رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عز الدين بوركة يسرد تاريخ الفن التشكيلي المغربي من البدء إلى الحساسية

عز الدين بوركة
عز الدين بوركة

يقترح علينا الشاعر والباحث الجمالي المغربي عز الدين بوركة، في مؤلفه الجديد الصادر عن منشورات مؤسسة الموجة الثقافية، تحت عنوان "الفن التشكيلي في المغرب من البدء إلى الحساسية"، مقاربة نقدية تحاول الإلمام بتفاصيل مهمة في تاريخ الفن التشكيلي بهذا البلد العربي.

فالكتاب كما يقول صاحبه "ليس عبارة عن مؤلف تأريخي، لكنه مجموعة من المقاربات التي تتقارب فيما بينها من حيث الطرح ومن حيث التسلسل الزمني "الكورنولوجي"، في محاولة لتشكيل صورة عامة توضيحية لأهم المراحل والمدارس والأسماء، وإن لم يتطرق لجلها، التي رسمت معالمه الأولى والحديثة والمعاصرة".

ومن جهته يضيف الناقد الفني عبدالله الشيخ في تقديمه للكتاب، قائلا إن "هذا الكتاب أرضية عامة لتمثل القيم الجمالية والمرجعية لنماذج تشكيلية مسكونة بهاجس التحديث والتجربة وارتياد مغامرة الانزياحات الكبرى التي تقتضيها المنظومة الإبداعية في بعديها المحلي والكوني لعلها تقيم ثورة هائلة في سلم القيم والتمثلات".

يتجسد مقترح الباحث والناقد عزالدين بوركة في هذا المؤلف الجمالي عبر مقاربة تحليلية متحركة للمنجز التشكيلي بالمغرب انطلاقا من إرهاصاته التاريخية الأولى وبعض تجاربه الحداثية وما بعد الحداثية. مستحضرا تجارب كانت لها أدوار رائدة في كل من الفن الخام (الفطري)، والفن الحديث وفنون ما بعد الحداثة في جيل ما يسميه بالحساسية الجديدة، هذه الحساسية التي يصفها بأنها "مفرطة" في تأثرها بالمستجد والراهن والمعاصر، تتطرق إلى الهامشي واليومي والعابر والزائل والسياسي واللاهوتي والمجتمعي، لا اختارية فيها ولا انعزالية فهي قادمة من الهامش والشارع لا من الورشة والمرسم.

غير أن صاحب الكتاب يؤكد على أنه "يتعايش داخل الساحة التشكيلية المغربية ومنذ سنوات التسعينيات من القرن الماضي، ثلاثة نماذج كبرى أساسية جنبا إلى جنب، شأن المغرب في هذا الشأن العالم بأسره، وذلك بدءا من النموذج الكلاسيكي والحداثي وصولا إلى النموذج المعاصر. هذا الأخير الذي نصطلح عليه وعلى المنتمين إليه بـ"الحساسية الجديدة"، إيمانا منا بكون الفنان المغربي المعاصر بات يتمتع بحساسية رهيفة تجاه كل ما هو جديد وكل موروثاته الماضية الجمالية".

وفي سعي بوركة إلى البحث عن بدايات الخيط الرفيع الذي قاد إلى ظهور الفن التشكيلي في المغرب يقودنا عبر بحث في تاريخ هذا البلد الذي كان "مرسى وأرض عبور لمجموعة من الدول والأمم والإمبراطوريات والشعوب، من الأمازيغ واليهود واليونانيين والفينيقيين والعرب والأفارقة والعابرين إلى أقاصي العالم مستكشفين أسراره، وكم تكشف تلك الآثار الباقية على طول الساحل وعلى ارتفاعات الأطلس وعلى وجوه الجدّات وأسفل رمال الصحراء، وأعمق المحيط والمتوسط، عن تاريخ قديم وميراث كبير للثقافة الفنية بالمغرب، إذ لم يكن هذا الوطن أرضا خاوية وفارغة، بل شهد على تفوق شعوب ورحيل أخرى وعلى هجرات متتالية، وعلى حروب وصراعات وتنافس شديد على أراضيه وبحره ومحيطه، جعلت منه مسرحا لحضارات رحلت وتركت موروثاتها الجمالية المسموعة والمكتوبة والبصرية".

وإن كان للفن في المغرب جذور تعود إلى عصور بعيدة، فهذا لم يمنع البحث الجمالي عزالدين بوركة عن القول بأن الفن التشكيلي في المغرب قد بدأ أول ذي بدء "خاما"، مع مجموعة من الفنانين العصاميين، على رأسهم الفنان الراحل بنعلي الرباطي، الذي يعد أول فنان مغربي عرض أعماله بشكل احترافي، سنة 1916 بلندن. بهذا يكون هذا الباحث قد استطاع أن يكون صورة شاملة عن ما يزيد عن 100 سنة من الفن التشكيلي داخل المغرب الأقصى.