رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عصام زكريا يكتب: سيرة القلب.. ذكريات عن الثقافة والفن والحب فى نصف قرن (7)

عصام زكريا
عصام زكريا

انتقلت من مدرسة «محمد على الإعدادية» إلى مدرسة «الخديو إسماعيل الثانوية» بشارع نوبار بالقرب من المبتديان. معظم مدارس المنطقة تحمل أسماء ملكية: «محمد على»، «الخديوية»، «الإبراهيمية»، «الخديو إسماعيل»، «الحلمية»، «السنية» أول مدرسة بنات أسست فى مصر، «بمبة قادن» (لا أعلم من بمبة قادن هذه!)، والوحيدة تقريبًا التى تحمل اسمًا مدنيًا كانت مدرستى الابتدائية «الشيخ على يوسف»، الصحفى الذى تمرد على النظام الملكى الإقطاعى وتزوج من ابنة الباشا رغمًا عنه، فكان جزاؤه تطليقها منه والتشهير به.

لا أعلم كيف استطاعت أسماء هذه المدارس أن تنجو طوال هذه العقود من مذابح تغيير الأسماء التى ترتكب مع كل تغيير للسلطة منذ عهد الفراعنة!
مدارس الثانوى فى مصر خطيرة مثل قنبلة موقوتة، أو لغم مزروع على الطريق، يمكن أن تنفجر فى أى لحظة. للأسف نظام الفصل بين الجنسين يضاعف من هذا الخطر، ولا يقلله كما يعتقد الكثيرون. وحتى فى هذه السنوات البريئة نسبيًا خلال النصف الثانى من السبعينيات كانت مدرستنا الثانوية تعج بالعنف والكبت والجموح، على الرغم من أنها لا تقارن بالطبع بالمدارس الآن، التى أصبحت مثل سجون الخطرين!

مرة واحدة على ما أذكر، جاء أحد الطلاب إلى المدرسة ومعه سيجارة حشيش وأخذ «يتمنظر» بها فى فناء المدرسة. قمنا بالتزويغ عدة مرات: مرة منها ذهبنا إلى السينما، ومرة ركبنا مترو حلوان من أول الخط فى محطة «باب اللوق» وذهبنا إلى آخر الخط فى حلوان وزرنا الحديقة اليابانية.

ذات يوم ارتديت بنطلونًا وقميصًا و«بلوفر» بيض اللون وحذاء أخضر فوسفورى، ووضعت «كابًا» فوق رأسى وذهبت إلى المدرسة فى هيئة ترافولتا. أخرجنى مدير المدرسة من الصف وطلب منى خلع «الكاب»، أثناء الصعود للفصول ارتديت الكاب مرة أخرى، وفوجئت بالمدير يقف أمامى، وقام بلسعى بالعصا وهددنى بالفصل لو ارتديت الكاب مرة أخرى.

فى مرة أخرى أثناء مباراة كرة قدم فى فناء المدرسة الكبير، قمت بمجاراة الزملاء فى سباب الحكم، وكان أحد المدرسين المتدربين القادمين من كلية التربية الرياضية، نظر نحونا ولم ير غيرى، ما زلت أهتف كالأحمق، فقبض علىّ من رقبتى وتعرضت للعقاب فى غرفة المدرسين لأكثر من ساعة قبل أن يفرجوا عنى.
هذا أقصى ما أتذكره عن أشكال «الصياعة» فى زمننا. فى النهاية كنا طلبة مدارس حكومية «محترمة»، على عكس طلبة المدارس الخاصة، وكانت إحداها فى مواجهة مدرستنا مباشرة، التى يتجاوز حجم التسيب و«الصياعة» بها مدرستنا بمراحل. فى هذه الأيام لم يكن يذهب إلى المدارس الخاصة «أم فلوس» سوى الذين لم يستطيعوا الالتحاق بمدرسة حكومية من أصحاب «المجاميع»، أى الدرجات الضعيفة أو الراسبين لعدة أعوام!

