رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رغم فشلها.. الوفاق الليبية تستعين بـ تركيا

جريدة الدستور

كشفت مصادر مطلعة عن محاولة كل من تركيا وحكومة فايز السراج، الموالية لها في طرابلس، لإيجاد بديل لتسليح الميليشيات لكن من داخل الأراضي الليبية، وذلك بعد التضييق على السلاح التركي المتجه من أنقرة إلى غرب ليبيا.

وكان وزير الدفاع في حكومة السراج، صلاح النمروش، أعلن الأربعاء الماضى، عن نيته تطوير المجمعات الصناعية العسكرية الليبية بيد الخبراء العسكريين الأتراك، وأنه ينظر للشريك التركي باهتمام وسيتم دراسة العروض المقدمة من جانبهم أثناء زيارته التي قام بها لجهاز التصنيع الحربي بصحبة رئيس أركان حكومة الصخيرات محمد الحداد لمصنعي السبيعة الـ47 جنوب العاصمة طرابلس.

جاء تصريح "النمروش" بالرغم من كشف العديد من التقارير الأوروبية والصحف الخليجية وحتى التركية مؤخرًا وهم ما يسمى بالصناعات الدفاعية التركية المتطورة.

وتأتي تلك الخطوة بعد اعتراض فرقاطة ألمانية تابعة لمهمة البحرية الأوروبية المعنية بوقف توريد السلاح إلى ليبيا إيريني، سفينة تركية كانت متجهة إلى ليبيا وتفتيشها، وذلك في بداية الأسبوع الجاري.

ووصف المراقبون بطرابلس تلك الخطوة بأنها تأكيد على تبعية حكومة الصخيرات لتركيا أولًا، وعلى عزم تركيا استمرار تدخلها في الداخل الليبي وتثبيت نفوذها ثانيًا، وعلى سعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لنسف كل المساعي الدولية لإنهاء الحرب في ليبيا ثالثًا.

من جانبه، قال الباحث السياسي حسين مفتاح إن تركيا منذ عدة أشهر وهي تبحث لها عن سوق جديدة لتصدير أسلحتها، في ظل ما تعانيه من خناق اقتصادي بالداخل، وورطة عسكرية بعد توقف أغلب الدول الغربية عن توريد محركات وأجزاء من السلاح التركي، وهنا لم تجد تركيا أفضل من حكومة الوفاق لها في كل المواقف، بحسب وصفه.

وتابع مفتاح في تصريحات صحفية: "كيف لعاقل يسلم مجمعات جهاز التصنيع الحربي التي عفا الزمن على كل ما فيها من أدوات ومعدات للأتراك، الذين يعتمدون على كل ما لديهم في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية والتسليح على التكنولوجيا الأطلسية، دون أن يكون للأتراك أي يد في تصنيع تلك المعدات والمحركات والآلات العسكرية المعقدة واكتفائهم بإطلاق المسميات العثمانية على الأسلحة الغربية بعد شرائها، وفقًا لفضائية سكاى نيوز عربية.

وأوضح "مفتاح" أن تركيا تترقب عقوبات أوروبية منتظرة في ظل مقاطعة عربية شعبية واسعة لكل ما هو منتج تركي وتتمدد يومًا بعد يوم، وهو ما سيمثل كارثة على مستقبل الاقتصاد التركي الذي يعاني منذ فترة من تخبط شديد بسبب الهبوط المستمر لليرة أمام الدولار، وحينها لن يكن أمام أردوغان سوى طريقين لإنقاذ نفسه أولا قبل إنقاذ بلاده.

وتابع مفتاح: "الطريق الأول هو جلب المزيد من المليارات من صناديق قطر السيادية، وهو ما يفسر سر زيارة أمير قطر لتركيا أمس الخميس، والطريق الثاني ابتزاز حكومة الوفاق ومصرف ليبيا المركزي كما هو معتاد".

