رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تبطين الترع».. أمل جديد لتوفير المياه

مشروع تبطين الترع
مشروع تبطين الترع


يعد مشروع «تبطين الترع» واحدًا من بين أهم المشاريع القومية التي يهتم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث ألزم بسرعة إنجازها خلال افتتاحه مؤخرًا لبعض المشروعات بمحافظة سيناء، ليطالب بقصر مدة إنجاز هذا المشروع مصدرًا تعليماته بالانتهاء منه في مدة عامين فقط بدلًا من 10 أعوام.

«تبطين الترع» يستهدف توفير حوالي 5 مليارات متر مكعب من المياه، التي يتم هدرها وفقدها في الشبكة المائية على طول مجرى النيل من الموارد المائية سواء من نهر النيل أو من الأمطار أو المياه الجوفية أو المعالجة.

وتواصلت «الدستور» مع بعض السواعد المصرية المشاركة في هذا المشروع القومي من مهندسين وعمال وتعمل ليل نهار في جهد متواصل من أجل إنجازه.

مهندسة المشروع: نقضي ساعات طويلة في العمل لكننا سعداء بهذا المشروع الضخم

قالت المهندسة مروة أحمد محمد العيسوي رئيس قسم توزيع المياه بري الغربية والمشرف على أعمال ترعة البوريج بمدينة طنطا، إن مشروع تبطين الترع يعد أهم مشروع قومي خاص بالمياه وتوفيرها على مدار السنوات الأخيرة، موضحة أن نتائج هذا المشروع سيلمسها المزارع البسيط بنفسه من خلال تسببه في سهولة وصول مياه الترع إلى أراضي المزارعين بشكل كبير، فهو سيجعل هناك مرونة كبيرة برحلة المياه من بداية الترع إلى نهايتها، كما أنه سيقلل المهدر من المياه، وهي تلك الكميات التي تتسرب إلى داخل الأرض وداخل الجسور موضحة أن الخرسانة التي يتم التبطين بها تحكم حركة المياة، وبالتالي تقلل كثيرا تسربها.
وأضافت: «تستمر ساعات العمل لـ١٢ساعة متواصلة، حيث يبدأ حوالي الساعة السابعة صباحًا وينتهي أحيانًا السابعة مساءًا، وهناك ٤ من المهندسين يشرفون على تنفيذ المشروع بترعة البوريج، وجميعهم يصارعون الزمن من أجل إتمامه على أكمل وجه».

بجانب توفير المشروع لكميات هائلة من المياه، يعمل مشروع تبطين الترع أيضًا على تقليل عقود تطهير المياه التي كانت تبرمها وزارة الري، بتكلفة مالية ضخمة، وذلك حسبما تقول مروة، موضحة أن عمليات التطهير كانت تتكلف مبالغ ضخمة بالترع غير المبطنة، إلا أن الأمر سيختلف مع التبطين فهو سيعمل على تطهير الترع من الحشائش العالقة، وتعوق حركة المياه وتزيد من تلوثها، وبالتالي وقتها لا تحتاج للجهود الكبيرة التي كانت تحتاجها في التطهير من قبل، هذا بالإضافة إلى المظهر الجمالي النظيف الذي ستبدو عليه الترع بعد عمليات التبطين تلك.

أكدت كذلك المشرفة على المشروع، أن ما يمثل تحديًا حقيقيًا أمام جميع العاملين بهذا المشروع، هو العمل في خلال عشرة أيام فقط ثم التوقف من أجل فتح الترعة للمزارع لمدة 5 أيام، والعودة مرة أخرى لاستكمال العمل وهكذا، ليتسنى للفلاح القيام بأعماله الزراعية دون أي تعطل، وهو ما يمثل بالطبع ضغطًا على جميع العاملين في أداء أعمالهم وإنجازها وتحقيقها بسرعة لكي لا يتعطل الفلاح، ولكن ما يهمنا حسب توضيحها هو مصلحة الفلاح البسيط وعدم تضرره أثناء أي عمل تنموي.
أما عن عملها داخل الموقع بكونها امرأة فتقول: «العمل مرهق لنا جميعًا سواءا كنا رجالًا أم نساءًا، لكننا جميعًا نفخر بالمشاركة في هذا المشروع الضخم، ولا نشعر بعناؤه»، موضحة أنه رغم صعوبات العمل التي تواجهها لكونها امرأة وتعمل في تلك المهام الصعبة، وتقتضي أحيانًا قضاؤها وقتًا طويلًا بعيدًا عن أسرتها وأولادها، وعودتها إلى منزلها بأوقاتًا متأخرة، إلا أنها ترى بها متعة حقيقية نتيجة إيمانها الصادق بأهمية هذا المشروع القومي الذي وصفته بالعظيم، موضحة إيمان أسرتها كذلك به، وتشجيعها على المضي قدمًا في إنجازه.

