رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا كورة نفعت




حصلت النكسة، ومش محتاج أقول لك، كانت قد إيه صادمة، هو أى هزيمة عسكرية لـ بلد صادمة، صادمة وحزينة ومهينة، إنما ٥ يونيو تحديدًا، متهيأ لى إنه من أكتر الهزائم فى الصدمة.
المصريين كانوا يمتلكوا تصور، يكاد يقترب من اليقين، إننا هـ نكتسح إسرائيل، لو قيسناها على تصور كروى، أحكى لك عن صديق زملكاوى، قبل ماتش الأهلى وريال مدريد، لقيته بـ يقول لى، إنه جاب تذكرة لـ الماتش.
استغربت، قال لى إنه اشترى تذكرة وعداد، علشان مش هـ يعرف يعد الأهداف، اللى هـ تيجى فى الأهلى، تخيل شعوره بقى لما الأهلى كسب.
أم كلثوم يوم ١ يونيو ١٩٦٧، كان عندها حفلة ختام السيزون، وقالت: على غير العادة دى مش حفلة الختام، عشان عندى حفلة الشهر الجى فى تل أبيب.
أجواء الصدمة دى، خلقت حالة من الهستيريا، بس هستيريا صامتة حزينة، الكورة، كانت شماعة مناسبة، تتعلق عليها الهزيمة، وإنه اهتمام الدولة المبالغ فيه، واهتمام عموم المصريين بيها، وانشغال القادة العسكرية بـ ماتشاتها، كانوا سبب فى الفاجعة، فـ توقف النشاط كله، واختفت الكورة من مائدة المصريين.
قرايتى الشخصية، إنه بعد سنة مثلًا، كان طبيعى الموضوع دا يخف شوية، والناس تحن لـ الكورة، إنما الدولة أصدرت قرار، وكان صعب على واحد زى ناصر، إنه يتراجع.
خلاص، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.
مشاركات الإسماعيلى فى إفريقيا، اللى كلمتك عنها، خصوصًا نسخة ١٩٦٩، اللى اتلعب ماتشها النهائى، ٩ يناير ١٩٧٠، على استاد القاهرة، بـ تكشف لى، إنه «الناس» فى عمومها، ما كانش عندها هذا الموقف من الكورة.
محدش كرهها، محدش فقد شغفه بيها، محدش فقد انتماءاته الكروية، هم بس تقبلوا التفسير فى بادئ الأمر، إنما تظل كرة القدم كرة القدم.
إنما ناصر فضل على موقفه، لـ حد ما اتوفى ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠.
لما جه السادات، وخاض الصراع الشهير على السلطة، ثم حسمه، كان من أوائل القرارات اللى خدها، عودة نشاط كرة القدم، وعودة الدورى العام، الموضوع دا، كان مثار اعتراض من «المثقفين»، وهاجموه بـ شدة، واتهموا السادات، بـ إنه رجع يلهى الناس عن «المعركة».
مع أول مظاهرات طلعت من الشباب، أحمد فؤاد نجم كتب:
«لا كورة نفعت ولا أونطة
ولا المناقشة وجدل بيزنطة
يشغل شبابنا عن القضية»
مع إنه سبحان الله، نجم، الله يرحمه، كان مشجع عتيد لـ الكورة، بس دا اللى كان سايد بين المثقفين.
فى الأجواء دى، بدأنا موسم ١٩٧١- ١٩٧٢، بعد أربعة مواسم، ما أقيمتش فيهم المسابقة، جمهور الكورة نفسه بقى، كان على عكس المثقفين، رجع أكثر هوسًا بـ اللعبة، وبـ الأندية، وكان فيه عصبية واضحة.
الدورى لما رجع، كنا ١١ نادى فى المسابقة، الأهلى لم يكن يمتلك فريقًا، جيل الستينيات، اللى هو أساسًا ما كانش مميز، اعتزل، وما اشتغلناش خالص على تكوين فريق بعد النكسة.
كان النشاط مجمد، وفى الأهلى بـ الذات، كان مجمد فعلًا وقولًا، فـ لما رجعنا، كانوا لاعيبة شباب مغمورين، بـ استثاء يمكن مروان كنفانى، واللى حكيت حكايته كتير، ومعاه ميمى الشربينى، إنما يفضل فى النهاية الأهلى.
جه ماتش الإسماعيلى بتاع الدور الأول، وكان ماتش الإسماعيلى، وبعد نص ساعة، فقد الأمن الكنترول تمامًا، كدا، بـ دون أى أسباب، الماتش صفر صفر، ومفيش حاجة تستدعى أى حاجة، إنما الجماهير مشحونة، وحصل شغب، وباظت المباراة، والحكم لغاها.
اتحاد الكورة قرر إعادتها يوم ٤ فبراير ١٩٧٢، بس طبعًا ما اتلعبتش، لـ إنه لما جه ماتش الزمالك، حصلت الكارثة، الماتش كان ١١، جات الدقيقة ٦٥، الحكم حسب بنالتى لـ الزمالك، اتسجل منه الهدف التانى، وقامت الدنيا وما قعدتش.
شغب وعنف بـ زيادة، الاستاد اتكسر، حصلت إصابات منهم لواء شرطة، والماتش طبعًا اتلغى، ثم اتحاد الكورة أجّل استئناف المسابقة لـ أجل غير مسمى، ثم لغى الموسم تمامًا.
هنا بقى، الزمالكاوية بتوع الأرقام والإحصاءات، بـ يحسبوا الماتش دا فوز لـ الزمالك على الأهلى، يعنى، الماتش ما كملش، والموسم اتلغى، بس أهو فوز لـ الزمالك وخلاص.
أهمية الفوز دا إنه يمنح الزمالك رقمًا قياسيًا، يخص لقاءات القمة، تمام، كل واحد عنده عقل مريحه.
المهم، اتلغت المسابقة سنتها، وتقرر إنه الكورة بدءًا من الموسم الجديد، تجرى فى إجراءات أمنية مشددة، أيًا كان الملعب اللى بـ تجرى عليه، وحصل تجهيز لـ الملاعب، وتشكيل قوات أمن مخصوصة لـ الماتشات، تنتشر بـ طريقة معينة قبل أى لقاء، وبقت «موافقة الأمن» أساس من أساسيات كرة القدم فى مصر، وبقى الأمن شبه شريك لـ اتحاد الكورة فى إقامة الماتشات.
ثم جاء صالح سليم