رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علماء الأزهر عن تصريحات آمنة نصير بزواج المسلمة بغير المسلم: «شاذة»

آمنة نصير
آمنة نصير

أشعلت التصريحات الأخيرة للدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، بشأن جواز زواج المرأة المسلمة من الكتابي غير المسلم حالة كبيرة من الجدل بين أوساط المجتمع، حيث قالت في تصريحات تلفزيونية، إن غير المسلم من «المسيحي واليهودي» هما من أهل الكتاب، ولا يوجد نص قرآني يحرم زواج المسلمة من الكتابي.

وأكدت خلال تصريحاتها أن الرجل غير المسلم إذا طبق مع زوجته المسلمة، ما يطبقه مع زوجته المسيحية أو اليهودية، بأن لا يكرهها على تغيير دينها ولا يمنعها من مسجدها ولا يحرمها من قرآنها ولا يحرمها من أداء صلاتها فلا يوجد مانع من الزواج، والأولاد بهذه الحالة يتبعون ديانة الأب، مشيرة إلى أن الفقهاء يرون أن زواج المسلمة من غير المسلم مرفوض خشية أن تتسرب الفتيات المسلمات إلى المسيحية أو اليهودية.

وفي هذا التقرير نستعرض رأي علماء الأزهر الشريف، وأساتذة الفقه الإسلامي حول تصريح دكتورة آمنة وموقف الدين منه.

الشيخ أحمد كريمة: رأي شاذ ومناقض للقرآن
الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر وصف رأي دكتورة آمنة بالرأي الشاذ والمتناقض مع القرآن الكريم جملة وتفصيلًا، مشددًا على ضرورة مراجعة خريجات الأزهر للقرآن تلاوة واستشهادًا.

تابع كريمة في حديثه لـ "الدستور"، أنه ببادئ الأمر فإن تخصص الدكتورة آمنة العلمي هو الفلسفة بالدراسات الإنسانية، وليس علوم الفقه الإسلامي، لذا فكان لزاما عليها -على حد قوله- التخصص بمجال دراستها، كما ليس من حقها الإفتاء في أيا من الأحكام الفقهية الإسلامية بل، ويجب عليها ترك الفتوى لأهل العلم بها.

وردًا على ما أسماه بالرأي الشخصي للدكتورة آمنة نصير، وليس بالفتوى الشرعية طالب كريمة الدكتورة بضرورة الرجوع إلى نص سورة الممتحنة بالآية الكريمة، "ولا تمسكوا بعصم الكوافر"، وما تدل عليه هذه الآية من تحريم واضح لزواج المسلمة من غير المسلم، فضلًا عن إجماع علماء المسلمين من خلال الاستناد إلى الدلائل الشرعية على تحريم هذا الزواج.

كما طالب كريمة دكتورة آمنة بقراءة موسوعة "الإجماع"، التي تثبت بالأدلة القاطعة تحريم هذا الزواج، وبأن الحكم الشرعي لمن استحل هذا الزواج بعلم أنه مرتد عن الدين، منهيًا حديثه بـ"مع الأسف نحن انتقلنا من تشدّد الإخوان والسلفية، إلى فوضى العلمانية".

أستاذ شريعة إسلامية: منافي لواحد من مصادر التشريع ومسببًا للفتن
في الوقت نفسه، أكد الدكتور أحمد المنسي أستاذ الشريعة الإسلامية بدار العلوم، أنه في حال صحت تلك التصريحات المنسوبة إلى الدكتورة آمنة، وصح المقصود منها فهي تكون بتلك الحالة وقعت في فوضى إطلاق تصريحات تخالف الشريعة على الإطلاق، وتتنافى مع أحكام واحدًا من أهم مصادر التشريع، وهو إجماع العلماء إذ أوضح أن مصادر التشريع بالدين الإسلامي هي أربعة مصادر أولها ما نص عليه القرآن الكريم، والثاني ما جاء بالسنة الشريفة، والثالث إجماع العلماء، والرابع هو مصدر القياس.

لذا أوضح أن تحريم زواج المسلمة من غير المسلم جاء ضمن المصدر الثالث من مصادر التشريع، وهو إجماع العلماء وهذا الإجماع يأتي نتيجة الاستناد إلى الكثير من الأدلة الشرعية، كما أنه استقر عليه من مئات السنوات، موضحًا أن التغيير بقواعد شرعية ثابتة استقرت يعد عبثًا واضحًا في أصول وقواعد الفقه الإسلامي، مضيفًا "ليس كل ما ينص عليه حرفيًا تحريمه بالقرآن، يعد أمرًا محللًا العمل به".

وفي النهاية أشار المنسي إلى أن إطلاق مثل هذه الفتاوى تعد منبعثا مهيأ لإشعال الفتن بين جميع أفراد المجتمع، وهو الأمر الذي لا يحتمله مجتمعنا خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها البلاد.