مهندس بالمشروع: إشراف ومتابعة شبه يومية من كبار المسئولين
يصف المهندس محمد الصاوي مهندس ومقاول مشروع تبطين الترع بكونه إنجازًا كبيرًا تعمل الدولة على إتمامه، بعناية فائقة وباهتمام بالغ، موضحًا أنه إلى الآن تم تبطين حوالي ٦٠٠ مترًا طوليًا من ٣آلاف مترًا بترعة البوريج بطنطا بمحافظة الغربية، أما بالترعة الجانبية الرابعة بذات المحافظة فتم الانتهاء من ٣٥٠مترًا طوليًا، وذلك من أصل ١٥٠٠ مترًا، وهذا بعد ٣ أسابيع فقط من الابتداء به، كما أشار أنه من المخطط أن ينتهي العمل بعد ثلاثة شهور

يعمل بالموقع الواحد حسب «الصاوي» مايقرب من ٨٠ فردًا ففي ترعة البوريج وحدها يعمل ٢٠ نجارًا،١٥ حدادًا و٥ مساحين و١٠عاملين بالخلاطات، بالإضافة إلى مايقرب من ٨ من سائقين اللودر، وهو ما يوضح فرص العمل الكبيرة التي فتحها هذا المشروع على أبناء المحافظة.

ولفت الصاوي إلى الإشراف والمتابعة المستمرة من قبل وزارة الري، وهذا من خلال جولات شبه يومية على مواقع تنفيذ المشروع، لمراقبة جودة الأعمال وكفاءة التنفيذ، وإبداء الملاحظات التي يتوجب تنفيذها، موضحًا أنه لايوجد أي صب للخرسانة إلا تحت إشراف مجموعة من أكفاء مشرفي وزارة الري.

مهندس المساحة: العمل على قدم وساق ونأمل الانتهاء قبل المدة المحددة
مهندس المساحة داخل مشروع تبطين الترعة بمحافظة الغربية وتحديدًا ترعة البوريج، أحمد رزق يوضح طبيعة عمله داخل المشروع بأنه يعمل على تنفيذ اللوحة التصميمية التي وضعها المكتب الاستشاري المنفذ لأعمال التبطين، مشيرًا إلى أن وظيفة مهندس المساحة تعد من أهم الوظائف في مثل هذه المشاريع نظرًا لكونه المسئول عن دقة تنفيذ المساحات والقياسات على أرض الواقع، والتي لا ينبغي على الإطلاق أن تختلف عما هو محدد لها بتصميم المكتب الاستشاري، لأن أي خلل بها يهدد المشروع كله بالفشل، لذا فالخطأ غير وارد الحدوث، لافتًا إلى أنه يتم المراجعة والإشراف الدوري على عمله بدقة شديدة من قبل مهندسي المكتب الاستشاري، ومسئولي وزارة الري.

وعن حجم الإنجاز اليومي للعمالة داخل الموقع يوضح رزق أنه باليوم الواحد يتم تبطين ما يقارب من ١٠٠مترًا طوليًا من الترع، متوقعًا أن يتم الانتهاء من الترعة التي يتم العمل بها حاليًا، وهي البوريج بعد شهرين فقط من العمل، قبل المدة المحددة الانتهاء فيها وهي ثلاثة أشهر.

كما أشار رزق إلى أن جميع المهندسين المشاركين في المشروع تم اختبارهم جيدًا من حيث الكفاءة قبل قبولهم بالمشاركة في المشروع، وذلك من أجل ضمان مستويات عالية من كفاءات العناصر البشرية تضمن تحقيق الجودة في التنفيذ.

‌يختم رزق حديثه قائلًا "تشرفت بعملي في هذا المشروع القومي الضخم"، موضحًا أنها لم تكن المرة الأولى التي يشارك فيها بأعمال قومية كبيرة، فهو سبق وأن شارك بمشروع النهر الأخضر بالعاصمة الإدارية الجديدة.


