رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نساء مصر فى صدارة المشهد الانتخابى


لست هنا بصدد أن أذكر نسبة الحضور فى انتخابات مجلس النواب الجديد بالأرقام بالتحديد، رغم أنها تُعتبر نسبة مرتفعة فى ظل استمرار انتشار فيروس كورونا، وضرورة أخذ الحذر تجاهه، ولست هنا أيضًا بصدد رصد درجة المحافظة على الإجراءات الاحترازية للناخبين والمرشحين بسبب هذا الفيروس، لأنها تعود لوعى ولأخلاق كل منا فى الحفاظ على نفسه وعلى الآخرين.

لى هنا عدة ملاحظات مبدئية، وفقًا لما شاهدته بعينى ولمسته فى أثناء ذهابى للإدلاء بصوتى فى اليوم الأول للانتخابات البرلمانية، ووفقًا لمتابعاتى بشكلٍ عام لسير العملية الانتخابية حتى نهاية اليوم الثانى وإغلاق الصناديق، وذلك لضرورة تسليم مقالى لـ"الدستور".

فقد تكون أرقام الإقبال متفاوتة فى اللجان حول فترات الحضور صباحًا أو عصرًا أو مساءً تبعًا لظروف عمل أو إمكانية ذهاب كل مواطن أو مواطنة.
* الملاحظة الأولى أنها كانت انتخابات مختلفة وهادئة وحرة ومنظمة، وأنها كانت انتخابات حضارية ومتحضرة، لم يتمكن أعداء الوطن فى الداخل أو الخارج أن يشوهوا سيرها أو صورتها أو انتظامها، كانت الانتخابات حقيقة عرسًا ديمقراطيًا بقلوب نابضة بالحيوية لصالح المرأة المصرية بامتياز.
وأقول أيضًا، وبمنتهى الصدق والوضوح، إن المرأة المصرية كانت فى صدارة المشهد الانتخابى، وهى التى ستحدث فرقًا فى فوز أصوات المرشحين فى البرلمان المقبل.
إنها أدت دورها بجدارة مما يتطلب النظر فى مشاكلها التى ما زالت موجودة، وما زالت عالقة، وهى مشاكل حيوية تبحث عن حلول سريعة، كما ينبغى التصدى بشجاعة لكل قضية من قضاياها الحالية التى ينبغى الالتفات إليها من السادة النواب والنائبات، وذلك بعد أن يدخلوا البرلمان ويؤدوا اليمين.

كما أننى أتحدث هنا وفقًا لمشاركتى ومشاهداتى عندما توجهت للقيام بواجبى الوطنى، والإدلاء بصوتى فى انتخابات مجلس النواب الجديد، وكان ذلك فى منطقة شعبية بالجيزة، وفى مدرسة «المحافظة على القرآن الكريم» بشارع صغير ضيق، متفرع من شارع آخر.

ووفقًا لظروفى، توجهت فى السادسة مساءً، والحقيقة أننى شاهدت وأحسست منذ اللحظة الأولى حضورًا مُشرفًا وقويًا لنساء وبنات مصر فى اللجنة التى كنت بها، حيث يبدو أنه مع فترة العصر، تبدأ المواطنات والمواطنين فى الإقبال أيضًا على اللجان الانتخابية. 

كان مشهدًا بكل أمانة يبعث على البهجة والاعتزاز بدور المرأة الإيجابى الذى طالما دعوت إليه فى كل استحقاق انتخابى، وضرورة أن تكون موجودة وحاضرة كدور وطنى حينما يناديها الوطن.

رأيت والتقيت نساء من كل الأعمار، ومن كل الفئات، وبملابس من كل الأنواع والأشكال، رأيت شابات واعيات واعدات كالزهور المتفتحة جئن للإدلاء بصوتهن طواعية وحبًا فى بلدهن.

وأحسست أنهن مقبلات، ومبتسمات، ويبدو ذلك ملحوظًا بشكل واضح جدًا من خلال هذه الانتخابات، مما بعث فى نفسى البهجة والأمل فى قلبى بمستقبل واعد لبلدنا مع وجود الشابات أكثر من أى استحقاق انتخابى سابق.
كما رأيت سيدات وأمهات مسنات جئن اثنين اثنين أو مع أسرهن أو أحد أبنائهن، ورأيت ربات منزل من الجيزة جئن للمشاركة حيث يرين أن دورهن قد أصبح ضروريًا.

