رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لعن الله من يُوقظها


مع كل نجاح تحققه الدولة المصرية داخليًا أو خارجيًا أصبحنا نتوقع حملات شرسة ومسعورة يتفنن خلالها أعداء الوطن لإحداث حالة من التشكيك أو التفكيك داخل المجتمع المصرى.
وفى هذا الإطار، شهدت الأيام الماضية بعضًا من هذه الوقائع والمحاولات التى تسعى لتنفيذ حملات ممنهجة فى هذا التوقيت تحديدًا، اعتقادًا من القائمين بها أن ذلك سوف يتسبب فى إحراج الدولة أو الضغط عليها لتحقيق مكتسبات أو وجود لهم بشكل أكثر تأثيرًا وفاعلية، لإثبات الوجود على ساحة الأحداث فى البلاد.
كان من أبرز تلك المحاولات ذلك اللقاء الذى عُقد بمقر «منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالقاهرة»، الذى حضره ٩ سفراء من دول الاتحاد الأوروبى، ومعهم ٤ دبلوماسيين آخرين، واستغرق اللقاء عدة ساعات.
وقام أعضاء المنظمة بعرض صورة سلبية عن الأوضاع الداخلية فى البلاد من خلال معلومات مغلوطة، مستخدمين فى ذلك تلك العناوين البراقة والعبارات الزائفة التى تتغنى بها المنظمة عن انتهاك حقوق الإنسان فى مصر، وهى فى الحقيقة تهدف إلى تشويه صورة الدولة، وإثارة المجتمع المصرى تحت ستار الدفاع عن الحريات، وعرض الأفكار التى تتبناها تلك المنظمة لتطبيقها داخل المجتمع المصرى، ومعظمها يتعلق بقضايا حقوق الأقليات، والمطالبة بتعديل أحكام المواريث للمسيحيين، وبعدم دستورية مواد ازدراء الأديان، وإعادة النظر فى أساليب مواجهة الإرهاب والتعامل مع جماعة الإخوان الإرهابية، وإلغاء عقوبة الإعدام ومناصرة الإباحية فى صورة الحرية الشخصية، وغيرها من القضايا الجدلية التى تؤكد أن هوية المنظمة وفكرها مدعومان من الخارج ولها أهداف عدائية ضد الدولة المصرية.
الغريب فى الأمر أنه بالرغم من أن معظم ما تنادى به تلك المنظمة يخالف الشرائع الدينية، فإنها شاركت حركة الإخوان الإرهابية، التى تدّعى أن الإسلام هو الحل، فى أحداث يناير ٢٠١١، واستمرت على ذلك الدعم حتى أسقطها الشعب المصرى، وهنا تحرك القائمون عليها للعمل تحت ستار تعزيز وحماية الحقوق والحريات الأساسية فى مصر، والتعامل مع العديد من الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية وكذلك الدول التى تسعى إلى إرباك الأوضاع الداخلية فى مصر، وعلى رأسها تركيا، وقطر وهما الداعمتان الرئيسيتان لتلك المنظمة ماديًا ولوجستيًا.
بطبيعة الحال كان لا بد لأجهزة الأمن المصرية أن تتحرك لمواجهة تلك الأنشطة المشبوهة، وتقديم المسئولين عن هذه المنظمة للقضاء، بحسبان أن ما حدث من استضافة سفراء عدة دول أجنبية داخل مقر المنظمة وعرض أخبار كاذبة عليهم تسىء للبلاد هى جريمة يعاقب عليها القانون المصرى، الذى يُحرّم الاتصال بجهات خارجية أو الحصول على تمويلات مالية من الخارج دون موافقة الجهات المعنية.
وما إن تم القبض على عدد من العاملين المصريين فى هذه المنظمة، حتى انتفضت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإنجلترا وألمانيا وعدة دول أخرى للمطالبة بالإفراج عن هؤلاء المتهمين، بادعاء أن ذلك يتعارض مع حقوق الإنسان فى مصر، مع العلم أن هناك نحو ٤٨ ألف منظمة تعمل فى هذا المجال، بالإضافة إلى مجالات التنمية وحقوق المرأة، وجميعها يعمل بكامل حريته، ويقوم بمهام كبيرة تستفيد منها أعداد كبيرة من أبناء مصر فى جميع المحافظات، بل إن هناك التزامًا من الحكومة بالتعاون معها ومنحها مجالات أوسع وضمانات قانونية بهدف تحسين مجالات العمل الحقوقى والمجتمع المدنى.
وهنا أتساءل:
- ماذا تعنى زيارة ١٣ دبلوماسيًا أجنبيًا مقر تلك المنظمة فى تجاوز واضح لحدود مهامهم الدبلوماسية؟
- ما موقف الدول الغربية، التى تصر على إبداء انتقادات على أوضاعنا الداخلية تجاه الأخطار التى إذا تعرضت هى نفسها لها، فإنها تواجه ذلك بكل جبروت وعنف دون النظر إلى أى اعتبارات إنسانية، وهو ما شهدناه مؤخرًا فى فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، حتى ولو كان ذلك على سبيل الاشتباه؟
- هل سوف يؤدى وصول الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى سلطة الحكم هناك إلى استخدام هذا الملف بنفس الآلية التى كانت تُستخدم فى عهد الرئيس الأسبق أوباما عندما كان نائبًا له، والتى ترتبت عليها مساعدة أعضاء الإخوان فى الوصول إلى الحكم والتغاضى عن جرائمهم وعدوانهم الجسيم على حقوق المواطن المصرى البسيط؟
إن التحديات التى تواجهها مصر بشأن محاولات الاستفزاز والابتزاز التى تقوم بها مثل تلك المنظمات المشبوهة لا تقل فى أهميتها وخطورتها عن التحديات التى تحاول إيقاف مسيرة البناء والتنمية والاستقرار، وتطبيق القانون على كل من تسول له نفسه الإساءة للوطن أو خيانته أو العمل لحساب منظمات ودول وأجهزة أجنبية.
ومن هنا، فإن لنا كل الحق فى العمل على استقرار الدولة المصرية والحفاظ على المكتسبات التى تتحقق على أرض الواقع يوميًا ونجاحات السياسة الخارجية للبلاد، خاصة فيما يتعلق بدول الجوار وأيضًا الحفاظ على علاقات متوازنة مع دول العالم المختلفة، وهذا الحق يفرض على رجال الدولة والمثقفين ورجال الدين واجب القيام بدورهم التوعوى باستمرار بل وإلحاح، حتى يوقن الشعب المصرى أنه مستهدف من الداخل وأيضًا من الخارج من خلال جماعات وعناصر مشبوهة وممولة لهدم استقرار الدولة المصرية وأنه يجب أن يكون مدركًا تلك المحاولات وأن يساعد على إجهاضها أولًا بأول حتى يتحقق له العيش فى أمن وسلام وصولًا إلى حاضر مستقر ومستقبل أفضل بإذن الله.
وتحيا مصر.