رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفارقة غريبة ضمن الأوراق الكاملة لجريمة «مقتل فتاة المعادي»

جريدة الدستور

«مقتل فتاة المعادي»، جريمة أوجعت قلوب ملايين المصريين، الذين تعاطفوا مع الفتاة الضحية، التي قتلها مجرمان حاولا سرقتها وهي تسير في الشارع، ودهساها بالسيارة التي كانا يستقلانها، وفرا هاربين، تاركين إياها جثة هامدة.

وأحالت نيابة جنوب القاهرة تحت إشراف المستشار ياسر أبو غنيمة، المحامي العام، المتهمين الرئيسيين، «وليد. ع»، 34 عاما، سائق، مقيم في شارع المحطة زهراء مصر القديمة أمام مسجد وادي عنتر بمصر القديمة، ولا يحمل تحقيق شخصية، و«محمد.أ»، 22 عاما، وشهرته محمد الصغير، ويعمل فرد أمن بشركة، ومقيم بشارع الدمراني من شارع الملكة كفر طهرمس ببولاق الدكرور، ولا يحمل تحقيق شخصية، إلى جانب المتهم الثالث «محمد. ع»، 54 عام، سائق، ومقيم بـ3 شارع الدمراني من شارع الملكة بكفر طهرمس ببولاق الدكرور، إلى محكمة الجنايات بتهمة قتل الفتاة مريم محمد، عمدا بأن حاول الأول والثاني سرقتها فاصطدمت بالسيارة التي كانا يستقلانها فتعرضت للدهس وفارقت الحياة.

وخلال السطور التالية، تستعرض «الدستور» قرار إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات، والصادر من نيابة جنوب القاهرة في القضية رقم (16547) جنايات المعادي، والذي يكشف التفاصيل الكاملة للجريمة وكيف قتل الجناة الضحية خلال محاولتهم سرقتها، إلى جانب الأسلحة التي استخدموها لإرهاب المجني عليها وغيرها من التفاصيل.

- القاتلان اعتادا استئجار «ميكروباص الجريمة» لسرقة المارة.. وحملوا أسلحة نارية وبيضاء لإيذاء الضحايا.

كشف قرار الإحالة أن المتهمين الأول والثاني قتلا المجني عليها مريم محمد، عمدا في يوم 13 أكتوبر 2020، بأن اندفع نحوها المتهم الأول حال قيادته لسيارة رقمها «ب د ۵۹۲۲» بالطريق العام، واقترب منها إلى أن أصبحت في متناول يد المتهم الثاني، وما أن ظفر بها حتى جذب حقيبة ظهرها، واستمر في جذب الحقيبة رغم تشبث المجني عليها بها فصدماها بسيارة متوقفة بجانب الطريق ودهساها أسفل عجلات سيارتهما، قاصدين من ذلك إزهاق روحها ليتمكنا من الفرار بالحقيبة، فأحدث بها إصابات أودت بحياتها.

وأضاف قرار الإحالة أنه اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى في ذات الزمان والمكان، حيث سرقا المبلغ النقدي والمنقولات المملوكين للمجني عليها، وكان ذلك بالطريق العام، حيث كانا يحملان سلاحين ناري وأبيض وذخيرة يعاقب عليها بمقتضى نص المادة 31 من قانون العقوبات، وكان ارتكاب جناية القتل بقصد إتمام واقعة السرقة على النحو المبين بالتحقيقات.

وأشار إلى أنه أحرز المتهمان الأول والثاني سلاحا ناريا غير مششخن «فرد خرطوش»، وذخيرة تستعمل على السلاح الناري دون أن يكون مرخصا لهما بحيازتها أو إحرازها، وأيضا حاز الأول سلاحا أبيض «مطواة قرن غزال» بغير مسوغ قانوني أو مبرر من ضرورة مهنية أو حرفية.

وبيّن قرار الإحالة أن المتهم الثالث اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمة، بأن اتفق معهما على ارتكابها وساعدهما بأن أمدهما بسيارته بهدف استخدامها في ارتكاب الواقعة مع علمه بها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة، كما أن المتهم الأول أحرز بقصد التعاطي مخدر «الحشيش».

- الشهود: الجناة عبروا بالسيارة فوق جسد الضحية وسرقوا حقيبتها وفروا.. ووالدها: رأيت جثتها وحولها تجمع من الناس ولم أعلم أنها ابنتي.

