رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من ليبيا إلى سوريا.. كيف امتدت الأطماع التركية بعد الربيع العربي؟

جريدة الدستور

رفعت تركيا شعار ««صفر مشاكل» في سياستها الخارجية، وذلك في عام 2002، وهو الشعار الذي يعتقد
كثيرون أنه من أفكار القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية ووزير الخارجية السابق داوود أوغلو.

ساد هذا الشعار لفترة وجيزة إلى أن حل ما يسمى «الربيع العربي» الذي وجدت فيه أنقرة فرصة لمد أصابعها في العديد من المناطق بدءا من جارتيها سوريا والعراق، وصولا إلى القارة الإفريقية عبر ليبيا
الآن تحول شعار ((صفر مشاكل» إلى ١٠٠ عزلة، بل إن أول ضحايا هذا الانقلاب على الشعار هو واضعه «داوود أوغلو» الذي همشه الرئيس التركي، ورئيس الحزب رجب طيب أردوغان، مثلما همش قادة آخرين ومنهم الرئيس السابق عبد الله غول، والقيادي في الحزب علي بابا جان، وبعضهم يستعد لتأسيس أحزاب جديدة.

سوريا أوضح الأمثلة على الأطماع التركية، فقد بدا واضحا أن تحركها فيها يرمي إلى السيطرة طويلة الأمد، فهي تواصل تعزيز نفوذها بشتى الوسائل في شمال سوريا، من خلال استراتيجية تعزيز وجودها العسكري والتدخل في جوانب الحياة المدنية والاقتصادية والأمنية والتعليمية والثقافية، والعمل على «تتريك» المنطقة، تمهيدا لضمها حين تحين ظروف «ملائمة» في المستقبل.

"تتريك الشمال"
في عفرين التي احتلتها القوات التركية بدعوى إيعاد «الخطر الكردي» عملت تركيا على إجراء
تغيير ديمغرافي في المنطقة من خلال استبدال السكان الأكراد أبناء المنطقة بأخرين نزحوا من
مناطق استعادتها الحكومة السورية من الجماعات المدعومة من أنقرة.

وفي عملياتها للسيطرة على الشمال السوري استخدمت أنقرة وثائق ومقابر عثمانية كمسمار جحا
لبسط نفودها.

وشملت سياسة التتريك الكتب المدرسية ولافتات الطرق والمؤسسات التي باتت تنطق باللغة التركية، وإنشاء فروع جامعية وترويج بضائع تركية.

تجاوزات تركيا في محيطها الإقليمي والتجهيزات السياسية الداخلية في مجالات حقوق الإنسان وحرية الصحافة وبعد تدخلها في سوريا، بل واحتلال شماله مرة بزعم محاربة «داعش»، ومرة بزعم الحد من
نفوذ القوى الكردية، تعود تركيا للتحرش العدواني العسكري في شمال العراق.

وفي عدوانها على شمال العراق، سقط قتلى مدنيون، ما أثار ضدها موجة جديدة من الغضب الشعبي، فضلا عن تأكيد حزب العمال الكردستاني مقتل العديد من العسكريين الأتراك، وبرأي مراقبين فإن هدف هذا العدوان التركي يتجاوز مسألة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني إلى إقامة قواعد عسكرية دائمة في المنطقة ضمن مخطط واسع يعمل على تنفيذه أردو غان في سوريا وليبيا والعراق ومناطق أخرى، بهدف تحقيق أطماع تركيا لغايتها.

"ليبيا وأفريقيا"
وفي ليبيا، ألقت أنقرة بكامل ثقلها لدعم حكومة فايز السراج ماليا وعسكريا، وعلى نحو مباشر، كما تقول صحيفة «الجماهيرية» الليبية.

وإذ يردد المسؤولون الأتراك أن أنقرة تسعى لحل سياسي في ليبيا، تؤكد الوقائع على الأرض أن الهدف التركي لا يتجاوز حماية مشروع الإسلام السياسي المتطرف في ليبيا وعبرها في شمال إفريقيا.

في حين تقول أنقرة بـ «الحل السياسي» تردد بأن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي ليس له
مكان في مستقبل ليبيا.

هذا الموقف ينسف الحديث عن الحل السياسي، إذ إن الصراع يدور بين طرفين، إذا بين من ومن سيكون الحل إذا استبعدنا طرفا منهما، وبالرغم من أن التحركات التركية في ليبيا وأطماعها بثروات المتوسط أثارت اعتراضات أوروبية ودولية مستمرة، فقد جددت اليونان انتقادها، باستدعاء السفير التركي في أثينا، بل إن رئيس هيئة أركان الجيش اليوناني قسطنطينوس فلوروس أكد استعداد بلاده للرد على أية
خطوات من قبل تركيا، مهددا ب«حرق من يضع قدمه» على الأراضي اليونانية.

الأهداف والقدرة
ثمة تحليل لصحيفة «نويه زوريشر تسايتونغ» السويسرية، يقول إن تركيا لا تملك القوة أو الإمكانيات لتحقيق أطماعها الخارجية، سواء في ليبيا أو في البحر المتوسط، لافتا إلى سياسات أردوغان الذي فرض على تركيا عزلة إقليمية ودولية.