نجار: المشروع أنقذوا من البطالة
أما الأسطى هادي ابراهيم حسن ومهمته أعمال النجارة داخل المشروع، يؤكد أن تبطين الترع مثّل له، ولغيره من العاملين فرصة عمل ثابتة بجميع أيام الأسبوع بعد أن كان كثيرًا منهم كان قد توقف عن العمل بشكل كامل أو يعمل بأيام قليلة في الأسبوع "يوم أه ويوم لا"، بسبب أزمة "كورونا"، كما يتابع أنه اصطحب عدد من العمال معه وقت أن جاءته فرصة المشاركة بهذا المشروع الضخم، "أحضرت معي عدد كبير من الحدادين والنجارين وبعض العمالة"، موضحًا أن العمل يسع كثيرا من الأيدي العاملة.

وعن عمله تحديدًا داخل المشروع يقول نسد بالخشب حواف الترع من الخارج، كما نعمل على إنشاء فواصل بالترعة والتي يصل طول الواحد منها إلى ٦ أمتار.


حداد: المشروع مكلف كثيرا للدولة ولكن نتائجه تستحق
هيثم محمد حمزة أحد القائمين بأعمال الحدادة داخل المشروع يوضح أن وظيفته تتمركز في رص أسياخ الحديد اللازمة، ومن ثم صب الخرسانة فوقها، والتأكد من عدم تسريب المياة منها، موضحًا أن هذا المشروع يعد من أكثرالمشاريع تكلفة على الدولة، ولكن ما يوفره في المقابل من مياه يعد إنجازًا كبيرًا كما أنه سيعيد للترع مظهرها الجمالي الذي كان قد فقد منذ سنوات طوال بعد أن اصابتها يد الإهمال والتلوث، لذلك فهو يستحق تلك التكلفة وهذا العناء.

وأضاف في ختام حديثه أن جميع العاملين يسابقون الزمن من أجل الانتهاء من تنفيذ المشروع لا بموعده المحدد، ولكن قبل الموعد أيضًا.

وكيل وزارة ري الغربية: مشروع قومي وفر الآلاف من فرص العمل
المهندس عادل عبد القادر وكيل وزارة الري بالغربية كشف "للدستور" خطة الدولة في مشروع تبطين الترع موضحًا أنها تتمثل في تبطين ٧٠٠٠ كيلو مترًا خلال عامين، كما يضيف أن محافظة الغربية بدأت بأعمال المرحلة الأولى لمشروع تبطين الترع، والذي يجري تنفيذه بأغلب محافظات الجمهورية، موضحًا أنه من المخطط تبطين ١٥ترعة بالمحافظة، تم الانتهاء من تبطين ٢منهم إلى الآن، وذلك بعد أيامًا قليلة من بدء العمل بالمشروع، وأشار عبد القادر أنه تم وضع ميزانية لتنفيذ المرحلة الأولى للمشروع بالمحافظة قدرها ٨٧٢مليون جنيهًا.

وتابع أن أهمية هذا المشروع القومي تكمن في إمكانية توفيره كميات هائلة من المياة كانت مهدرة بالسابق، فضلَا على ذلك خلقه للعديد من فرص العمل خاصة بعد توقف دام لشهور لكثير من القطاعات بسبب فيروس "كورونا"، مثل قطاعات أعمال النجارة والحدادة والمقاولات، والتي وجد أصحابها فرصا هائلة للعمل بهذا المشروع.

خبير جيولوجيا: يمكن استغلال الترع المبطنة كمكان سياحي
الدكتور عبده الشراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بكلية الدراسات الأفريقي العليا أكد أن تبطين الترع سيعمل على الزيادة من سرعة سريان المياه بها، وبالتالي سيوفر على المزارعين ري محاصيلهم أكثر من مرة نظرًا لكون المياه سيمكنها الوصول إلى نهايات الترع بكل سهولة ويسر، وبالتالي لا يحتاج المزارع إلى دورة أخرى للري، عكس ماهو عليه الوضع حاليًا من احتياج المزارع لعدة دورات لري أرضه بالكامل، كما أكد شراقي على أن تبطين الترع يعمل كذلك على تطهيرها من الحشائش والشوائب التي اعتاد وجودها بالترع.

وأوضح أن التبطين سيشجع المواطنين كذلك على الحفاظ على المظهر الجمالي التي ستكون عليه الترع المبطنة، إذ سيعمل المواطن من نفسه على عدم إلقاء القاذورات والمخلفات بها نظرًا لما سيلمسه من تغييرًا ملحوظًا، ونظافة تعود بالنهاية على صحته حيث لا يتجمع وقتها حول هذه الترع الأمراض والأوبئة كما هو الحال حاليًا.

