رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عليك بالقرآن».. كواليس حوار نادر مع البابا شنودة يذاع لأول مرة

البابا شنودة
البابا شنودة

التقى سمير صبري مع قداسة البابا شنودة قدس الله روحه، وحكى كيف كان اللقاء بينهما في الكاتدرائية، كان هذا هو أول حوار للتلفزيون المصري مع البابا المتنيّح شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية.

حين جاء البابا قبّل صبري يده، وكان متوترًا لدرجة أن البابا بدأ الحديث:"فيه حاجات كتير مشتركة بينا يا سمير، أنا خريج كلية الآداب دفعة 47، قسم تاريخ، وتخرجت في جامعة القاهرة، وأجيد الإنجليزية مثلك، وأنا تعلمت الإنجليزية من أخي روفائيل الذي كان يدرس هذه اللغة.

يواصل صبري في كتابه "حكايات العمر كله": "دار الحوار بيننا كالتالي:
سألته ما أجمل قراءاتك في الشعر الحديث؟
البابا:"التراشق الشعري البديع بين شوقي وحافظ إبراهيم.
سمير:" شوقي أم حافظ؟، مَن هو مثلك الأعلى في البلاغة؟

البابا:" مثلي الأعلى في البلاغة هو السياسي المصري الكبير مكرم عبيد باشا، من أقطاب ثورة 19، وهو في رأيي أحد الفصحاء المعدودين في تاريخ مصر الحديث، بل هو من عظماء تلك الفترة المهمة في معركتنا مع الاستعمار البريطاني، ومعه طبعًا سعد زغلول باشا، ومصطفى النحاس".

سمير صبري:" معنى ذلك أن سيدنا من أعضاء حزب الوفد؟

البابا:" أنا دمي وروحي لكل الأحزاب التي تخدم مصر الغالية، هل تعلم أن مكرم باشا كان يحفظ الكثير من آيات القرآن الكريم حبًا في لغته ومعانيه المعجزة، وأنا أيضًا مثله أعشق القرآن الكريم واستشهد بالكثير من آياته في أحاديثي ومقالاتي، التي أكتبها بعنوان "أخلاقنا" عندما كنت صحفيًا ناشئًا.

سمير صبري: "سيدنا أديب وصحفي وشاعر ومفكر سياسي ورجل دين؟"
البابا:" تقصد سبع صنايع يا أ.سمير، زيك يعني منت ممثل ومقدم برامج ومغنّي وإعلامي عايز نصيحة مني اقرأ "قل أعوذ برب الفلق" عشان ربك يحفظك من الـ PHD.

سمير: PHD.. تقصد الدكتوراه يا سيدنا دي أمنية عمري أني احققها".

وضحك البابا شنودة وعقّب قائلا:الـPHD" المقصود منها ليس الدكتوراه، لكنها اختصار لجملة PULL HIM DOWN، يعني بالترجمة الحرفية "اطرحه أرضًا، أو انزله من المكان الذي هو فيه، وهذا شعار حزب أعداء النجاح في بلدنا، الذين يحاولون دائمًا هدم الناجحين بدلا من محاولة معرفة سر نجاحهم وتفوقهم ليكونوا مثله.

وتمت إذاعة الحديث وكان لقائي الثاني مع البابا بعدها بسنوات في برنامج"هذا المساء" وسألته فيه:" سفرياتك الأخيرة في جميع عواصم العالم هل معناها ان سيدنا يحب السفر؟.

البابا: "يا صديقي العالم زي الكتاب، اللي ميسافرش كأنه قرأ صفحة واحدة بس، شوف تبقى الخسارة قد إيه، لأن الإنسان لما تتعدد مشاهده المختلفة تتعدد منابع إلهامه، وشوف ازاي الأدباء الرحالة استفادوا من رحلاتهم واطلاعهم على حياة الشعوب المختلفة وافادوا قراءهم، عندك مثلا الأمريكي أرنست هيمنجواي وعندنا القدير أنيس منصور، إضافة طبعا إلى التلفزيون والسياحة والسينما، التي قربت وربطت بيننا وبين العالم الكبير، الثقافة ضرورة حيوية للإنسان دونها ينعزل عن العالم.

سمير صبري: "مَن هم كبار الأدباء الذين يعجبون سيدنا؟"

البابا:" كلهم، شكسبير وبرنارد شو في الأدب الإنجليزي، وأناتول فرانس وموليير في الأدب الفرنسي، وتولستوي وتشيخوف ودستويفسكي في الادب الروسي، وألبرتو مورافيا في الأدب الإيطالي، القراءة يا صديقي تجعلك تتطلع إلى داخل وعمق طبيعة النفس البشرية".

سمير:" كرجل عسكري سابق.. بم شعرت يوم عبور الجيش المصري للقناة ونصر أكتوبر؟

البابا:"اداني احساس تاني بقيمة المصري في الحياة، مصر تستحق هذا النصر".

وتمت إذاعة الحديث عام 1997، وكان التسجيل الثالث عام 2002، وفي هذا التسجيل أكد أنه لن يدخل القدس إلا مع إخوانه المسلمين بعد تحرير المدينة المقدسة، وتحدث عن موقفه من التطبيع مع إسرائيل، وعدم ذهابه مع السادات إلى اسرائيل عام 77، وهو ما أدى إلى حالة من الجفاء بينه وبين الرئيس الراحل، أدت بعها إلى عزلة وتحديد إقامته في دير وادي النطرون.