رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ميلادها.. «السعداوي» و«حتاتة» قصة حب عجيبة قدوتها «دي بوفوار وسارتر»

نوال السعداوي
نوال السعداوي

كثيرون من حولهما شبهوا قصة حبهما وزواجهما٬ بتلك الخاصة بسيمون دي بوفوار وجان بول سارتر٬ قصة مثيرة للخيال المحب للنميمة والتلصص على حيوات الآخرين٬ تلك القصة الثلاثية بين دكتور نوال السعداوي٬ والتي تحل اليوم ذكرى ميلادها الــ 89 والدكتور شريف حتاتة٬ وبينهما الضلع الثالث للمثلث الشهير٬ وإن كان هذه المرة امرأة٬ هي الناقدة السينمائية "أمل الجمل".

ربما ما لم تفصح عنه السعداوي في تلك القصة٬ وآثرت أن يبقى طي الكتمان بعيدا عن التناول الإعلامي٬ هو جرح إمرأة غائر قضت في زواجها أكثر من ثلاثة وأربعين عاما٬ ظنت فيها أنها الرفيقة والصديقة٬ الزوجة والطبيبة الكاتبة الثائرة. ربما دارت بينها وبين نفسها حوارات أي امرأة عادية بسيطة٬ لم تعركها الحياة٬ فهي في النهاية امرأة٬ طلقها زوجها من أجل امرأة أخرى٬ كانت في يوم من الأيام٬ تقرأ كتابها "المرأة والجنس" سرا بعيدا عن عيون الرقباء من أفراد أسرتها٬ بحسب ما ترويه أمل الجمل بنفسها في كتابها "نوال السعداوي وشريف حتاتة وتجربة حياة":العنوان فادح الجرأة في ذاك الوقت، قد يعرض لعقاب أخلاقي من الأهل، وتحرش لفظي في الرايحة والجاية، من ذلك المجتمع الريفي. أحدهم قال لزميله: "نأبك طلع على شونة. الكتاب قرديحي من غير مشهيات"، في إشارة إلى أن الكتاب خالٍ من عوامل الإثارة الجنسية المأمولة.

تقول الجمل بقلمها: ساعدتني قراءاتي لأعمال د. نوال السعداوي ود. شريف حتاتة، إلى جانب الاقتراب من عالمهما الخاص، على رؤية الكثير٬ جعلتني أقترب من حياتهما المختلفة، مما أوحى إلي بإجراء حوار معهما تأكدت هذه الفكرة مع قراءة أشياء عبرا عنها في كتاباتهما أتذكر منها مثلا ما قاله د. شريف: "لا أبوح إلا بجزء من أفكاري، وأحاسيسي ورغباتي الحقيقية. فأين إذن الصدق الذي أدعيه؟. ما كتبته ليس سوى قمة جبل الثلج تحت المحيط٬ فما هو مختبيء أهم وأخطر، لكني لم أكتبه، وربما لو كتبته لن يقف معي أحد ولن ينشره لي أحد".

وتضيف الجمل: "كما استوقفتني جملة قالها أثناء إلقاء شهادته في ندوة حركة (أدباء وفنانين من أجل التغيير) يقول فيها: "هو حياتي أنا ونوال يعني عظيمة على طول الخط؟!. قطعًا فيه مشاكل، لكن لو تكلمنا في المشاكل بصدق كامل شوفوا المجتمع هيعمل فينا إيه".

وبحسب الكاتب "محمد العزبي" عن هذه علاقة السعداوي وحتاتة التي انتهت بالانفصال وزواجه من أمل الجمل: في جيلنا كان شريف حتاتة حدوته بما كان يروي عنه، هاربًا من البوليس أو معتقلًا يثير الخيال، ابن الأسرة الإقطاعية والأم الإنجليزية الذي ظل حتى سن الخامسة لا يعرف اللغة العربية، ترك كل الرفاهية لينضم إلى الحركة اليسارية الرومانسية لدى الشباب، وقد كتب قصة حياته في النوافذ المفتوحة، كما كتبت نوال السعداوي قصتها في أوراق حياتي. تعرض زواجهما لقضية حسبة للتفريق بينهما، ولكن القضية رفضت، وتعرضت للتهديد بالقتل، ومنع الأزهر كتابها سقوط الإمام، وفصلت من عملها بوزارة الصحة بسبب كتابها المرأة والجنس، واستمر شريف سندًا قويًا لنوال في كل معاركها ومواقفها وكتاباتها التي كانت مصدر سعادتها، وشقائها أيضًا.

يتابع العزبي: كان حبًا يضرب به الأمثال بين نوال السعداوي الغاضبة الصادقة ونار على علم في الخارج أكثر منها في وطنها، وشريف حتاتة الهادئ الذي حمل أسماء متعددة أثناء اختفائه، كان شريف كما تناديه أمه، وعزيز اسمه الحركي، وعصام يوقع به خطاباته من سجنه لزوجته الأولى، المصرية الإيطالية، ومحمد الشامي أثناء هروبه في فرنسا، وهو الاسم الذي أطلقه عليه النائب البورسعيدي الوفدي حامد الألفي عند تهريبه من مصر، وعبد القادر التلمساني اسم المخرج السينمائي الراحل، الذي منحه جواز سفر يحمل اسمه بعد تزويره ليعود به إلى مصر فور قيام ثورة يوليو.

نوال السعداوي لم يكن عندها مانع أن يكون لديه صديقة أو حبيبة أو عشيقة٬ لكن المشكلة إذا كذب: في رأيها أن علاقتهما أكثر تحررًا من سارتر وسيمون. أما شريف فيرى أن الفيلسوف الفرنسي كان مبالغًا في هدم علاقاته، وكثيرًا جدًا ما كانت علاقات مؤقتة وعابرة وسريعة.

يصف حتاتة حياته مع السعدواي في مذكراته المعنونة" النوافذ المفتوحة": كانت حياتنا غير عادية، لأنها امرأة غير عادية، إنها إنسانة قوية فيها إشراق غريب يصعد من داخلها، وفيها حزن المرأة الفاتنة في مواجهة عالم لا يكف عن ممارسة التفرقة والقهر، لا تعرف الالتواء الذي يمارسه النساء والرجال في علاقتهم، نوال ليست من النوع العادي من النساء اللاتي ألتقي بهن احيانًا. هذا الشعر الأبيض تحمله كالتحدي المرفوع للزمن والظلام."