رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بركات كار: 6500 عضو من حزب الشعوب فى السجن بسبب انتقاد سياسة الحكم

بركات كار
بركات كار

توقع المحلل السياسى والقيادى بحزب الشعوب الديمقراطى التركى، بركات كار، أن تشهد بلاده انتخابات مبكرة قد تطيح بالرئيس الحالى، رجب طيب أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية من سدة الحكم، بسبب تردى وسوء الأوضاع الاقتصادية، مع الإصرار على التدخل فى شئون دول منطقة الشرق الأوسط، وتأجيج النزاعات العسكرية التى تعصف باستقرار المنطقة.
وقال «كار» إن ٦ آلاف و٥٠٠ عضو من حزب «الشعوب» المعارض يقبعون فى سجون «أردوغان» بتهم معلبة من نوعية دعم أو الانتماء لحزب العمل الكردستانى المحظور فى تركيا، مؤكدًا فشل الحكومة ورئيسها فى احتواء أزمة فيروس كورونا على المستويين الصحى والاقتصادى.


■ ما تعليقك على حملة الاعتقالات التى نفذتها السلطات التركية ضد الأكراد ورؤساء بعض الأحزاب والبلديات مؤخرًا؟
- عمر قضية الأكراد فى تركيا أكثر من ١٠٠ عام، وإلى الآن لا يوجد أى نظام عالج هذه القضية واعترف بحقوق الأكراد، على الرغم من أنهم يشكلون ٢٠ مليون إنسان فى تركيا، ويعانون من التمييز حتى أمام القانون، هناك دائمًا فارق فى التعامل بين المواطن الكردى والأقليات الأخرى مقارنة بالتركى.
للأسف الشديد هذه الانتهاكات لم تبدأ مؤخرًا، فهى بدأت منذ تأسيس الدولة التركية ولا تزال مستمرة حتى الآن ضد الشعب الكردى وقوميته، وفى العهد الحالى لحكومة «العدالة والتنمية» زادت هذه الانتهاكات، ومنذ التسعينيات توجد اغتيالات منظمة لشخصيات بتهمة الانتماء لحزب العمال الكردستانى المحظور فى البلاد، هذا الاتهام للأسف الشديد كان السبب وراء استمرار حملات الاعتقالات والاغتيالات فى جميع أنحاء تركيا.
عقب وصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم، تم الاعتراف كلاميًا من خلال خطاب لـ«أردوغان»، بأنه توجد قضية كردية، وأعلن عن أنه مستعد لحل هذه القضية، وعقب مرور ١٠ سنوات من حكمه، أى فى عام ٢٠١٣، انتخب وعين نحو ٦٥ شخصية مثقفة صحفية مرموقة للتشاور والاستطلاع فى جميع أنحاء تركيا، وسمى هذا المسار بـ«مسار السلام لحل القضية الكردية»، واستمر لسنتين وخلالهما توقفت الاغتيالات.
هذا التطور المهم لقى دعمًا كبيرًا من جميع فئات الشعب التركى، ولكن بعد انتخابات ٢٠١٥، تحديدًا فى ٧ يونيو، نجح حزب الشعوب الديمقراطى بـ٨٠ نائبًا فى البرلمان، ولاحظ «أردوغان» أن هذا العدد هو أعظم نجاح لحزب الشعوب الديمقراطى، الذى أسقط حكومة الطاغية ومنعه من تشكيل حكومة واضطر لتشكيل حكومة ائتلافية، وبالطبع لجأ «أردوغان» إلى إلغاء الانتخابات وبعد شهرين أجرى انتخابات مرة أخرى فى أول نوفمبر.
وبدأت عمليات القمع والمداهمات والاعتقالات والتفجيرات فى كل تركيا خلال هذين الشهرين، وكان الشىء البارز أن جماعة الإخوان ومجموعات من تنظيم داعش الإرهابى هى التى كانت تقوم بدفع من قوى وجهات غير معلنة أو معروفة بتنفيذ التفجيرات.
وحاول «أردوغان» بشتى الطرق أن يردع حزب الشعوب، وأن يكبح تقدمه السياسى، وأن يقوض من فرصه فى دخول البرلمان أو على الأقل إيقاف تطوره، وبالفعل نجح فى ذلك وتراجع نصيب الحزب من مقاعد البرلمان إلى ٦٨ نائبًا بعد أن وصل لـ٨٠، قبل هذا التاريخ.
واستمر «أردوغان» فى سياسته الرامية لإفشال جهود حزب «الشعوب» إلى أن بلغ حجم قاعدة المصوتين للحزب إلى ٦ ملايين ونصف المليون فقط، ورغم ذلك استطاع الحزب المحافظة على تمثيله فى البرلمان.
وفى ٢٠١٧ وعقب الاستفتاء على التعديلات الدستورية التى منحت سلطات أوسع لـ«أردوغان» عادت المداهمات والملاحقات الأمنية مرة أخرى ضد الأكراد بذريعة الانتماء لحزب العمال الكردستانى.
هذه التهمة الجاهزة والمعلبة تستخدمها السلطات لاعتقال المعارضين، حتى البارزين أمثال صلاح الدين دمرداش وجان يوسيكداغ والعشرات من أعضاء وقيادات حزب الشعوب.