وفى السياق، قال الخبير السياسي مصطفى الشارف إن صلاح النمروش يقدم هدية جديدة لتركيا، مضيفًا أن النمروش يفعل ذلك لهدفين الأول لضمان استمرار الدعم العسكري التركي لميليشيات حكومة الوفاق سواء بالسلاح أو المرتزقة، في ظل ما يقوم به الجيش الوطني الليبي من استعدادات ومناورات وتدريبات متتالية والهدف الثاني لضمان دعم تركيا له شخصيًا في المستقبل في ظل استعداد ليبيا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة وتغيير جذري للمشهد السياسي، فالنمروش شأنه شأن كل فرد بحكومة الصخيرات.

وتابع الشارف: "النمروش في صراع خفي مع باقي أفراد حكومة الصخيرات، التي صار الشغل الشاغل لكل أعضائها هو البحث عن كيفية بقائهم بمناصبهم بالمستقبل، في ظل ما يدور بالحوار السياسي الليبي لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وكيان جديد لدمج كل مؤسسات الدولة".

وأضاف الشارف أن النمروش الذي لا يتمتع بعلاقات دولية واسعة كحال باقي أعضاء حكومة الوفاق لم يجد إلا الأتراك كي يلجأ لهم ويقدم لهم أوراق اعتماده حتى لو كانت على حساب سكان غرب ليبيا والأمن القومي الليبي نفسه، وهم من يتعاملون مع النمروش وباقي العسكريين في حكومة الوفاق كموظفين درجة ثالثة في أي جهة تركية، وليس كوزير دفاع بدولة أخرى، وفقًا لفضائية سكاى نيوز عربية.

فيما أكد المحلل السياسي محمد الزايدي، أن ما قام به النمروش خلال تفقده المجمعات الصناعية العسكرية يؤكد أن من يحكم طرابلس والغرب الليبي ليس حكومة الوفاق ولا أي عضو بها، بل أردوغان، وأن الغرب الليبي أسير الميليشيات والمرتزقة الموالين لتركيا، بعد أن صار الغرب الليبي السوق الوحيدة لبيع السلاح التركي.

وأضاف "الزايدي"، أن كل التحركات التركية الأخيرة والتي جاءت عبر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، أو وزير الدفاع خلوصي أكار أو من مدير مخابرات أردوغان هاكان فيدان كلها لتثبيت الاحتلال التركي على غرب ليبيا، وفرضه كأمر واقع على الليبيين والمجتمع الدولي، ولم يكن يتحقق ذلك لتركيا لولا وجود النمروش وأمثاله في حكومة فاقدة للشرعية ومنتهية الصلاحية.

وأكد "الزايدى"، أن أردوغان لن يتراجع عن طموحه التوسعي لأسباب عديدة، أبرزها الوضع الاقتصادي الداخلي في تركيا، وهو مطالب بتعديل ذلك الوضع المتأزم بأي ثمن، وكانت تنحيه صهره بيرات البيرق من وزارة المالية، ومن قبله محافظ البنك المركزي التركي خير مثال، كما أنه من الطبيعي أن تزداد أطماع أردوغان في ليبيا في ظل وجود حكومة فرضت على ليبيا من الخارج ولم تأت عبر انتخابات شعبية.

وتابع "الزايدي": "لذلك صار نظام حزب العدالة والتنمية النظام الحاكم في تركيا منذ 2003 لا يستطيع أن يكمل مسيرته على عرش الدولة التركية دون الدخول في صدامات مع كل من يعارضه في الداخل، والدخول في نزاعات وحروب مع كل الأطراف الخارجية".

وشدد الزايدى على أن الموقف الأوروبي الآن تجاه تركيا بشأن ليبيا هو انعكاس واضح لسياسات أردوغان الكارثية في الخارج، ورهاناته الخاطئة في الداخل، مستدركًا "الأن أغلب حلفاء تركيا في الاتحاد الأوروبي ينقلبون عليه شيئا فشيئا، ولم يعد هناك حلفاء لأردوغان في الإقليم سوى قطر وحكومة الميليشيات بطرابلس، وهو الآن يحلب صناديق قطر السيادية بيد ويسرق قوت الشعب الليبي وأموال المصرف المركزي باليد الأخرى".