رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بحر إيجة يتسبب في معاقبة تركيا.. ومركز إسرائيلي: «أردوغان يلعب على الوتر الحساس»

جريدة الدستور

ذكر مركز "بيجن - السادات" الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية، أن التصعيد والتوتر الحاصل أخيًرا في منطقة بحر "إيجة"، من شأنه تقوية الروابط السياسية بين اليونان وحلفائها الغربيين في أوروبا وغيرها، ونقل الاتحاد الأوروبي من مجرد التلويح بفرض العقوبات على أنقرة إلى فرضها فعليًّا.

وبحسب المركز فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يحاول اللعب على وتر حساس في العلاقات السياسية، فهو يقوم بالتصعيد في منطقة بحر إيجة بالقدر الذي يضمن له تحقيق مكاسب على مستوى شعبية حزبه ذي المرجعية الإسلامية، ولكنه في نفس الوقت لن يصعد بالقدر الذي يسهل الاتحاد الأوروبي فرض العقوبات عليه.

وفي هذا السياق، قال "ديفيد ل.فيليبس"، مدير برنامج بناء السلام والحقوق في معهد حقوق الإنسان بجامعة كولومبيا، إنه في الذكرى السنوية الأولى لغزو تركيا واحتلال مناطق في شمال شرق سوريا، فإن الرئيس التركي يسعى إلى صرف انتباه الأتراك عن أوضاع الديمقراطية الفاشلة في الداخل التركي.

وبحسب ديفيد فإن ذلك إضافة إلى تشتيت الانتباه فيما يتعلق الاقتصاد المحلي شديد التعثر ومستويات الهبوط القياسية لليرة التركية، وذلك عن طريق الترويج لحروبه وجولاته العسكرية في سوريا والعراق وليبيا والصومال وكذلك منطقة شرق المتوسط، ولا تكتفي أنقرة بهذا وإنما تعتمد على التهديد بين حين وآخر بتنظيم ارتكاب إبادة جماعية للأرمن في ناغورني قره باغ.

ووفًقا للتقرير فإن أردوغان يمتلك عدة دوافع للتصعيد، من ناحية فإن أيدولوجيته الراديكالية معادية للغرب بطبيعتها، كما أنه يهوى حصر أي صراع في إطار ضيق ومن منظور إسلامي يعادي الكفار، ويبذل قصارى جهده في محاولة إثبات ولائه لهذا التيار الإسلامي الذي ينتمي له ويقوده.

وأكد أنه سيحرص على أن يكون هذا التصعيد أقل من القدر الذي يستدعي فرض الاتحاد الأوروبي لعقوبات رادعة، وفي وقت يعاني فيه الاقتصاد التركي من أوضاع متدهورة للغاية فإن أردوغان سيحرص على أن يزيد من وتيرة تحركاته الخارجية لصرف الأنظار.

وبحسب المركز، فإن أنقرة تمتلك الكثير من الخيارات لاستفزاز الجانب اليوناني والتصعيد معه، ومنها اللعب على اتفاقيات المضائق، فقد نصت اتفاقية مونترو الموقعة عام 1936 على أن يكون مضيق البسفور ممًرا مائًيا دولًيا، ولكنها منحت أنقرة الحق في تقييد مرور حركة السفن غير المطلة على البحر الأسود، مع الوضع في الاعتبار أن حوالي 3 ملايين برميل نفط و20 مليون طن منتجات بترولية تعبر المضيق في كل عام، ومن المرجح أن تزداد هذه الأرقام في المستقبل القريب، فضلًا عن أن هناك أكثر من 40 ألف سفينة عبرت المضيق في عام 2019، أثناء نقل ما يقرب من 650 مليون طن من البضائع، ولا شك أن هذا المستوى من حركة المرور ونقل البضائع يؤكد أن المضيق يتمتع بموقع دولي متميز فيما يتعلق بنقل البضائع مما يجعله واحدًا من أهم ممرات التجارة البحرية الدولية في العالم.

كما أنه في عام 2019، شكلت حركة السفن اليونانية عبر المضيق 21% من حركة التجارة العالمية و53 % من طاقة الاتحاد الأوروبي، وذلك بعبور 4936 سفينة تزيد حمولة الواحدة منها على ألف طن بإجمالي حوالي 390 مليون طن.

بينما في عام 2018 مثلت السفن اليونانية 32 %من إجمالي سعة الناقلات و23 %من سفن البضائع الجافة و15 %من طاقة المواد الكيماوية والمنتجات البترولية كما بلغ حجم الأموال التي يديرها ذلك على الاقتصاد اليوناني حوالي 6.16 مليار يورو.

وبالتالي كما يقول المركز، فإن أنقرة إذا أقدمت على فرض قيود على حركة السفن اليونانية فإنها ستوجه ضربة قاصمة إلى الاقتصاد اليوناني، وبحسب محللين فإن أنقرة لديها الحق في إغلاق مضيقها أمام السفن اليونانية بحجة التهديدات في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط، وذلك استنادًا للمادة 20 من اتفاقية مونترو والتي تنص على أنه في حالة وجود تركيا في وضع حرب فإن أحكام الاتفاقية من البند العاشر للبند الثامن عشر لا تطبق وُيترك لأنقرة حرية التقدير الكاملة فيما يتعلق بعبور السفن من عدمه.

ويشير التقرير في هذا الموضع إلى تصريحات الجنرال المتقاعد "جهاد يايجي" حول أنه إذا قام الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على أنقرة فإنها تمتلك عدة خيارات بخصوص عرقلة حركة الملاحة في المضيق.

ولكن هذا ليس صحيًحا بشكل كامل لأن فرض الاتحاد الأوروبي لعقوبات على تركيا لا يعني أن الأخيرة في حالة حرب ولا يتيح لها إمكانية إغلاق المضيق بالتبعية، وكما هو العرف المتبع في الاتفاقيات الدولية فإن البنود تستند إلى مبدأ حسن النية، وبالتالي من غير المقبول أن تسيء تركيا استغلال البنود لمجرد أنها استندت لهذا المبدأ.