وهناك نساء جئن بعد الانتهاء من العمل أو بعد الانتهاء من تدبير شئون البيت.. كما تبينت بعد الحوار مع بعضهن أنهن يدركن أن هناك دعمًا كبيرًا من الرئيس للمرأة المصرية، وأنه يرعى المرأة ويهتم بأحوالها، هكذا وبكل بساطة يعبرن عن تقديرهن للرئيس الذى يشاهدن اهتمامه بأحوالهن ورعايته لأمهات الشهداء.
كما ينبغى أن أقول أيضًا إنهن يطمحن إلى تحسين أحوالهن المعيشية اليومية، وإلى خفض الأسعار ووقف ارتفاعها، مما يدعونى إلى القول إن تقدم نساء وبنات مصر الصفوف فى الانتخابات يعكس حرصًا على استمرار دورهن الذى قمن به فى ثورة يونيو ٢٠١٣.
وأعتقد أن ما رأيته فى الجيزة سينعكس على أرقام الحضور بشكل واضح مع إعلان النتائج، كما نقلت لنا أيضًا بعض القنوات المصرية على الهواء مشهد ازدحام الطوابير بنساء وبنات مصر فى محافظات عديدة.
* الملاحظة الثانية أننى بعد ما رأيته هنا فى الجيزة أمام عينى، فإننى أعتقد أن إصرار الناخبات على الحضور القوى بهذه الكثافة، وترك بيوتهن لتأدية واجبهن الوطنى يعنى أنه لن يستطيع أحد أن يعيدهن إلى الوراء أو يقلل من مكانتهن أو دورهن فى إنجاح المناخ الديمقراطى، مما يعنى ضرورة إضافة مزيد من المكتسبات فى حقوق نساء مصر ورفع المعاناة عنهن، والاستماع إلى شكواهن ومشاكلهن ومتابعة أحوالهن.
* الملاحظة الثالثة أنه ستكون لدينا نسبة مشاركة أعلى من الربع للمرأة فى البرلمان المقبل، وأيضًا هناك حضور قوى للمرشحات فى القوائم ودماء جديدة ووجوه جديدة ظهرت على ساحة العمل السياسى، أرجو أن تثبت جدارتها، كما أننى ومن ناحية أخرى أعتقد أنه مع هذا الحضور فى القوائم من المرشحات، فإنه يعنى أن عليهن فى المقابل مسئولية الالتفات للمساهمة فى سن تشريعات للتصدى لقضايا ومشاكل المرأة.
وهذا ليس تحيزًا منّى وإنما لأن التصدى لمشاكل المرأة يعنى تقدم المجتمع واستقرار الأسرة ورفع المعاناة عن كاهل الأم والأخت والابنة، إذن وانطلاقًا من هذا الحضور الكبير للنساء فى القوائم، فإننى أطالب أن تسهم النائبات فى المقابل فى سن تشريعات جديدة من شأنها التصدى لمعاناة النساء.
وقد كتبت عد مقالات فى الدستور فى الفترة السابقة، أتقدم فيها بمطالبات واضحة انطلاقًا من متابعة الواقع الفعلى للمجتمع وما يحدث فيه من مشاكل وقضايا عديدة تفاقمت وظهرت فيما بعد أحداث يناير ٢٠١١ فى مجال حقوق المرأة وفى مجال تطوير ملف الأحوال الشخصية ولحمايتها- بضرورة أن يكون دور النائبات الجدد تلبية طموحات المرأة والفتاة فى أملها فى سن تشريعات جديدة تحميها فى الشارع من التحرش والاغتصاب، وتكفل لها المساواة وتكافؤ الفرص والحياة المستقرة الكريمة، والقضاء على العنف وتحسين أحوالها المعيشية، ورعاية أكبر للمرأة المعيلة.
* الملاحظة الرابعة أنها المرة الأولى التى نرى فيها أن هناك فرصًا مفتوحة فى القوائم وفى الفردى لتيارات واتجاهات متنوعة.. مما يعنى التعددية فى الآراء تحت قبة البرلمان، مما يعنى تكريسًا للديمقراطية ولمبدأ تبادل الآراء.
* الملاحظة الخامسة أننى لمست أن هناك التزامًا تامًا وهدوءًا ملحوظًا فى داخل اللجان لرجال القضاء وحسن تعامل من رجال الأمن والشرطة مع الناخبين والناخبات بشكل عام.
* الملاحظة السادسة أن هناك حاجة ضرورية بعد انتهاء العملية الانتخابية للتوعية السياسية الرشيدة، ورفع درجة الوعى عند المواطنين والمواطنات، ليكونوا حائط صد مستمر ومستقر لكل مروجى الشائعات، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعى لنشر الأكاذيب الملفقة المستمرة والفضائيات المعادية كوسيلة لمحاربة مصر فى الداخل ومن الخارج، ولا بد أن يتم الاهتمام بإعلام الدولة أيضًا وأن يتم تطويره ليتمكن من أداء دوره فى الدفاع عن الدولة المصرية، ودعم عملية التنمية والاستقرار والديمقراطية والسلام.