قالت الشاهدة الأولى سارة عماد، 23 سنة، محاسبة بإحدى شركات المحمول، أنها في أثناء محادثة المجني عليها هاتفيا سمعت استغاثة المجني عليها وانقطع الاتصال بينهما، وعاودت الاتصال بها مرة أخرى وبعد مرور فترة من الوقت، رد عليها شخص وأخبرها أنه عثر على الهاتف المحمول الخاص بالمجني عليها في شارع (9) بالمعادي.

وذكر الشاهد الثاني أحمد حمدي محمد خليل، 28 سنة، رئیس مجمع بشركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية، أنه في تاريخ الواقعة أبصر المجني عليها حال حملها حقيبة على ظهرها بجوار إحدى السيارات المصفوفة، وترتدي ذات الملابس الثابتة بمناظرة النيابة العامة.

وذكر أنه في أثناء ذلك أبصر سيارة أجرة "ميكروباص" بيضاء اللون ذات لوحات معدنية أمامية وخلفية مطموس بيانتها، وبداخلها شخصين الأول يقود السيارة والثاني من خلفه بجانب بابها الجانبي، قادمين تجاه المجني عليها.

وقال إنه حال مرور السيارة بجانب الضحية، جذب المتهم الثاني الحقيبة التي كانت ترتديها على ظهرها، وظل ممسكا بها حال سيره فتمزق أحد حاملي الحقيبة، ما أدى إلى اختلال توازنها وارتطام رأسها بمقدمة السيارة المصفوفة، ثم استمر الثاني في جذب الحقيبة، ما أدى إلى تمزق الحامل الثاني فسقطت المجني عليها وارتطمت مقدمة رأسها أرضا وفر المتهمان بالحقيبة، وأحدثا إصابتها بأن سالت الدماء من أنفها وأذنيها وفارقت الحياة.

وقال الشاهد الثالث «بيشوي.م»، 25 سنة، عامل توصيل طلبات، إنه أبصر مرور إطار السيارة الخلفي على جسد المجني عليها حال سقوطهاـ وفرار المتهمين هاربين.

وذكر الشاهد الرابع «إسلام.ر»، سائق ميكروباص، أنه والمتهم الأول يعملان على السيارة الميكروباص المضبوطة والمملوكة للمتهم الثالث، وأنه عقب حدوث الواقعة أبصر المتهم الأول وبرفقته المتهم الثاني حال حمل الأخير علبة بلاستيكية شفافة تحوي على أدوات تجميل، وتبين أنها تحتوي أيضا على المسروقات الخاصة بالضحية.

وكشف والد الضحية، محمد علي أمين صالح، 55 سنة، أستاذ جامعي في كلية الإعلام بجامعة مصر الدولية، أنه في أثناء سيره متجها إلى إحدي المستشفيات لإجراء بعض الفحوصات الطبية، أبصر جمعا من الناس بمكان الواقعة، في مفارقة غريبة.

وأكمل أنه رأى بعض المتجمعين في مكان الواقعة يصيح ويستغيث، فلم يكترث للأمر، وتوجه إلى المستشفى وحال انتهائه من إجراء الفحوصات الطبية ورد إليه اتصال هاتفي من الشاهدة الأولى، وأبلغته أنها أثناء تحدثها مع المجني عليها صرخت الأخيرة وانقطع الاتصال.

وأضاف، أنه انتقل إلى مكان ارتكاب الواقعة وعلم من الشهود بقيام المتهمين مستقلين سيارة أجرة بيضاء اللون "ميكروباص" الأول قائدا لها والثاني جالسا خلفه، أن الأخير وجذب حقيبة الظهر الخاصة بالمجني عليها، ما أدى إلى سقوطها أرضا وحدوث إصابتها، وطلب منه أحد الشهود التوجه إلى المستشفى للاطمئنان على حالتها، وحال وصوله إلى هناك تبين له أن نجلته متوفاة، وأن قصد المتهمين من ارتكابهما للواقعة هو سرقة نجلته ما أدى إلى سقوطها وحدوث إصابتها ووفاتها.

- تحريات المباحث: حقيبة الضحية المسروقة تحتوي على علبة «ميكياج».. والمتهمون يتعاطون الحشيش.

قال رئيس مباحث قسم شرطة المعادي مجري التحريات، إنه وردت إليه معلومات أكدتها تحرياته السرية أن المركبة رقم «ب د 5922»، هي ذاتها السيارة التي تم استخدامها لارتكاب الواقعة، وهي بنفس الأوصاف التي أدلى بها الشهود.