كانت الدروس الخصوصية شيئًا نادرًا، وغالبًا يستعين فيها الطلبة بأساتذة من خارج المدرسة، على أساس أن أستاذ المدرسة هو سبب ضعف التلميذ وليس غباءه.. كما أن الأساتذة كانوا يخجلون من إعطاء درس لطالب عنده لأن هذا يعنى أنه لا يقوم بواجبه فى الفصل على الوجه الأكمل. طبعًا هذا الكلام يبدو قادمًا من كوكب آخر الآن.. المهم.. خلينا فى «الخديو إسماعيل»:
ما بين مجاراة الزملاء «الأشقياء» فى «الصياعة» والتزويغ و«معاكسة» البنات. فى هذه الأيام كان يطلق عليها «معاكسة» وليس «تحرشًا»، وكانت لا تتجاوز بعض الكلمات الرقيقة التى نستقيها عادة من الأفلام المصرية. منذ عدة سنوات حكى لى صديق جزائرى فى مثل عمرى، التقيته خلال أحد المهرجانات السينمائية، أنه عقب الاستقلال كان التليفزيون الجزائرى يعتمد على المواد المصرية، وأنهم كانوا ينتظرون موعد الفيلم المصرى الأسبوعى ويخرجون إلى الشوارع بعده يرددون كلمات الحب التى سمعوها على مسامع الفتيات العابرات!
من المؤكد أن السينما تترك تأثيرًا على المجتمع وخاصة الأجيال الصغيرة، ولكننى لست مقتنعًا بأن السينما هى سبب انهيار الأخلاق. الحقيقى أن المجتمع الآن منحل أخلاقيًا بما يفوق السينما بمراحل كثيرة، والتحرش الذى يصل لانتهاك الأجساد والاغتصاب العلنى أحيانًا ليس بالتأكيد نتاج الأفلام. أفلام زمان كانت نتاجًا لمجتمعها، ولا يمكن تخيل صنع مثل هذه الأفلام الآن، لأنها ستبدو كقصص خيالية مضحكة!
«المعاكسة» كانت تقتصر على ترديد بعض كلمات الغزل بصوت مرتفع تسمعه الفتاة، ولم تكن تتجاوز هذا إلا فى حالات نادرة. ذات يوم جاءت إحدى الجارات باكية إلى جدتى لأن خالى الصغير «عاكسها» عند مدخل الحارة، دون أن ينتبه إلى أنها جارته بالطبع، وكانت مشكلة كبيرة. فى يوم آخر كنت أسير مع بعض الزملاء عندما مرت أمامنا ثلاث نساء إحداهن حبلى، وصاح أحد الزملاء بشكل عفوى: «يا حظ اللى نفخ البالونة»، وقد شعرت بالخجل كثيرًا من «قلة أدبه»، على الرغم من أن النساء ضحكن على كلامه. هذه كانت أسوأ معاكسة سمعتها فى صباى!

كنت أقول إننى كنت موزعًا بين مجاراة الزملاء فى اللهو والعبث وبين التصرف كشخص أعقل، أكثر نضجًا، كثير القراءة، يلعب الشطرنج مع أبطال الجمهورية المحترفين. كانت أيامى وأفكارى تتوزع بين الدافعين كالبندول الذى لا يستقر على حال، ولعلها لم تستقر بعد حتى الآن.

تحملت العام الأول من المرحلة الثانوية بصعوبة فى انتظار العام الثانى الذى سأنتقل فيه إلى القسم الأدبى وأرتاح من عذاب الرياضيات والكيمياء.
كنت متفوقًا فى اللغات والتاريخ وأحب الفيزياء والأحياء، وأكره الرياضيات والكيمياء بسبب معادلاتها الرياضية. حاول أبواى إقناعى بأن القسم العلمى أفضل «لم يكن قد انقسم بعد إلى علمى علوم، وعلمى رياضيات»، وحذرنى أصدقائى من أن «الأدبى» كله حفظ. وحتى الآن لا أفهم هذه المقولة السائدة، لأننى فاشل تمامًا فى حفظ المعلومات، ومع ذلك كنت أحب مواد الأدبى، وأتفوق فيها دون حفظ. حتى مادة «التاريخ» التى يقولون إنه مجرد حفظ، كان بالنسبة لى مثل قصة أو رواية طويلة من التى أقرأها، وأحفظ شخصياتها وأحداثها من أول مرة. أرقام التواريخ فقط كانت صعبة، لكننى كنت أربطها بتسلسل الأحداث فتبدو أكثر سهولة. من بين كل مواد القسم الأدبى كانت الجغرافيا فقط هى التى تبدو لى جافة ومجرد حفظ. الآن أدرك أننى كنت أستوعب بسهولة أى مادة تتكلم عن الإنسان «الفيزياء والبيولوجى كذلك»، بينما لا أستوعب أى مادة تتكلم عن مجردات وجماد. أجمل المواد بالنسبة لى كانت علم النفس والفلسفة والأدب. فى الإعدادية كان مقررًا علينا الجزء الأول من «الأيام» لطه حسين، وكان من أكثر الكتب الدراسية التى أحببتها فى حياتى. الكتاب الثانى كان فى مادة اللغة الإنجليزية وهو «حكايات من شكسبير» الذى يحتوى على تلخيص مبسط لبعض أعماله الشهيرة.

فى السنة الثانية بالثانوية كتبت أول قصة مكتملة فى حياتى. قبل ذلك كانت كتاباتى مجرد محاولات أولية وخواطر وأفكار وتلخيصات لكتب قرأتها. فى هذه الفترة قرأت كتابًا رائعًا بعنوان «فن القصة القصيرة» للدكتور رشاد رشدى، كان يحتوى على بعض النماذج العالمية البديعة. كذلك قرأت مجموعتين قصصيتين رائعتين لرائدى القصة القصيرة، وهما مجموعة الروسى أنطون تشيكوف التى ترجمها محمد القصاص، ومجموعة جى دى موباسان التى ترجمها على ما أتذكر أحمد حسن الزيات، والكتاب الأخير استعرته من مكتبة مدرسة الخديو إسماعيل، وهو أول كتاب أقرر «الاحتفاظ» به وعدم إعادته إلى المكتبة أو الشخص الذى استعرته منه.

بتأثير هؤلاء الأدباء كتبت قصة تدور حول فأر مختبئ فى أحد الجحور، يؤلمه الجوع، ويعلم أن قطعة الجبن التى يشم رائحتها عن بُعد هى غالبًا فخ، ولكنه فى النهاية يترك الجحر، ويندفع نحو قطعة الجبن داخل المصيدة التى تغلق عليه.

أخذت القصة وأعطيتها لمدرس اللغة العربية الذى توسمت فيه ناقدًا وخبيرًا يمكن أن أستفيد برأيه. فى اليوم التالى نادانى أمام الفصل كله وسألنى: من أين سرقت هذه القصة؟ قلت له إننى لم أسرقها، وأنا مؤلفها فلم يصدقنى، سألته: لماذا تعتقد أننى سرقتها؟ فقال لى: لأنك ضعيف فى النحو والصرف، وهذه القصة ليس بها خطأ نحوى واحد.
لا أعلم كيف خلت القصة من الأخطاء، ولكن ما أعلمه أننى بالفعل كنت فاشلًا فى الإعراب والنحو، لكننى أكتب لغة عربية سليمة بسبب كثرة القراءة والاستماع. اللغة من قبل ومن بعد هى اعتياد ونظام يثبت فى العقل، أما القواعد فقد وضعت لاحقًا، والقواعد كما تدرس فى كتب اللغة العربية لدينا صممت وكأن هدفها هو جعل الطلبة يكرهون اللغة، ولا أعتقد أن عدوًا للغة العربية يمكنه أن يضع كتبًا أسوأ من هذه.

مدرس اللغة العربية الذى اتهمنى بسرقة القصة قام بـ«الاحتفاظ» بأحد الكتب التى استعارها منّى. ذات يوم كان يتحدث عن تحريم رسم الصور، خاصة الأنبياء، فأخبرته أن لدى عددًا قديمًا من مجلة «الهلال» يحتوى على رسم للنبى محمد (ص) بريشة فنان أوروبى، وأن المجلة لم تقل إن هذا الرسم حرام. كانت رسمة جميلة على ورق «كوشيه» لامع يختلف عن بقية ورق المجلة، طلب معلم اللغة العربية أن يطلع على المجلة، فأحضرتها معى فى اليوم التالى، أخذها ولم يعدها لى أبدًا.

لا أعلم، هل اقتنع الأستاذ بأننى مؤلف القصة الحقيقى وليس مقتبسها أم لا؟ ولكنه لم يتوقف عند أى شىء آخر غير مناقشة القواعد النحوية. قرأت القصة لبعض المثقفين الأكبر سنًا الذين أقابلهم على سور كتب السيدة زينب. اثنان أو ثلاثة قالوا كلامًا طيبًا، ولكن أتذكر إصرار أحدهم على أننى لا بد أننى راقبت فأرًا حقيقيًا لساعات حتى أعرف كيف يتحرك ويتصرف.

لم أكن قد راقبت فأرًا ولا إنسانًا، وأعتقد الآن أن القصة كانت تروى بطريقة مجازية جانبًا من حياتى النفسية آنذاك: المراهق الحائر بين الغريزة والعقل، وقوة الغريزة التى تدفع المرء لارتكاب ما يندم عليه لاحقًا، من الطريف أن هذا النقد الذى تعرضت له قصتى الأولى يثير بعض المسائل التى تتعلق بطبيعة العمل الفنى والكيفية التى يستقبله بها الناس.
فى إجازة العام الدراسى قمت بترجمة أول كتاب فى حياتى، وكان كتاب شطرنج من تأليف بطل العالم الشهير بوبى فيشر، الذى اعتزل واختفى عن الأنظار عقب فوزه على الروسى سباسكى هناك فيلم حديث من بطولة توبى ماجواير وإخراج إدوار زويك، 2014، اسمه «تضحية البيدق» يروى حياة فيشر ولقاءه التاريخى بسباسكى.

لم تكن كتب الشطرنج، ولا أى كتب أجنبية، متاحة بسهولة كما هو اليوم، وقد استعرت الكتاب من لاعب صديق أكبر سنًا لمدة أسبوع، ولم يكن أمامى حل سوى نسخة باللغة العربية فى كراسة، ما زلت أحتفظ بها.

مسألة نسخ الكتب كانت شيئًا معتادًا بالمناسبة، كانت هناك رواية جنسية بعنوان «نساء صهيون» لخليل حنا تادرس على ما أذكر، ولم تكن مطبوعة فى مصر بسبب ما تحتويه من بورنوجرافية صريحة. هذا الكتاب قام بنسخه أحد زملاء الثانوى وكنا نتبادل استعارته فى الفصل كل زميل يحتفظ به لعدة أيام، وربما المدرسة كلها قامت باستعارة هذا الكتاب. 

هذه أيضا كانت المواد الإباحية المتاحة لنا، قبل أن ينتشر الفيديو كاسيت ونعيش تجربة «فيلم ثقافى» بحثًا عن فيلم على شريط فيديو وشقة وجهاز لعرضه.
بينما كنا فى الصف الأول تغير اسم المدرسة إلى «الخديو إسماعيل العسكرية»، مثل بعض المدارس الثانوية الأخرى، وأصبح لدينا ضباط جيش يلقوننا بعض الدروس والتدريبات العسكرية، وكان هذا أمرًا شاقًا لكن شيقًا بالنسبة لبعضنا، خاصة محبى الرياضة والألعاب القتالية.
فى العام نفسه ذهب السادات إلى القدس وبدأت مفاوضات السلام التى انتهت بمعاهدة «كامب ديفيد» فى العام التالى، وتم تغيير اسم الدولة من «الجمهورية العربية المتحدة» إلى «جمهورية مصر العربية»، كما تم تغيير السلام الوطنى «والله زمان يا سلاحى»، وشاهدنا الموسيقار محمد عبدالوهاب على شاشات التليفزيون يرتدى ملابس لواء جيش ويقود فريق العازفين الذين يؤدون السلام الجمهورى الجديد، وهو عبارة عن توزيع موسيقى لأغنية سيد درويش «بلادى لكى حبى وفؤادى».

فى الصباح التالى وأثناء تأدية تحية العلم، تقدم الضابط المسئول عن الطابور وهتف باسم الجمهورية القديمة «تحيا الجمهورية العربية المتحدة»، ورددنا الهتاف وراءه بينما مدير المدرسة وزملاؤه ينظرون إليه فى دهشة، ولم نره مرة أخرى بعد هذا اليوم.

حسب ما أتذكر كان معظم الناس العاديين فرحين بالسلام و«كامب ديفيد» ووعود السادات بالرخاء، خاصة مع الانتعاش الاقتصادى الذى حدث للبعض. لكن هذه السنوات شهدت أيضًا بدايات الحوادث «الإرهابية» مثل اغتيال الشيخ الذهبى ويوسف السباعى، وسمعنا لأول مرة عن تنظيم «التكفير والهجرة»، والإعلام والبلد كله بدأ يصطبغ بنعرة دينية وطائفية تتصاعد.  
فى هذه الفترة بدأت أسمع عبارات التمييز الطائفى لأول مرة. وبالمناسبة لم يكن التشدد الدينى مقتصرًا على المسلمين. فى الكنيسة بدأت فى ملاحظة هذا التشدد والميل إلى الانعزال، وحدثت تصادمات عديدة بينى ورجال الدين و«خدام مدارس الأحد»، حتى انقطعت عن زيارة الكنيسة تمامًا مع دخولى السنة الثانوية الثالثة.
وكانت جمعيات مثل «خلاص النفوس» البروتستانتية تستحوذ على عقول كثير من الأقباط، وبعض أقاربنا كانوا متشددين لدرجة أنهم يحرمون دخول التليفزيون والراديو إلى بيوتهم. كانوا يقيمون فى حى شعبى مكتظ بالسكان، وعندما يتجمعون مع بعض أصدقائهم للصلاة كان بعض الصبية يلقون بالحجارة على نوافذ وشرفة الشقة.

على مقهى «نادى الشطرنج» فى السيدة زينب بدأ يتردد يوميًا رجل غريب الأطوار، ضخم الجثة، أبيض الشعر، يرتدى جلبابًا أبيض نظيفًا دائمًا، يدخل المقهى يوميًا، ويتقدم من «النصبة»، يشرب الينسون واقفًا، ثم يهتف فجأة بفقرة تتكرر يوميًا، حفظتها ولا أنساها مهما مرت السنوات:
«يا ولد.. اقعد مكانك يا ولد.. واحترم نفسك بنفسك يا ولد.. اسحب.. اسحب وسوق على طول.. ولا يهمك من أى عزول.. أما اللى يقع.. فهو عن نفسه مسئول.. يعنى.. ع السلخانة على طول.. تمام.. كما حصل لعلى صبرى وشعراوى جمعة والفنية العسكرية.. كمان.. وكما كلوها كمان فى السودان.. وأيضا فى الأردن.. يا صهاينة».
لم أكن أفهم شيئًا مما يقول الرجل. ولكننا كنا نبتسم كلما أتى وتلا فقرته اليومية، وبعد ذلك بسنوات طويلة كنت أخلص بعض الأوراق فى قسم السيدة زينب المواجه للمقهى، وفوجئت بالرجل يعمل فى بيع المشروبات فى «بوفيه» القسم. هل كان دائمًا يعمل فى القسم، أم تم إسناد هذا العمل إليه فى وقت لاحق؟ لا أعرف.

كنا نبتسم كلما أتى الرجل وألقى بخطبته، ولكن كلامه الشبيه بالأحجيات والفوازير كان يحمل نذر شر لا نراه، ولكن نشعر به، شر راح يتصاعد ويقترب حتى انفجر كالبركان فى حياتنا.

لقراءة الحلقات اضغط هنــا
https://www.dostor.org/list/1408