقة، فمتى يَعى العنصريون فى كل مكان هذه الحقيقة؟!