رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بشهادة الأزهر.. مفتى الجمهورية: «الإخوان» أحيت مفاهيم «الخوارج»

مفتى الجمهورية
مفتى الجمهورية

شدد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، على أن مشروع جماعة الإخوان الإرهابية سقط دينيًّا وقيميًّا وأخلاقيًّا منذ بداية نشأته، بسبب قيامه على أسس واهية ومفاهيم خاطئة وتصورات باطلة، وبالتالى «ما بنى على باطل فهو باطل».

واستعرض المفتى، فى بيان أمس، شهادات علماء الأزهر فى «الإخوان»، التى أكد جميعها أنها تنظيم يسير على منهج «الخوارج»، ويتبنى هدم الدول وإشاعة الفوضى.

أسلوب سيد قطب استفزازى يهيج المشاعر الدينية لدى البسطاء ويكفر الأمة
قال مفتى الجمهورية إن الشیخ محمد عبداللطیف السبكى، عضو هيئة كبار العلماء فى الأزهر، استشعر خطر «الإخوان» برؤية ثاقبة ومستشرفة للمستقبل، عند نقده كتاب «معالم فى الطریق»، لمؤلفه سید قطب، عام ١٩٦٥، وتفنيده لما جاء فيه تفنيدًا علميًّا بعقل أزهرى متفتح، بناءً على طلب من شیخ الأزهر وقتها، الشیخ حسن مأمون، الذى أسند إلیه مراجعة وكتابة تقریر عن مضمون الكتاب.
وأورد المفتى مقتطفات من تقرير الشيخ «السبكى»، جاء فيها أنه «لأول نظرة فى الكتاب یدرك القارئ أن موضوعه الدعوة إلى الإسلام، ولكن أسلوبه استفزازى، یفاجئ القارئ بما یهیِّج مشاعره الدینیة، خاصة إذا كان من الشباب أو البسطاء، الذین یندفعون فى غیر رویة إلى دعوة الداعى باسم الدین، ویتقبَّلون ما یوحى إليهم من أحداث، ویحسبون أنها دعوة الحق الخالصة لوجه الله، وأن الأخذ بها سبیل إلى الجنة».

وأضاف المفتى أن الشيخ «السبكى» لم يَعُدّ سيد قطب من العلماء أو الفقهاء ولا المجتهدين، بل نعته بالمؤلف، ما يدلل على رأيه فيه صراحة وبوضوح، قائلًا: «لم يختلف سيد قطب عن معاصريه من أمثاله، فقد نفى الإسلام عن الأمة، وكذلك غيَّب حسن البنا الإسلام عن الأمة، وقد طرحا العنف والتدمير كحل للصدام مع المجتمع ومع الدولة، وهو ما تحقق لاحقًا، ما يدلل على كذب زعمهم بتبنى السلمية، ولم يختلفا عن سابقيهما من الخوارج فى الصدام والتكفير والعداء للمسلمين، بل إن جماعة الإخوان أحيت مفاهيم وأفكار جماعات الخوارج الأول، ولكن بشكل أكثر تعقيدًا وأخطر تركيبًا».
وذكر أن الشيخ «السبكى» استنكر إنكار سيد قطب ونفيه وجود «أمة إسلامیة» منذ قرون كثیرة، قائلًا ومتعجبًا: «وهذا يعنى أن عهود الإسلام الزاهرة، وأئمة الإسلام، وأعلام العلم والمجتهدين كانوا فى جاهلیة، ولیسوا من الإسلام فى شىء، على حسب زعم سيد قطب».
كما عرض شهادة الشیخ جاد الحق على جاد الحق، شيخ الأزهر الأسبق، فى كتابه «بیان للناس من الأزهر الشریف»، التى ذكر فيها: «ثم ظهرت فى العشرینيات من القرن العشرين حركة تنادى بوجوب الاستغناء عن القوانین الوضعیة والعودة إلى القوانین الإسلامیة بحكم أننا دولة إسلامیة، وأن تاریخنا الطویل منذ عهد الفراعنة ورسالة إدریس علیه السلام یقوم على الدین، وأن حضارتنا فى جمیع عصورها مصبوغة بصبغة دینیة، إلى جانب أننا كبشر لا یصح أن نستغنى عن هدایة الله بهدایة غیر الله تمسكًا بالمادة الأولى فى دستور الحیاة البشریة یوم أن أهبط الله آدم إلى الأرض».
وواصل الشيخ جاد الحق فى شهادته: «وكان من أثر هذا الفكر انحراف فى السلوك أدى إلى قتل واغتیال وتخریب وفتنة راح ضحیتها أبریاء، نسجل للتاریخ بعض هذه الأحداث، أهمها: اغتیال رئیس الوزراء محمود فهمى النقراشى فى ١٩٤٨م، ومحاولة اغتیال جمال عبدالناصر سنة ١٩٥٤م وغيرهما».
وعرض المفتى أيضًا شهادة الشيخ عبدالله دراز، التى أعلنها فى كلمة للإذاعة، سنة ١٩٥٤، بعنوان: «الإسلام دين توحيد ووحدة وسلام وأمان»، وأيد فيها تمامًا ما جاء فى قرار هيئة كبار العلماء فى رفض انحرافات الجماعة.
ونقل المفتى فحوى شهادة الشيخ «دراز»، التى جاء فيها: «من المثير للعجب والدهشة أن بعض شيوخ حسن البنا نصحوه بعدم تأسيس جماعة الإخوان، وهو الشیخ الأزهرى الجلیل السید عبدالوهاب الحصافى، شیخ الطریقة الحصافیة، التى كان البنا واحدًا منها».
وعلق المفتى على الشهادة قائلًا: «الشيخ الحصافى هو أول من نصح البنا بعدم المضى فیما مضى فیه من إنشاء جماعة الإخوان، وأن البنا مع ثقته بعلم الرجل وعقله وإخلاصه وورعه وتقواه رفض النصیحة، واستمر فى تأسیس الجماعة، حتى اعترف البنا بذلك قائلًا: واستمرت صلتنا على أحسن حال بشیخنا السید عبدالوهاب حتى أنشئت جمعیات الإخوان المسلمین وانتشرت، وكان له فیها رأى، ولنا فیها رأى، وانحاز كل إلى رأیه، وما زلنا نحفظ للسید الشيخ الحصافى- جزاه الله عنا خیرًا- أجمل ما یحفظ مرید محب مخلص لشیخ عالم عامل تقى، نصح فأخلص النصیحة، وأرشد فأحسن الإرشاد».

