رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«من الحَجر الاقتصادي».. قطاع الأسمنت ينتظر «خلطة الإنقاذ»

الأسمنت
الأسمنت

عاش قطاع الأسمنت في مصر أزمات متتالية منذ عدة سنوات، راجع غالبيتها لزيادة المعروض بالسوق المحلية، مع ضعف الطلب بالإضافة إلى تدهور أسواق التصدير، لتظهر جائحة فيروس «كورونا» على السطح، وتمثل فاجعة جديدة تزيد من أوجاع القطاع.

الجائحة لم تكن وحدها وراء تعميق جراح قطاع تجارة وتصنيع الأسمنت، فقد شابه شبه جمود تام، مع قرار وزارة التنمية المحلية قبل 5 أشهر تقريبا، بوقف إصدار التراخيص الخاصة بإقامة أعمال البناء أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها للمساكن الخاصة، مع إيقاف استكمال أعمال البناء للمباني الجاري تنفيذها لمدة 6 أشهر بمحافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية.

وحدة بحوث بنك الاستثمار «فاروس»، قالت إن شركات الأسمنت واجهت تحديات كبيرة خلال الربع الثاني من العام الحالي، ومن بين هذه التحديات إجراءات الإغلاق لإحكام السيطرة على انتشار فيروس كورونا، وكذا انخفاض عدد ساعات عمل مواقع الإنشاءات.

وأضافت «فاروس»، أن إجمالي حجم مبيعات الأسمنت على مستوى السوق المحلية وأسواق التصدير بلغ 10.1 مليون طن في الربع الثاني 2020، متراجعًا بنحو %12 سنويًا و%61.4 ربعيًا، كما أوضحت أن معدلات الاستخدام بلغت 59% في النصف الأول 2020، و55% في شهر يونيو الماضي.

وأشارت إلى أن متوسط سعر بيع التجزئة، وصل في الربع الثاني 764 جنيها للطن بانخفاض %5 ربعيًا، و%9 سنويًا، موضحةً أن سعر الطن يقترب من حاليًا من 740 جنيه، وهو أفضل بكثير من السعر المسجل فى يونيو 2020 عند 725 جنيها.

وأصدرت وزارة التنمية المحلية، مطلع يونيو الماضي، قرارًا بوقف إصدار التراخيص الخاصة بإقامة أعمال البناء أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها للمساكن الخاصة مع إيقاف استكمال أعمال البناء للمباني الجاري تنفيذها لمدة 6 أشهر بمحافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية.

مدحت اسطفانوس، رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات، أوضح أن أزمة فيروس كورونا خلفت العديد من المشكلات بالقطاع متسببة في التراجع بالطلب على الأسمنت بنسبة تتراوح بين 12 و15% خلال أول 5 أشهر من عام 2020، متابعا أن قطاع الأسمنت، يواجه العديد من المخاطر الكبيرة نتيجة تراجع المبيعات، وتفاقم الخسائر وهو ما يهدد بإغلاق بعض الشركات.

يذكر أن قطاع الأسمنت يضم 19 شركة منتجة منها 18 شركة خاصة بالإضافة إلى شركة تابعة للدولة متمثلة في جهاز الخدمة الوطنية، وتملك هذه الشركات 42 خط إنتاج، كما تبلغ الاستثمارات الأجنبية في صناعة الأسمنت نحو 52%.

اتفق معه هشام الشبيني، مدير إدارة البحوث بشركة "مباشر" للخدمات المالية، موضحا أنه بنهاية العام الماضي خرجت بعض شركات من القطاع بسبب النزيف المتواصل من الخسائر، وازداد الأمر عندما جاءت أزمة كورونا التي تسببت في خفض العديد من الشركات معدلات تشغيل مصانعها، وأصبحت أخرى تفكر في الإغلاق.

كما أوضح طارق طلعت، العضو المنتدب لشركة "مصر للأسمنت" بقنا، أن سوق الأسمنت يعاني من تخمة المعروض، بالإضافة إلى تراجع الطلب، لذا يبلغ فائض الإنتاج حوالي 30 مليون طن سنويا، كما تبلغ القدرات الإنتاجية الحالية أكثر من 78 مليون طن، بينما لا يزيد الاستهلاك على حوالي 48.7 مليون طن، متابعا أن من بين تداعيات كورونا، والتي ظهرت في مارس الماضي، هي تراجع في الطلب على الأسمنت، نتيجة انخفاض حجم أعمال المشروعات، بالإضافة إلى تحمل الشركات أعباء الإجراءات الاحترازية كتخفيض عدد العمالة والتعقيم.

وأضاف طارق طلعت، أن هناك مجموعة من الأفكار والمقترحات التي يمكن للحكومة العمل بها من أجل خلق طلب على الأسمنت وتنشيط مبيعاته لإنقاذ القطاع الأسمنت المحلي من تخمة المعروض الحالية التي تتزامن مع تراجع في الطلب.

وشدد طلعت أن تنشيط الطلب هو الحل الأساسي لمواجهة هذه الزيادة في القدرات الإنتاجية، موضحا أن الحكومة يمكنها المساعدة في هذا من خلال طرح أراضي جديدة للأفراد في المدن الجديدة، لبناء مساكن منظمة وغير عشوائية، وهو الأمر الذي يساعد على زيادة الطلب على الأسمنت.

وتابع، أن استخدام الأسمنت في تنفيذ الطرق الأسمنتية، وإلزام أصحاب المنازل ذات الواجهات غير المشطبة بتشطيبها بطريقة أفضل من مجرد الطلاء الجيري يعد ضمن المقترحات الأخرى لتسويق الأسمنت، وتنشيط مبيعاته.

وأوضح طلعت أن وضع حد أقصى للإنتاج في المصانع سيخالف قوانين المنافسة والاحتكار، وأن الأفضل ترك السوق للعمل بشكل طبيعي من خلال خلق طلب على الأسمنت، ومساعدة الشركات على خفض تكاليف الإنتاج، مؤكدات أهمية التصدير كونه سيساهم في تصريف جزء من القدرات الإنتاجية.

مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أعلن مارس الماضي، عن حزمة قرارات مهمة لدعم قطاع الصناعة، والتعامل مع التداعيات الاقتصادية لفيروس «كورونا المستجد»، وتضمنت خفض سعر الغاز الطبيعي للصناعة عند 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، كما تقرر خفض أسعار الكهرباء للصناعة للجهد الفائق والعالي والمتوسط بقيمة 10 قروش، مع الإعلان عن تثبيت وعدم زيادة أسعارالكهرباء لباقي الاستخدامات الصناعية لمدة من 3 إلى 5 أعوام مقبلة.