رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فاكهة

جريدة الدستور


الشارع المعبّأ بضجيج المركبات ودخان سجائر الشباب، والأرصفة المزروعة بصور الشهداء المرصوفة صفًا واحدًا كأنهم فى حفلة تخرجهم من الكليات.
فكهانى افترش رصيف السابلة منشغلاً بترتيب بضاعته، امرأة تقف قرب إشارات المرور مبتسمة تعمتر السواد، مطعم اكتظ بزبائنه وبعضهم يتطلعون ناظرين المرأة التى تقف عند الإشارة، فيما تعاود الرصيف مرارًا دون استيعاب السر وراء محاولاتها فى العبور بين الشارع والرصيف.
اشتد الزحام وكأن الأصوات التى تطلقها السيارات أزيز رصاص منبعث من بنادق مقاتلين فى معركة.. صوت بائع الماء المتجول ينادى على بضاعته، بينما يتنقّل من سيارة إلى أخرى كأنه عصفور يحط من حائط إلى حبل غسيل على سطوح المنازل.
الصراخ ارتفع من إحدى السيارات، بدأ الركاب بالنزول مسرعين مرتعبين.. أحدهم أسرع راكضًا وهو يلتفت وراءه لاهثًا خائفًا أن يلحق به أحدهم، وكانت أنفاسه تتقطّع، النسوة بدأن بالصراخ، والسيدة تنظرهم بترقب وخوف مرددة، «محد يشيلها بس إلركبها» بنى تعال وانظر ما الذى حل بهم الآن، خطواتهم تركض وتهزّ الأرض تحتهم مسرعين لدخول المطعم المملوء بالزبائن.. شرع الناس مهرولين لدخول المحلات على جانبى الطريق، بدا الشارع فارغًا إلا من تلك السيدة التى اشترت الفاكهة ووضعتها قرب جدارية الشهداء المرفوعة إلى أعلى البناية، هاتفة بصوت ولهفة:
«يمة جبتلكم الفاكهة نزلوا تغدوا»