نرى دلائل قوية على قرب نهاية الجماعة.. وشعبيتها تلاشت بفضل الوعى

قال المفتى إن هناك أكثر من عالم ومجتهد وفقيه وصفوا «الإخوان» بـ«الخوارج»، مضيفًا: «لم نكن أول من وصفهم بذلك، بل جاز لنا أن نطلقها عليهم بارتياح».
ونقل عن الشيخ أحمد شاكر شهادته عن «الإخوان»، التى وصفهم فيها بـ«الخوارج»، قائلًا: «روعوا العالم الإسلامى والعالم العربى، بل كثیرًا من الأقطار غیرهما باغتیال الرجل.. الرجل بمعنى الكلمة النقراشى الشهید- غفر الله له، وألحقه بالصدیقین والشهداء والصالحین- وقد سبقت ذلك أحداث قدم بعضها للقضاء، وقال فیه كلمته، وما أنا الآن بصدد نقد الأحكام، ولكنى كنت أقرأ كما یقرأ غیرى الكلام فى الجرائم السیاسیة، وأتساءل: أنحن فى بلد فیه مسلمون؟ وقد رأیت أن واجبًا علىَّ أن أبیِّن هذا الأمر من الوجهة الإسلامیة الصحیحة، حتى لا یكون هناك عذر لمعتذر، ولعل الله یهدى بعض هؤلاء الخوارج المجرمین فیرجعوا إلى دینهم قبل ألا یكون سبیل إلى الرجوع، وما ندرى من ذا بعد النقراشى فى قائمة هؤلاء الناس».
وشدد المفتى على أن تجديد الخطاب الدينى الرشيد يصب فى مصلحة حماية الأوطان من «الإخوان»، ويشمل الفتوى الرشيدة والعلم الرشيد وتصحيح المسار وتصحيح المفاهيم المغلوطة عند هؤلاء «الإخوان».
وأضاف: «نرى الدلائل والبراهين القوية على قرب نهاية الإخوان، ويعزز هذا ما يوجد لدينا من رصيد علمى كبير فى الرد عليهم، حتى إن شعبيتهم تقترب من التلاشى برغم دعواتهم المتكررة، ما يدل على وعى المجتمعات بخطرهم وعدم الالتفات لأوهامهم».
وتابع: «لقد تحولت ظاهرة التأسلم السياسى من دعوة تدَّعى أنها إسلامية، تدعو إلى إحياء شعائر الإسلام فى نفوس الناس، والدعوةِ إلى التمسك بالقيم الإسلامية ومكارم الأخلاق الكريمة، إلى كارثة أو كابوس مزعج للأمة الإسلامية، بل للعالم بأسره».
وأضاف: «التأسلم السياسى هو الاستغلال السياسى والسيئ للإسلام للوصول إلى أغراض معينة فى الماضى والحاضر بداية من عصر الخوارج إلى عصر الإخوان الآن».
وبيَّن أنه «بغض النظر عن الظروف التى نشأت فيها هذه الحركات السياسية التى استغلت الدين استغلالًا خاطئًا، فقد فشلت فشلًا ذريعًا نتيجة سوء مذهبها ومنهجها، وسقط مشروعهم دينيًّا وقيميًّا وأخلاقيًّا منذ بداية نشأته، والسبب فى ذلك أنه قام على أسس واهية، ومفاهيم خاطئة، وتصورات باطلة، وما بنى على باطل فهو باطل».
وشدد على أن مقاصد الشريعة التى يتوجب الحفاظ عليها لا تتم إلا من خلال الدولة والوطن، فإذا سقطت الدول سقط الحفاظ على هذه المقاصد، مضيفًا: «إن المواجهة الفكرية المتمثلة فى العلم الرشيد وكذلك المواجهة الأمنية ضد أعداء الوطن يسيران جنبًا إلى جنب، فبينهما تكامل وتوافق، وهذا ما عبَّر عنه قديمًا سيدنا ابن عباس عندما ذهب لمناقشة الخوارج فيما يتبنونه من أفكار، فقال لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار «وهو ما يعنى العلم الرشيد»، ومن عند ابن عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم وصهره «الذى يمثل رأس الدولة والسلطة»، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون.