رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الأيام المجيدة».. الأقباط يبدأون «صوم الميلاد» وسط إجراءات احترازية مشددة

 رجوع الصلاة في الكنايس
رجوع الصلاة في الكنايس

تبدأ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، غدا، صوم الميلاد المجيد، الذى يستمر لمدة ٤٣ يومًا، وينتهى ليلة عيد الميلاد، ٧ يناير المقبل.

ويعتبر صوم الميلاد من أصوام الدرجة الثانية، لأن العقيدة المسيحية تسمح خلاله بأكل السمك، عدا يومى الأربعاء والجمعة.
وستكون طقوس الصوم مختلفة هذا العام بشكل نسبى، بسبب ظروف انتشار فيروس كورونا، إذ ستقام غالبية الصلوات وفقًا لإجراءات احترازية، على رأسها حضور أعداد محدودة.
ويترأس البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، أولى صلوات قداسات صوم الميلاد المجيد، كما يتولى ترسيم كهنة جدد للخدمة بكنائس القاهرة والإسكندرية والمهجر، إضافة إلى ترقية عدد من الكهنة إلى رتبة القمصية، وذلك بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

43 يومًا عند «الأرثوذكس».. و«الكاثوليكية» تبدأ فى 9 ديسمبر المقبل
تبدأ الكنيسة الأرثوذكسية صوم الميلاد فى ٢٥ نوفمبر من كل عام، ويستمر لمدة ٤٣ يومًا وينتهى ٦ يناير، ليلة عيد الميلاد المجيد، أما الكنيسة الإنجيلية فلا صوم عندها، بل تحتفل فقط بعيد الميلاد.
وقال الأنبا أنجيلوس، أسقف شبرا الشمالية، إن صوم الميلاد لدى الأقباط الأرثوذكس كان لمدة أربعين يومًا، وأُضيفت إليه الثلاثة أيام التى صامها الإكليروس والشعب عند حدوث معجزة نقل جبل المقطم فى عهد البابا إبرام بن زرعة، فى القرن العاشر الميلادى، فأصبحت مدة الصوم ٤٣ يومًا.

أما عن مفهوم الصوم بالكنيسة، فقال الأب فيلبس عيسى، راعى الكنيسة السريانية بالقاهرة، إنه «زهد اختيارى ودلالة على طاعة الله واتباع شرائعه والعمل بفرائضه، وذلك بالانقطاع الإرادى عن تناول أى طعام أو شراب مدة معينة من الزمن، ثم تناول مأكولات خفيفة فى مقدارها، خالية من الدسم، فيقتصر الصائم على أكل الحبوب، والبقول والفواكه وزيوت النبات، ويمتنع عن أكل اللحوم باستثناء السمك، كما يتاح تناول العسل لأن النحل بغير شهوة.
وأضاف «عيسى»، لـ«الدستور»: «الصوم ينقسم إلى عام وخاص وخاص للغاية، أما العام فهو أن يمتنع الإنسان قطعيًا عن الأكل والشرب طوال النهار على أن يأكل فقط الحبوب والبقول مساءً، أو يمسك عن أكل لحوم الحيوانات ومنتجاتها فقط نهارًا، ولهذا الصوم قوانين، لأنه قد يمتنع الكثيرون عن الطعام عرضًا فلا يعدّون بين الصائمين».