كما نفذت السلطات حملة اعتقالات ضد عدد من رؤساء البلديات المنتمين للحزب وعددهم ٦٥، جرى إقالة ٥٥ منهم إلى الآن بقرارات مركزية، وتراجع التمثيل البرلمانى للحزب من ٦٨ نائبًا إلى ٥٨ عقب إسقاط حصانة ١٠ واعتقال بعضهم وإجبار بعضهم على مغادرة البلاد. النظام الحكومى الرئاسى الذى يتزعمه «أردوغان» أقصى البرلمان عن الحياة السياسية، ويتدخل فى قرارات مجلس القضاء الأعلى، فتدار تركيا بأوامر حصرية من «أردوغان» فقط.
وكنت شاهد عيان على تلك الانتهاكات والاعتداءات فى كل المناطق، كونى أحد أعضاء حزب الشعوب وكاتبًا صحفيًا دائم التجول فى جميع أنحاء تركيا، أراقب المحاكم التى يديرها رجال السياسة البعيدة كل البعد عن القانون والعدل.
تعرضت شخصيًا للاعتقال بالتهم نفسها رغم أننى من أصول عربية وتوجهى اشتراكى وأنتمى لحزب رسمى شرعى له ممثلون فى البرلمان هو حزب الشعوب.
■ ما مصير المعتقلين فى السجون التركية؟
- وصل عدد أعضاء حزب الشعوب الديمقراطى المعتقلين فى السجون التركية إلى ٦٥٠٠ عضو، وعمليات الاعتقال المستمرة لن تثنينا عن مواصلة كفاحنا السلمى لكشف هذا النظام المستبد.
فى تقديرى الفرج قريب، لا يمكن استمرار هذا النظام الرأسمالى المرتبط بالإمبريالية التى تخطط للسيطرة على شعوب الشرق الأوسط، وعلى رأسها الشعوب العربية والمنطقة كلها بدعم مرتزقتها فى تركيا وداخل الأراضى السورية.
■ ما السبب الحقيقى وراء تفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية فى تركيا؟ وهل لتدخلات أنقرة فى ليبيا وأذربيجان دور فى ذلك؟
- الوضع الاقتصادى المتدهور الذى تشهده تركيا ليس جديدًا، والحقيقة أن السبب وراء هذا الوضع هو اتباع سياسات ليست لها أى علاقة بالقوانين الاقتصادية العالمية المتعارف عليها.
أريد أن أعطيكم مثالًا لذلك يشير إلى حجم المأساة، فالحد الأدنى من الأجور هو ٢٣٢٠ ليرة، بينما قفز خط الفقر إلى ٢٥٢١ ليرة، إضافة إلى ١٢ مليون عاطل عن العمل، فى ظل فشل مؤكد لإدارة أزمة جائحة كورونا على المستويين الاقتصادى والصحى، حيث تصدرت تركيا قائمة الدول الموبوءة التى تفشى فيها الفيروس وقتل وأصاب عشرات الآلاف.
أصبحت الأزمة الاقتصادية خانقة ومتعمقة فى جذور المجتمع والخروج منها أصبح مستحيلًا مع وجود هذا النظام، لأن الأزمة فى الأصل هى أزمة نظام وليس فقط أزمة عابرة يمكن تجاوزها بأى قرارات أو إقالات.
تحتاج تركيا إلى تعديل أو إصلاحات عامة تشمل كل الحياة ليس فقط مسألة الاقتصاد لأنه لا توجد عدالة حقيقية، ومال الشعب أصبح غنيمة للقصر ينفقه على الأمن والتسليح.
وقد كشفت النقاشات بشأن ميزانية ٢٠٢١ هذه الحقائق، بإعلان أن ميزانية وزارة الدفاع تعادل ميزانية ١٠ وزارات خدمية، وهذا يعنى أن تركيا ماضية فى تدخلاتها الخارجية فى سوريا والعراق وليبيا وأذربيجان، ومؤخرًا تتجه إلى أبواب قبرص، وكلها أمور كما يقال فى المثل العربى «تزيد الطين بلة».
وأنا أرى استحالة استمرار هذا، يستحيل أن تبقى تركيا رهينة فى يد حزب العدالة والتنمية إلى ٢٠٢٣، وأتوقع أن نشهد انتخابات مبكرة لا محالة.
■ كيف تنظر لبيع أردوغان ١٠٪ من أسهم بورصة إسطنبول إلى قطر؟
- بيع أسهم الصندوق السيادى الذى يملك بورصة إسطنبول وغيرها من الأصول الوطنية، مثل الحديقة الكبيرة، إلى قطر، والمساهمات التى دخلت فى الكثير من المشروعات التى سميت «المشروعات الجنونية»- غير مبرر أو مفهوم.
تحتاج تركيا الآن إلى أموال نتيجة التراجع المستمر لليرة أمام الدولار الأمريكى، وبعد أن جرى تفريغ خزانة البنك المركزى من العملات الأجنبية.
لجأت أنقرة إلى الدوحة لتنقذها وراحت تبيعها الأراضى الاستراتيجية، مثل أراضى مضيق إسطنبول التى سمعنا أن الشيخة موزة والدة أمير قطر تملك آلاف الكيلومترات حول قناة إسطنبول.
واللافت أن جميع الصفقات التجارية وعمليات الاستثمار لا تتم إلا من خلال قطر، لا يوجد أى توظيف لأموال أجنبية أوروبية أو العكس، وكأنه أمر حصرى لقطر، وهذا يُفاقم من الأزمة.