إبراهيم عبدالراضي: لا يجوز وتلك الفتاوى زوبعة إعلامية
قال إبراهيم عبد الراضي أحد مشايخ الأزهر الشريف، إن زواج المسلمة بغير المسلم لا يجوز بإجماع علماء المسلمين على مر العصور، مستشهدًا بالآية الكريمة: "ولا تمسكوا بعصم الكوافر"، مؤكدًا أنّ تلك المسألة من المسائل التي اجتمعت الأمة على نكرانها.

وأضاف لـ"الدستور"، أن مسألة زواج المسلمة بغير المسلم لا مجال فيها للاجتهاد الجديد، لأن الاجتهاد يكون في حدود النص، بينما جاء النص في هذا الحكم واضحًا وبه نهي صريح: "ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم".

وأوضح الشيخ الأزهري أنه ثبت عن الرسول فسخ زواج بين من أسلمت وزوجها على الكفر، واصفا رأي الدكتور آمنة نصير بالشاذ موضحا: "ذلك الرأي لا يعتبر فتوى، بل هو محاولة للشهرة وفقاعة إعلامية وضربات على المنضدة تقول بلسان الحال أنا هنا، وليس لهذا الرأي مكان من شرع المسلمين".

فتحي الحنفي: هناك حكمة من منع زواج المسلمة من غير المسلم
من جانبها؛ قالت الدكتورة فتحية الحنفي أستاذة الفقه، إن زواج المسلمة من غير المسلم لا يجوز، مؤكدة أن هناك حكمة من إباحة الإسلام لزواج المسلم من غير المسلمة مقابل تحريم زواج المسلمة من غير المسلم.

وأوضحت أنه في حالة زواج المسلم من امرأة ليست مسلمة، يسمح الزوج لزوجته بأن تمارس شعائر دينها واحترام معتقداتها، لأن المسلم يؤمن بالنبي عيسى عليه السلام، لذلك فيكون هناك مودة في هذا الزواج، مضيفة أن الإسلام منع زواج المسلم من المجوسية مثلا، لأن المسلم لا يؤمن بعبادة غير الله، وبالتالي لن تكون هناك مودة في هذا النوع من الزواج.

تكمل: "أما عندما تتزوج المرأة المسلمة من شخص غير مسلم، فإنه لا يؤمن بالنبي محمد، وبالتالي سيكون من الصعب أن تمارس شعائرها الإسلامية، وستواجه الاستهزاء بشعائرها ودينها كونه لا يؤمن بها، إضافة إلى أن أبناءها سينالون دين الأب غير المسلم".

والدكتورة آمنة نصير، هي أستاذ العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بفرع جامعة الأزهر بالإسكندرية، ولدت بقرية موشا التابعة لمركز أسيوط في صعيد مصر، وهي خريجة الأمريكان كولج سكول (BMI) في أسيوط من قبل ذلك.

جدير بالذكر أن دكتورة آمنة التي نجحت في انتخابات مجلس النواب المصري أواخر عام 2015 مشاركة في قائمة في حب مصر، تبنت العديد من المواقف الجريئة من قبل، وأصدرت تصريحات تسببت في جدلا واسعا بين أفراد المجتمع، فكان بين هذه المواقف التي لا تفتقد من الجرأة شيئا موقفها المعاد من ارتداء الطالبات النقاب بجامعة الأزهر أواخر عام 2009.

ووصفها للنقاب بأنه ذو جذور يهودية، وليست إسلامية، مشيرة إلى أن الإسلام أمر بغض البصر وهو الأصل في حماية المجتمع من أية أخطاء، وأوضحت في تصريحاتها أن النقاب كان متجذرًا في الجزيرة العربية قبل مجيء الإسلام، نتيجة مجاورة اليهود.

كما أباحت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، سابقا تجميد البويضات للنساء واصفة إياه بكونه جائزا لكون السيدة تملك عمرا محدودا لإنتاج هذه البويضات، مضيفة أنه ربما تتأخر المرأة في الزواج بسبب انشغالها في عملها مثلًا فهنا من حقها تجميد البويضات، حتى تتزوج وتسترد تلك البويضات، وعلى المرأة اختيار معمل يتصف بالأمانة وأن يكون موثوقا في حفاظه على هذه الأمانة.

وعن رأي المؤسسات الدينية الإسلامية في مصر على فتوى الدكتورة آمنة نصير الأخيرة، فقد عبرت هذه المؤسسات عن رفضها لجواز المرأة المسلمة من غير المسلمة، مشددة على أنه لا يجوز شرعًا، ونشرت صفحات أزهرية فيديو للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، خلال لقائه مع أعضاء البرلمان الألماني من مقر البرلمان الألماني، في شهر مارس لعام 2016، تحدث خلاله حول حكم زواج المسلمة من غير المسلمة، وذلك تعليقًا على أسئلة أعضاء البرلمان الألماني.