رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبراج الضغط العالي.. «الصعود إلى الموت» !

أبراج الضغط العالي
أبراج الضغط العالي

لازالت أبراج الضغط العالي تحصد أرواح الأبرياء، وتمثل مصائد الموت، ليس فقط، لسكان المناطق التي تتواجد بها إنما للعاملين على صيانتها.

فقد أفجعت الواقعة الأخيرة لموت أحد الشباب بقرية المنيل، التابعة لمركز طلخا بالدقهلية صعقًا فوق أحد أبراج الكهرباء أثناء صيانته لعُطل فني بكهرباء القرية قلوب أهالي قريته، وتداولوا مقطع فيديو، يظهر فيه الشاب بعد أن توفى وهو عالقًا فوق البرج وسط صراخ وبكاء الحضور، ومحاولات آخرين إنزال الشاب من أعلى البرج، بعد أن تجمد جسده.

الراحل كان يدعى "يسري.م" طالب بالفرقة الرابعة كلية التجارة جامعة المنصورة، وكان يعمل مع والده مقاولًا للكهرباء، ومسؤول عن العمال العاملين معهم، حيث إنهم كانوا ينقلون أسلاك الضغط العالي من البرج الكهربائي القديم إلى آخر جديد.

وفي التقرير التالي نفتح ملف أبراج كهرباء الضغط العالي التي تقتل مَن يعيشون أسفلها ومَن يقترب منها.

فللتّعرف على حجم الأخطار التي يتعرض لها مسؤولي صيانة أبراج الضغط العالي للكهرباء تواصلت «الدستور» مع أحد مهندسي الصيانة الذي قال إن الكثير يشاهد هذه الأبراج ولا يلتفت إلى الجهد الشاق للحفاظ عليها من التلف، وما يعرض هذا الجهد مسئولي صيانتها إلى أخطار هائلة، موضحًا أنه عاصر عددًا لا حصر له من تلك الحوادث طيلة 20 عامًا قضاها في عمله، نتيجة عدم وعى المصريين بخطورة تلك الأبراج.

وأشار مهندس الصيانة إلى أنه لا توجد فرق متخصصة تابعة لشركة نقل الكهرباء تقوم بصيانة الأبراج بشكل دوري، حسب طبيعة المكان والظروف الجوية التي يتعرض لها البرج.

وتابع أن هناك عدد من العاملين تقع لهم حوادث عديدة بسبب محاولة أحدهم التوصيل مباشرة من تلك الأبراج، أو بسبب البناء أسفلها، لافتًا إلى وفاة 3 أفراد العام الماضي في الجيزة.

أضاف مهندس الصيانة أن مدة الصيانة للبرج تختلف من شهرين إلى 6 أشهر، بحد أقصى، وذلك بحسب تعرضه للأتربة والدخان، وكذلك درجة الرطوبة، موضحًا أنه يعد الحفاظ على نظافة البرج أمرًا هامًا مشيرًا إلى أنه هناك 3 طرق لذلك الأولى طريقة النظافة اليدوية، والثانية الطريقة الميكانيكية المائية، وأحيانا باستخدام الطائرات.

الدكتور تامر عبدالله شراكي، استشاري الأمن والسلامة المهنية، أوضح أن العاملين في أبراج الضغط العالي يتعرضون لعدة مخاطر ميكانيكية وفيزيائية وكهربائية، فضلًا عن مخاطر الحوادث والإصابات، نتيجة الانهيارات أو الانزلاقات، ما يلزمهم بالعديد من معايير السلامة، لافتًا إلى أن معايير السلامة الخاصة تقتضي أن تضع كل المخاطر المحتملة في الحسبان، بجانب فضل التيار الكهربي تمامًا، وتدريب العاملين على العمل فوق ارتفاعات، لأن معظم الشركات لا تدرب العمال.

وتابع أن هناك عدة إجراءات يجب على الشركة توفر المناسب منها للعمال، وتعد أرخص الوسائل هي "حزام الأمان"، المربوط في وسيلة حماية من السقوط، إضافة إلى عدد من الاحتياطات الأخرى، مثل وضع شبكة أو الربط والتأمين ببرج مجاور أو سلم جار غيرها، كما أوضح أن عدم الالتزام يكون في عدة صور، أولها عدم توفير الشركة لوسائل الأمان، والثانية عدم التزام العمال أما الثالثة فتكون بعدم وجود عقوبة رادعة لغير الملتزمين.

وأكد خبير السلامة المهنية أنه قبل العمل في إصلاح برج ضغط عال يجب أن يكون هناك مهندس متخصص يصرح بإخلاء الموقع بالكامل، وعمل عزل كهربائي تام، واستشاري تربة حتى لا يسقط البرج، من خلال فحص التربة، ووضع قواعد خرسانية حسب طوله وحجمه، وكذلك مهندس إنشاءات للتنفيذ، ليكون استوفى معايير السلامة.

أوضح شراكي أن العاملين بأبراج الضغط العالي، يتعرضون لأنواع عديدة من الإشعاعات، نظرًا للمجال الكهرومغناطيسي والإشعاعات فوق البنفسجية، حين تكون نسبتها من 100 مم إلى 480، وهو الأمر الذي يمثل خطرًا على العين لتدميره شبكية العين، إضافة إلى العديد من المشاكل الجلدية تصل إلى سرطان الجلد، وبعض المخاطر الأخرى مثل نوبات الصداع، الاضطرابات والتعرض للأشعة تحت الحمراء فوق البنفسجية الذي يصل إلى سرطان الدم، وإصابة الأعضاء التناسلية.

وبحسب بيانات وزارة الكهرباء، فالمَسافة الآمنة لتجنب مخاطر أبراج الضغط العالى تبلغ 25 مترًا، لكن الكارثة أن تلك الأبراج تلاحق آلاف المبانى، وتمر فوق آلاف المنازل وتهدد الجميع بالموت صعقًا.

فى سياق متصل، أكد الدكتور أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أن قانون وزارة الكهرباء الجديد يجرم الإنشاءات في حرم أبراج الضغط العالى، مضيفًا أن وزارة التخطيط بالتعاون مع وزارة الكهرباء رصدت أكثر من مليار و70 مليون جنيه لتحويل الخطوط الهوائية إلى كابلات أرضية لرفع الضرر عن المواطنين.