وواصل: «أما الصوم الخاص فهو صوم المتوحدين، والصوم الخاص للغاية هو صوم الكاملين الذين يقرنون الصوم عن الطعام وصوم الحواس بصوم النفس عن الأفكار الرديئة. 
والشرط الوحيد لهذا الصوم هو استئصال كل فكر دنيوى من أعماق القلب، ورغم أن الوصول إلى ذلك صعب جدًا، فإنه يسهل بالتمرين، كما قيل: «والنفس راغبة إذا رغّبتها.. وإذا تُرَدّ إلى قليل تقنعُ».
وتابع: «الصوم يقتصر على البالغين والأصحاء، ويعفى منه الشيوخ والأطفال والمرضى والمرضعات والمرأة النافس والحامل، وإعفاء هؤلاء المؤمنين من الصوم ليس ترفًا بل ضرورة».
وتبدأ كنيسة الروم الأرثوذكس صوم الميلاد فى ١٥ نوفمبر من كل عام، ويستمر لمدة ٤٠ يومًا، تنتهى فى ٢٥ ديسمبر حيث يبدأ الاحتفال بعيد الميلاد المجيد.
أما الكنيسة الكاثوليكية، فحسب الأنبا باخوم، المتحدث باسمها، النائب البطريركى لشئون البطريركية، يكون صوم الميلاد لمدة ١٥ يومًا، تبدأ فى ٩ ديسمبر وحتى ٢٥ ديسمبر.
وأوضح «باخوم»، لـ«الدستور»، أن الصوم- حسب معتقد الكنيسة الكاثوليكية- يعتبر أيام توبة ويوجب على الأقباط الامتناع عن أكل اللحوم ومنتجات الألبان، ويتيح أكل السمك، مشيرًا إلى أن الصوم واجب فى يوم الجمعة من كل أسبوع على مدار السنة، إلا فى فترة الخماسين وأيام الجمعة التى توافق أحد أعياد «الميلاد والغطاس وعيد الرسولين بطرس وبولس، وعيد انتقال العذراء مريم بالنفس والجسد إلى السماء، صوم الرسل، ومدته أسبوع، وصوم السيدة العذراء، ومدته خمسة عشر يومًا».
وقال: «الصوم الانقطاعى هو الامتناع عن الأكل والشرب من منتصف الليل إلى الظهر، إلى جانب الامتناع عن أكل اللحوم ومنتجات الألبان، وهو واجب فى برمون الميلاد والغطاس وصوم نينوى والصوم الكبير وأسبوع الآلام»، مضيفًا أنه عند وجود عذر لأحد المؤمنين يمنعه من الصوم الانقطاعى، فيجب عليه الرجوع إلى الأب الراعى أو أب الاعتراف للاسترشاد برأيه والعمل بتوجيهاته.
وفى رسالته للصوم قال الأنبا باخوم: «الرب يسوع فى صيامه أخبر شعب الله فى صحراء سيناء بأنه كما قضوا هم أربعين سنة فى الصحراء، قضى هو أربعين يومًا فيها، وكما تعرّضوا لتجارب ومحن شديدة، تعرّض هو لتجارب إبليس. لكنّ الفارق بين خبرته فى الصحراء وخبرة الشعب فيها هو أنهم سقطوا فى التجارب بينما هو انتصر عليها، وبذلك يظهر يسوع كشعب الله الجديد ويمثل بشخصه انتصار وعد الله بالخلاص».
وأضاف: «بعد الصوم يبدأ السيد المسيح رسالته، وبهذا ندرك أن الصوم هو استعداد لقبول الله فينا، فهو ليس مجرد صوم فقط، بل صورة من صور الاستعداد لتمهيد الأرض بعمل الروح القدس التى يرغب الله فى أن يزرعها فينا».


منع استقبال الشباب والكهنة الراغبين فى قضاء خلوات بالأديرة
قال مصدر كنسى إن غالبية الأديرة القبطية الأرثوذكسية ستغلق أبوابها أمام الأقباط تزامنًا مع بدء صوم الميلاد، وذلك كعادتها خلال تلك الفترة، إذ إن الأديرة تكون حينها خلوة روحية للرهبان والراهبات، مشيرًا إلى أن عددًا قليلًا من الأديرة سيفتح أبوابه أمام الزوار ثلاثة أيام فى الأسبوع خلال فترة صوم الميلاد.
وأضاف أن الأديرة التى ستغلق أبوابها خلال فترة الصوم تأتى على رأسها أديرة وادى النطرون وأديرة الراهبات ودير السيدة العذراء مريم- المعروف بالمحرق- بأسيوط، الذى يخضع لإشراف الأنبا بيجول، أسقف ورئيس الدير، وفى المقابل يفتح دير مارجرجس- المعروف بالرزيقات- بالأقصر، الذى يخضع لإشراف لجنة بابوية، أبوابه أيام الجمعة والسبت والأحد فقط من كل أسبوع طيلة صوم الميلاد.
ونوه المصدر بأن الإجراءات الاحترازية التى ستلتزم بها الأديرة خلال فترة الصوم تتضمن منع استقبال شباب الأقباط والكهنة الراغبين فى قضاء خلوات بالأديرة، وذلك حتى لا تحدث أى تجمعات تتسبب فى انتشار فيروس كورونا.
فى السياق ذاته، قال مصدر آخر بأحد أديرة الصعيد إن الأديرة- خلال الوقت الراهن- تحاول تطبيق إجراءات وقائية لمنع انتشار فيروس كورونا بين الرهبان، لذلك منعت الخلوات للشباب والكهنة، كما قللت قدر الإمكان من الزيارات، مشيرًا إلى أن الرهبان يدعون الله خلال صلواتهم حاليًا لكى ينتهى الوباء ويتعافى جميع المرضى.
وأضاف المصدر: «أما عن تسبحة كيهك التى تعتبر من أشهر صلوات صوم الميلاد التى يشارك بها عدد كبير من الأقباط فى كل عام، خاصة تلك التى يقيمها الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط، والأنبا رافائيل، أسقف كنائس وسط القاهرة- فستقام هذا العام بطريقتين، إما (أونلاين)، عبر بثها على الإنترنت، أو بمشاركة أعداد قليلة من الأقباط، التزامًا بإجراءات منع انتشار فيروس كورونا».
وأوضح: «سيحضر ٢٥٪ فقط من الأعداد التى تتسع لها كل كنيسة، وسيكون الحضور بالحجز المسبق، ولن يسمح لأى قبطى بأن يحضر تلك الصلوات أكثر من مرة واحدة أسبوعيًا، لإتاحة الفرصة للجميع لحضور التسبحة».
وواصل: «أما عن الطريقة الثانية التى تدرس الكنائس تطبيقها فى حالة تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا خلال فترة صوم الميلاد بالتزامن مع أوقات التسبحة، فتتضمن بث الصلوات عبر تقنية البث المباشر، واقتصارها على الآباء الكهنة وبعض الشمامسة»، لافتًا إلى أن تسبحة كيهك تتضمن ترنيمات قبطية للسيدة العذراء مريم والسيد المسيح.
وأشار إلى أن الإجراءات الاحترازية التى أقرها البابا تواضروس، وستطبقها الإيبارشيات القبطية الأرثوذكسية، خلال قداسات صوم الميلاد ٢٠٢٠، وتزامنًا مع الموجة الثانية من فيروس كورونا- تتضمن اقتصار الحضور بالقداسات على ٢٥٪ فقط من طاقة استيعاب كل كنيسة، على أن يجلس فرد واحد على كل دكة، مع التزام الجميع بالتباعد الاجتماعى، وارتداء الكمامات وإحضار الأدوات الشخصية.
وأضاف أنه لن يسمح بوجود أى شخص داخل الكنيسة بعد انتهاء صلوات القداس الإلهى، على أن يكون حضور القداسات بالحجز المسبق عبر ملء استمارات عضوية الكنائس، للأقباط المقيمين بالمنطقة التى تقع بها الكنيسة.


رسائل الآباء: يا رب ارفع الوباء وساعد من فقدوا أحباءهم بسبب «كورونا»
قال الأب دمسكينوس، راعى دير الحميراء للروم الأرثوذكس بسوريا، إن صلوات صوم الميلاد المجيد ستكرس لأجل أن ينتهى الوباء من العالم، موضحًا: «نصلى لكى يمنح الله العزاء للأسر التى فقدت أحباءها خلال فترة انتشار فيروس كورونا، من أجل شفاء المرضى، ونسأل الله أن يجعل أيام ميلاد السيد المسيح فرحًا وسلامًا لكل بلاد العالم».
ووجه الأب مينا الأورشيليمى، راعى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالعراق، رسالة للأقباط بمناسبة صوم الميلاد، قال فيها: «أحبائى المباركين لا بد لنا أن نصوم ونستعد بالتوبة والصلاة لكى نجهز القلب، كما نجهز البيت وشجرة الميلاد، لكى يأتى السيد المسيح ويجد مكان راحته فى القلب، يجده مجهزًا للسكن والامتلاك، لقد صام موسى أربعين يومًا لكى يستلم ألواح الشريعة، ونحن سوف نستلم رب الشريعة».

وأضاف، فى رسالته: «فى كل عام نجدد هذا القلب الذى انشغل بهموم الدنيا ونترك عنا هذا الهم والتعب والتفكير فى أمور العالم، ولا ننشغل عن خلاص أنفسنا بتفكيرنا فى خطايا الآخرين، بل يكون هدفنا واضحًا، هو أن المسيح يولد فى قلبى ويجلس على عرش قلبى وأنا أنفذ وصاياه».
وواصل: «نحن نصوم ٤٣ يومًا، والثلاثة أيام الإضافية تبركًا بنقل جبل المقطم، لأن هذه المعجزة حصلت قبل الصوم مباشرة»، مؤكدًا أن للصوم فاعلية تظهر مع مرورنا بالضيق «الله ينظر لكل نفس تقف أمامه بالتوبة والصوم والصلاة، ويعطى هذه النفس بركات فى السماء وعلى الأرض، ولنعلم أحبائى أن مسرة الله فى البشر».