رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المدن المسحورة.. حكاية «زرزورة» قرية الأسرار في واحة الداخلة

واحة الداخلة
واحة الداخلة

لا تخلو مدن العالم من أبعاد سحرية وغرائبية في موروثها الشعبي، والحكايات عن المدن بقدر واقعيتها، إلا أنها غارقة في خلفية فانتازية مشوقة تصف شخصية هذه المدن وأشباحها وعوالمها.

في مصر لا تخلو قرية أو شارع من حكاية غرائبية حملها الموروث الشعبي برفق لكل الأجيال وعاشت في مخيلة ساكنيها، حتى ولو كانت هذه الحكايات خالية من المنطق والتعقل، من هذه المناطق التي تحمل حكايات غرائبية قرية "زرزورة" في واحة الداخلة.

في بحث بعنوان "المدن المسحورة والمعتقدات الشعبية.. دراسة ميدانية في بعض قرى واحة الداخلة" للباحث فارس خضر حاول رصد المعتقدات المتصلة بفكرة المدن المسحورة وتجلياتها في الإبداع الشعبي بالواحات وتحليلها، وذلك بإعادة قراءة الموروث السردي المدون والشفاهي حول هذه المدن".

يقول فارس خضر "إن المدن المسحورة أو الملطسمة أو المخفية أو المستورة هي مترادفات يتوارد ذكرها بالمعنى نفسه للدلالة على نصوص شعبية للإشارة إلى مدن لا تتبدى إلا لمن يضل الطريق في الصحراء، فإذا تراءت للتائه ولجأ إليها نجا من موته".

وثمة معتقدات ذائعة في الواحات الداخلة حول مدينة مسحورة يطلق عليها اسم "زرزورة" تكاد تتطابق في صفاتها مع تلك المدن التي تتحدث عنها النصوص المدونة، ومع متعقدات المدن المختفية الطوافة الذهبية التي تظهر للبسطاء كمكافأة على أعمالهم الصالحة، مثل"إرم" تلك المدن المثقلة بماضيها الأسطوري والديني.

يعرض الباحث فارس خضر بعضًا من المحاولات في التاريخ الحديث للوصول إلى"زرزورة" أو المدينة المسحورة، ومنها رحلتا أحمد حسنين باشا الاستكشافيتان، اللتان حكاهما في ثلاث مقالات بمجلة المقتطف سنة 1925 ثم أعاد كتابتهما بتوسع واستفاضة في كتابه "الواحات المفقودة" الذي صدر بالإنجليزية في العام نفسه، ويروي أنه أثناء مروره في الواحات توقف بقافلته ليلًا فوق أحد الغرود الرملية العالية، فنظر ومن معه للسطح ليجد حدائق عامرة، وآبار جارية، وحيوانات مستأنسة تجوب المكان بحرية، فآثر ألا ينزل بهذه المنطقة العامرة ليلًا، وأن يبيت ليلته على مشارفها ليقصدها ومن معه في الصباح، وحين طلع الصبح، لم يجد لما رآه أثرًا.