وفي هذا الإطار أيضًا كشف شراقي أنه يمكن استغلال الترع المبطنة، لتمثل مناطق سياحية يمكن من خلالها زيادة الدخل القومي للبلاد، وذلك لما ستتمتع به من مظهر حضاري وجمالي.
سوهاج: نصيب الأسد في تبطين الترع
يُذكر أن محافظة سوهاج كانت هي المحافظة التي حصلت على النصيب الأكبر في تنفيذ هذا المشروع بترعها، حيث كانت بداية تنفيذ المشروع بترع مراكز ساقلتة، وأخميم بمساحة 167 كيلو، بالإضافة إلى 5 ترع داخل مدينة طهطا بمساحة 14 كيلو مترًا منها، القبيصات، وترعة أبوالجود مركز بالمنشأة فى حالة التشغيل الفعلي، فضلًاعن طرح 65 ترعة بقرى المحافظ.

وعلى خلفية هذا طالب أهالى قرية الصفيحة التابعة لمركز طهطا بمحافظة سوهاج، بضرورة إيجاد حل لمسقى الرى التى تمر داخل الكتلة السكنية، المتفرعة من الترعة العمومية، لتسببها في خطرًا كبيرًا على المواطنين، وكذا بسبب الأطفال الذين يتساقطون فيها يومًا بعد يوم، بالإضافة إلى تحول هذه المسقى إلى مقلب لإلقاء القمامة والفضلات والمخلفات وتحولها إلى خطرًا يهدد الصحة العامة ويساعد على نشر الأوبئة والأمراض التي اخترقت الكتلة السكنية، كما حولت حياة السكان المقيمين بجوارها إلى جحيم، وذلك إلى أن أعلن عن المشروع القومى لتبطين وتأهيل الترع والمصارف ليكون طوق النجاة لهؤلاء السكان بالمنطقة.

وعن مشروع تبطين الترع بالمحافظة يقول المهندس محمد طايع مدير إدارة الموارد المائية والرى بسوهاج، أن هناك ثلاثة قطاعات تعمل على مشروع تبطين الترع وهم قطاع الري، الذي مبلغ 495 مليون جنيه له، والذي تم إسناده للشركة الوطنية، بالإضافة إلى قطاع الخزانات، وكذا قطاع التوسع الأفقي، موضحًا أنه تم تحديد عام كفترة زمنية للانتهاء من المشروع.

وحسب تصريحات وزارة الري فإنه تم البدء فى عمليات تأهيل وتبطين 40 ترعة رئيسية فى محافظات الاسماعيلية، والجيزة، وأسوان، وبنى سويف، وأسيوط بحجم أطوال تصل إلى 190 كيلومترًا.

كما أن تكلفة التنفيذ تقترب من 480 مليون جنيه، وذلك بتمويل ذاتي من مخصصات وزارة الري، ومن المقرر لأعمال التنفيذ أن تنتهى في فترة تتراوح بين 6 و8 شهور، وفقًا لحالة الترع.

جدير بالذكر أن مصادر التمويل للمشروع تتوزع بواقع %60 من الاعتمادات المحلية، و%25 قروضا خارجية و%15 فى شكل منح من مؤسسات التمويل الدولية، التى تدعم عددًا من برامج أنظمة الرى الحديث، وطرق ترشيد المياه فى الدول النامية.

كما تتوزع أعمال التأهيل والتبطين المستهدف تنفيذها، بين استخدام الدبش المغطى بطبقة خرسانة عادية والتبطين بالخرسانة المسلحة، بعد دراسة حالة كل ترعه على حدة.

وأعلنت وزارة الري أنه يتم حاليًا الانتهاء من طرح وتدبير اعتمادات مالية لـ200 عملية تأهيل للترع بطول 1050 كم داخل 17 محافظة، بقيمة تقديرية 2.8 مليار جنيه فى زمام حوالى 398 ألف فدان.

يُذكر أن حجم الموارد المائية حاليًا 76.4 مليار متر مكعب منها 55.5 مليار متر مكعب هى حصة مصر الثابتة من نهر النيل، وهى تشكل المصدر الأساسى من إجمالى الموارد المائية المتاحة، والباقي من الأمطار، وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي.