رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تحقق: لمن تكون الولاية التعليمية في حال الانفصال؟

الانفصال
الانفصال

سارة بسيوني، سيدة ثلاثينية من محافظة القاهرة، اضطرت بعد زواجها للانتقال مع زوجها إلى محافظة القليوبية، لكن لم تسر حياتها الزوجية كما كانت تحلم ووصل الأمر إلى الانفصال دون طلاق، فعادت إلى أحضان والدتها وحملت أطفالها في كنفها، وأعمارهم 11 و8 و6 سنوات، لم تكن هنا الأزمة، بل إنها ظهرت حينما أرادت الأم نقل أبنائها إلى مكان إقامتها الحالي، وعندما ذهبت إلى مدرستهم "مصر الحديثة"، في قليوب التابعة لمحافظة القليوبية لسحب ملفاتهم رفضت المدرسة تسليمها، مستندين إلى أن الولاية التعليمية للأب، وأنها لا بد أن تعطيهم ما يثبت الطلاق ونقل الولاية التعليمية لها.

الولاية التعليمية هي حق تمثيل الطفل وإدارة شؤونه التعليمية مثل تقديم أو سحب ملفه من مدرسته قبل بلوغه سن 15 سنة وهذه الولاية تثبت للولي الطبيعي وهو الأب، عند عدم وجود خلافات زوجية، لكنها تؤول إلى الحاضنة بقوة القانون.

"الدستور" تفتح ملف الولاية التعليمية، التي تقضي بأن تكون للحاضن وهو الأب، وذلك بناءً على المادة رقم 54 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدلة بالقانون 126 لسنة 2008، وعند الخلافات تؤول للأم، وهو ما تخالفه عدد من المدارس إذا لم يتم الطلاق الرسمي بين الزوجين لتحصل الأم على حق الولاية، وذلك بالمخالفة أيضًا لقرار وزير التربية والتعليم رقم 29 لسنة 2017 بموجبه تكون الولاية التعليمية فى حال الطلاق للأم الحاضنة بدون حكم قضائي.

تقول "بسيوني"، في حديثها مع "الدستور"، أنها رغم إرفاقها أوراق تثبت رفعها قضايا نفقة وطلاق وتم رفضها، كما رفعت قضية إثبات حضانة، لكن المدرسة أيضًا رفضت طلبها بسحب ملفات الأطفال، فكانت النتيجة ترك طفلين بالمدرسة، والطفلة الثالثة حاولت التقديم لها فتم الرفض أيضًا، مشددين على ضرورة حضور الأب، فاضطرت لتقديم شكوى في المركز القومي للطفل والمركز القومي للمرأة منذ عام، وأبلغوها أنهم سيتم التواصل مع الأب لحل الموضوع بشكل ودي، لكن ضاعت السنة الدراسية على الأولاد والأب رفض أيضًا.

وعادت الأم لمحاولاتها المضنية لسحب ملفات الأطفال لما فيه من إرهاق لها ولهم للذهاب من محافظة لأخرى من أجل المدرسة، لكن إدارة المدرسة رفضت مجددًا، حتى بعد أن عرضت عليهم تسديد مصروفات المدرسة، أكدوا لها أن هذا لن يفيد وأن الأب فقط من يحق له استلام أوراق الأطفال، وتابعت بصوت غاضب قائلة: "لازم يكون في حل والمعروف إن الأم دايمًا هي اللي شايلة أولادها ف ليه التعنت دا!".

واختتمت قائلة: أهل الأب أخرجوا أنفسهم من القصة رغم أنهم على علم بأن الأب يتهرب من رعاية أبنائه، "احنا مليون زوجة متعلقة لا احنا محصلين مطلقات ولا متزوجات والطفل هو اللي تايه بينهم.. والقانون اللي ميحميش الأقليات يبقى ضعيف".

نورا: ظهرت ورقة الولاية التعليمية فالتحقت طفلتي بالمدرسة
نورا السيد، سيدة أخرى من محافظة أسيوط، تروي أنها ذهبت لتقديم أوراق ابنتها، صاحبة الـ6 أعوام، في المدرسة، لكنها فوجئت بالرفض خاصة بعد أن طلبت المدرسة صورة بطاقة الأب أو صورة من حكم الولاية التعليمية لها، ولم تلبي الأم ندائهم، لأن الأب قام بتطليقها ثم اختفت آثاره، بالتالي لا يوجد أي وسيلة تواصل معه.

واضطرت الأم إلى تقديم طلب إلى المحكمة بحق الحصول على الولاية التعليمية للطفلة، واستغرق الطلب شهرًا حتى يتم استصداره، وكانت الورقة التي أنقذت الطفلة من عدم الذهاب للتعليم، فبمجرد إظهارها للمدرسة وافقت على إلحاق الطفلة بها، معلقة: "عشان ياخدوا الورق جبت تأشيرة من المحافظ لحين صدور حكم المحكمة".

وبلهجة غاضبة، تابعت "السيد"، حديثها مع "الدستور"، أن هذا القانون يجب أن يتم تعديله، لما فيه من ضرر وتعسف في الإجراءات، وزيادة في الوقت وضغط على الأم، ما الداعي أن يتم وضع عراقيل للأم المطلقة لإدخال طفلها المدرسة وتولي رعايته، فكل الأمهات هن المعنيات بمسئولية الأطفال والأب في كثير من الأحيان لا يكترث لأمرهم، "إيه اللي يخليني أنا كولية أمر أروح أقدم للبنت يتحطلي حاجات تعجيزية واضطر أجيب تأشيرة محافظة واستنى حكم المحكمة، كل ذنبي اتجوزت راجل مش مسؤول رمالي طفلة وسابها، وكان عقاب ليا اتحمل كل دا".

ميسا: يجب أن تكون الولاية للأم ويكفيها قضايا الطلاق
قصتنا الأخيرة كانت مع ميسا سمير، سيدة من محافظة القليوبية، تتذكر معنا أنها في السنة الأولى للطفلة عند تحويل أوراقها اعترضت مدرسة الطفلة وسأل مديرها عن بطاقة الأب، فأعطته صورة منها لكنها كانت منتهية، فاعترض لأنه يريد البطاقة الأصلية، فأخبرته بانفصالي عن زوجي فطلب مني ورقة ولاية تعليمية، وفي وقتها ذهبت إلى المحكمة فانتهت أوراقي في وقتها ولم أستغرق وقتًا في استخراجها بدون أي رسوم، كل ما فعلته أن كتبت أني الأم المسئولة عن الطفلة، ثم تم تحديد ميعاد جلسة لاستيفاء الأوراق، ولا وقت محدد لعملها وليس شرطًا وقت دخول المدارس.

واختتمت "سمير"، حديثها مع "الدستور"، أنه من الأفضل أن تكون الولاية للأم مباشرة حتى سن التخرج، لأن الأم يكون لديها كثير من الضغوطات والمسئوليات في المحاكم والقضايا التي يتم رفعها من قبل بعض الأزواج عند وصول الأمر بينهما إلى الطلاق، مشيرة إلى أن طفليها عانت معهما في قصة الولاية التعليمية، وأعمارهم 4 و7 سنوات.

محامي أحوال شخصية: الولاية التعليمية للأم دون قرار قضائي
بعد عرضنا لتلك القصص قمنا بالحديث مع المحامي نعيم محمد، المتخصص في الأحوال الشخصية، قال إن الولاية التعليمية هي أمر ولائي تلجأ له بعض الزوجات خصوصًا بعد الانفصال كي يحق لها نقل أطفالها من مدرسة لأخرى والإشراف التعليمي عليهم، أيضًا حضور مجلس الأمناء، وخلافه، ويمكنها استخراج تلك الورقة قبل دخول المدرسة بشهر، فالإجراءات لا تأخذ أكثر من شهر، حيث تقدم طلب في محكمة الأسرة لتأخذ أمر ولائي.

وأكد "محمد"، في حديثه مع "الدستور"، أن الولاية التعليمية تكون للأب في حالة إن الزوجة على ذمته، لكن عند الانفصال ووجود الأوراق التي تثبت ذلك فإن لها حق الولاية طالما معها الحضانة، لذا تطلب المدارس الأب في حالة وجود خلافات بين الزوجين، وفي الأصل الولاية التعليمية للأم دون الحاجة لصدور أمر قضائي طبقًا لقرار وزير التربية والتعليم عام 2017، ومن السهل إثبات ذلك بوثيقة طلاق عند الطلاق أو وجود منازعات قضائية بينها وبين زوجها مثل إقامة دعوى طلاق أو خلع أو نفقة زوجية أو نفقة صغار.

برلمانية: شكاوى الولاية التعليمية لا تنتهي
أكدت النائبة رشا إسماعيل، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بالبرلمان، تلقى الكثير من الشكاوى المتعلقة بالولاية التعليمية، والتي لابد أن تكون للحاضن ممثلة في الأم، خاصة وأن أحيانًا هي التي تنفق، في حالات بعض الآباء الذين لا ينفقون على أبنائهم، لافتة إلى أن هناك قطاع كبير من الأمهات مطلقات، وهناك بعض من الآباء لا يدفعون مصروفات النفقة، مما يجعل الأب هو المتحكم في ولاية أبنائه، مما يعتبر ظلم.

وتابعت "إسماعيل"، في تصريحات لها، أن هناك بعض الحالات نجد أن الأب والأم ميسوري الحال، إلا أنهما يفتعلون مشاكل بالنسبة للولاية التعليمية للطفل، نكاية في بعضهم البعض ليس أكثر.