وذكر أنه بعد فحص خطوط سير الجناة، تبين أن السيارة خاصة بالمتهم الثالث وأنه معتاد على تأجيرها للمسجلين خطر، وأنه على علم بطبيعة جرائمهم، كما أن مرتكبي تلك الواقعة هما المتهمين الأول والثاني، وشوهدا يستقلان تلك السيارة في مكان الجريمة.

وكشف مفتش مباحث فرقة مصر القديمة، أن تحرياته السرية النهائية توصلت إلى صحة ما جاء في أقوال شهود الواقعة، مضيفا أنه قد تمكن من ضبط المتهم الأول وبحوزته السيارة رقم (ب د 5922) وسلاح ناري فرد «خرطوش» وتبين أن بداخله طلقة وعثر بحوزته على طلقة أخرى من ذات العيار.

وأشار إلى أنه المتهم الأول أقر بمشاركته للمتهم الثاني في ارتكاب تلك الواقعة، وإحرازه للسلاح الناري بقصد الدفاع واستخدامه في الواقعة، وأرشد عن المسروقات التي أخفاها وهي عبارة عن علبة بلاستيكية، شفافة اللون، بها بعض المستحضرات التجميلية النسائية، وأحضرها من مسكنه.

وأكمل أنه تم ضبط المتهم الثاني وعثر بحوزته على مطواة قرن غزال، وأقر بمضمون ما اعترف به المتهم الأول، كما اعترف بإحرازه السلاح الأبيض بقصد الدفاع عن النفس واستخدامه في واقعة السرقة.

ونوه إلى أنه تم ضبط المتهم الثالث، وبسؤاله عن تراخيص السيارة، زعم أنه كان ينهي الأوراق الخاصة بها، وأقر بتأجيرها للسائقين للعمل عليها، ومن بينهم المتهم الأول الذي استلم السيارة من سائق آخر كان يستأجرها.

وأضاف أن تحرياته السرية توصلت إلى أن المتهم الثالث اعتاد تسليم السيارة للمتهمين الأول والثاني لارتكاب وقائع سرقات وأنه علي علم بها.

وذكر أن تحرياته السرية توصلت إلى أن قصد المتهمين الأول والثاني، سرقة المجني عليها كرها عنها، وتولدت نية القتل حال تنفيذهما جريمتهما، حيث جذب المتهم الثاني الحقيبة عنوة، وحال قطع أحد حامليها ارتطمت رأسها على مقدمة سيارة متوقفة، ولم يترك المجني عليها والحقيبة التي بحوزتها واستمر في جذبها حتى انتزعها وسقطت المجني عليها أرضا واصطدمت رأسها أرضا، ودهسها المتهم الأول، بالإطار الخلفي الأيمن للسيارة، منوها إلى ترديد المتهم الثاني عبارات تهديد بالقتل للضحية حال جذبه للحقيبة.

وقال إنه باستجواب المتهمين الأول والثاني، أقرا بارتكابهم واقعة سرقة المجني عليها وفقا لما جاء بأقوال الشهود، وأقر المتهم الأول بتعاطيه جوهر الحشيش المخدر، مبينا أن الجناة مثلوا الجريمة خلال إجراء المعاينة التصويرية.

وذكر أن النيابة العامة عرضت المقطع المرئي الذي سجلته كاميرات المراقبة للواقعة، على المتهمين الأول والثاني، وأقرا بأن الحقيبة التي ترتديها الفتاة والتي تظهر في بداية المقطع المرئي هي ذات الحقيبة محل واقعة السرقة، كما أقرا بأن المقطع يظهر لحظة سقوط المجني عليها أرضا ومرور الإطار الأيمن الخلفي للسيارة عليها.

وعثرت النيابة العامة حال إجرائها المعاينة التصويرية في مكان ارتكاب الواقعة علي أثار دماء ملطخة بالرمال على الاسفلت على مقربة من إحدى السيارات المصفوف.

وتبين من إجراء المعاينة للسيارة المضبوطة، أنها تحمل لوحات أرقام «پ د 5922»، وأن مواصفاتها قد تطابقت مع المواصفات الخارجية للسيارة التي شهد بها الشهود وأنها نفس المواصفات التي ادلى بها المتهمان الأول والثاني حال سؤالهما عن المركبة المستخدمة في ارتكاب الجريمة.

وأظهر تقرير الإدارة المركزية للمعامل الكيميائية بمصلحة الطب الشرعي إيجابية تحليل المخدرات الذي أجري للمتهم «وليد.ع» ويثبت تعاطيه «الحشيش».