رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسامة الأزهرى للشعب المصرى: لا تبخلوا على وطنكم بالكد والجهد

الدكتور أسامة الأزهري
الدكتور أسامة الأزهري

ألقى الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، أحد علماء الأزهر الشريف، خطبة الجمعة، اليوم، بمسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت عنوان الرزق وفضيلة السعي في العمل.

وقال الأزهري، إن قضية الرزق من القضايا التي تشغل بال الناس جَمْعِيًّا وتمثل همًا شَاغَلَا لبال كثير من الناس ما بين مهموم برزق غده، وما بين متفكر في توسيع رزقه، وما بين قلق على مستقبل أولاده، وما بين مثقل بديونه، مشيرًا إلى أن جميع الخلق لهم فكر دائم في قضية الرزق وكيفية توسيع أبوابه وتعدد مصادره، مضيفًا أن العقل المسلم انطلق يقرأ الوحى الشريف ويتأمل ما الذى أراده الله أن يقربه أذهاننا فى قضية الرزق،فوجدنا أن الله جعل قضية الرزق تدور على عدد من المبادئ.

وأضاف أن المبدأ الأول لا يقتصر ولا يتوقف عند المال فقط، فالرزق مفهوم واسع لكل ما ينتفع به العبد في الذكاء والعقل والحرفة ورجاحة العقل وحسن الخلق والتمتع بالمنزلة بين الناس رزق، والولد الصالح بأبويه رزق، والزوجة الكريمة رزق تبره وتدعمه فى سبل الحياة، والرزق باب واسع يطلق على كل ما يهبه الله لعباده من ظروف العطايا، وبين الله لنا أن صنوف الأرزاق ترجع إلى خزائنه، قال تعالى "وَإِن مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُوم".

وذكر أن الله تعالى عنده خزائن العلم والحلم والجاه والشهرة والمنزلة والأموال والذرية، والنسل، وعنده خزائن كل شىء وهو سبحانه ينزل من خزائنه بقدر معلوم على عباده، مشيرًا إلى أن القضية الثانية أن الله ضمن أرزاق عباده وتكفل سبحانه بها، وقال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّة فِي الْأَرْضِ  إِلَّا عَلَى اَللَّه رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلّ فِي كِتَابٍ مُبَيِّن"، إلا أن الله جعل الرزق على نوعين، رزق مضمون ومحتم يسوقه الله رغم أنفك، ورزق مؤقت مرهون ومشروط بأن يتحقق من العبد سعى إليه.

ونوه الأزهري بأن هناك نوعًا آخر من الأرزاق جعله الله معلقًا في سماء العبد حتى يأخذ بأسبابه، ولذلك وصف الله ذلك الميزان الإلهي قال تعالى "اَللَّه يَبْسُطُ اَلرِّزْق لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ"، أي أنه يفتح الخزائن لمن كد وتعب وسعى ويغلقها على من تهاون أو تواكل أو فرط، فالرزق المضمون يطلبك طلبًا ومن موقوت لا بد من سعى له حتى تبلغه.

وأكمل: ربما كنت مصليًا وذاكرًا ثم أجد رزقي ضيقًا، وأرى جاري لا عهد له بالصلاة، إلا أن الله وسع له رزقه، فكيف يكون هذا والجواب أن الرزق المضمون الذي تقوم به الحياة سيأتي لك كنت مؤمنًا أو غير مؤمن، أما الرزق المشروط فمن اجتهد فيه ناله مؤمنًا أو غير مؤمن، ومن تكاسل حرم منه ولو كان أتقى الأتقياء.

وأكد أن العبد متى سعى وبذل الجهد وقام بعمله على الوجه الأكمل ينبغي ألا يصاب بالقلق بعد ذلك، مشيرًا إلى أن الأمم والدول والحضارات من حولنا تبلغ الغاية القصوى من سعة الأرزاق ويسر المعيشة بمقدار ما تبذله الشعوب من جهد وعرق، وإذا بذل الجهد سكن القلق، والله الحكم العدل ضامن لقسط من الأرزاق، وله الوعد الأكرم من القسم الثاني إذا بلغ الجهد.

وتابع: اليابان هُزمت في الحرب العالمية ودمرت تدميرًا، لكن شعبها لم ينكسر، بل قام وبذل العرق وبنى وطنه، وألمانيا خرجت من الحرب العالمية الثانية مدمرة، لكن لم تنكسر إرادة شعبها فنهض وأعاد بناء وطنه، مضيفًا: رغم الكساد الذي حل في الولايات المتحدة الأمريكية والذي حدث في العشرينيات، فإن الشعب الأمريكى رغم ما شهده من كساد وبطالة وفقر وتشريد أعاد بناء وطنه، كما أن أرض الكنانة مصر خرجت بعد نكسة ١٩٦٧ لم تنكسر إرادة الإنسان المصري وأعاد بناء وطنه وجيشه، وتحمل المشقة حتى انتزع النصر من بين أنياب الهزيمة.

واختتم الدكتور أسامة الأزهري خطبة الجمعة، مؤكدًا أن الله يريد من الإنسان أن ينهض ويتعب، موجهًا رسالة فيها "أيها المصريون احملوا وطنكم على عواتقكم، وابذلوا له أرواحكم ولا تبخلوا على الوطن بالكد والجهد والعرق ولا تسمحوا لمثبط أن يملأكم بالإحباط.. شيدوا أرض وطنكم وحافظوا وسلموه للأجيال عظيم القدر، والله جل جلاله هو خير الرازقين، ومتى بذل العبد اليسير من الجهد، فإن الله يقابله بالعظيم من العطاء".