رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السفير الأذرى: لا تراجع قبل استعادة أراضينا.. ولا نتلقى دعمًا عسكريًا من أحد (حوار)

تورال رضاييف
تورال رضاييف




قال تورال رضاييف، سفير أذربيجان فى القاهرة، إن أرمينيا احتلت ٢٠٪ من الأراضى الأذرية منذ ٢٧ عامًا، وعلى الرغم من وجود ٤ قرارات صادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة بأحقية باكو فى تلك الأراضى الواقعة بإقليم «ناغورنى قره باغ»، لم تنفذ أرمينيا أيًا منها طوال هذه المدة، واستمرت فى تنفيذ هجمات عدائية ضد أذربيجان، ما دعا الأخيرة إلى شن ما وصفه بـ«الهجوم المعاكس»، الذى اعتبر أنه رد فعل على الاعتداءات المستمرة من جانب أرمينيا على الحدود بين البلدين.
■ بداية.. لماذا اندلعت المواجهات العسكرية الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا فى ناغورنى قره باغ؟
- أذربيجان إحدى أهم دول منطقة «القوقاز»، ويحدها عدد من الدول الكبرى والفاعلة، فمن الشمال هناك روسيا، ومن الجنوب تركيا وجورجيا، إلى جانب أرمينيا، وعلاقاتنا ممتازة بكل دول الجوار ما عدا الأخيرة، التى هاجمت أراضينا فى عام ١٩٩٠، ثم احتلت ٢٠٪ منها فى ١٩٩٣.
وهناك ٤ قرارات صدرت من مجلس الأمن والأمم المتحدة تقضى بأحقيتنا فى هذه الأرض، لكن منذ ٢٧ عامًا لا يوجد تنفيذ لهذه القرارات على أرض الواقع، ولذلك تأسست مجموعة «مينسك» التابعة لمنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا، التى تضم ١١ دولة بقيادة الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، من أجل استمرار المباحثات والمفاوضات، وتنفيذ هذه القرارات الأممية.
وبسبب عدم تنفيذ هذه القرارات التى تنص على حقنا فى إقليم «ناغورنى قره باغ»، دائمًا هناك مشكلة بين أرمينيا وأذربيجان، خاصة فى ظل الأعمال العدائية التى تحدث من جانب أرمينيا تجاه أراضينا.
فى يوليو الماضى مثلًا، استهدفت القوات الأرمينية المدنيين داخل بلادنا، ثم كررت الأمر بشكل يومى فى أغسطس، وصولًا إلى سبتمبر الماضى الذى شهد شنها هجمات موسعة على القوات الأذربيجانية الرابضة على الحدود.
لذلك كله قررت أذربيجان إطلاق عملية عسكرية عكسية لتحرير إقليم «ناغورنى قره باغ»، ورغم أننا نريد وندعم السلام، لكننا منذ ما يقرب من ٣٠ سنة ننتظر تنفيذ قرارات الأمم المتحدة دون أى جدوى.
■ لكن السؤال الذى يتردد.. ما سر التصعيد الآن على وجه التحديد؟
- الحرب الآن هى رد فعل على الاعتداءات المستمرة من جانب أرمينيا على الحدود بين البلدين، بالإضافة إلى استهدافها عدة مدن داخل بلادنا، فالاستفزازات الأرمينية خلال السنوات الأخيرة زادت بشكل فج، بعد أن كانت مجرد مناوشات بسيطة، كما أن التحرك الأخير رسالة تأكيد لحقنا فى استرداد أراضينا.
ومنذ جاء رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، إلى سدة الحكم، زاد العداء لأذربيجان بشكل واضح، وهو ما ظهر فى إطلاقه عدة تصريحات مسيئة لبلادنا، وإعلانه بشكل فج، أكثر من مرة، أن إقليم «ناغورنى قره باغ» ملك لأرمينيا، لذلك فإن الحرب نتيجة للبيانات والاستفزازات الأرمينية، بعدما وصلنا إلى طريق مسدود فى المفاوضات.
وهدفنا واضح للجميع من التحركات الأخيرة، وهو أننا لن نتوقف إلا بتحرير أراضينا، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة التى تطالب أرمينيا بسحب قواتها من أراضينا المحتلة دون شروط أو قيود.
■ فى رأيك.. هل أغلق الطريق تمامًا أمام تنفيذ هذه القرارات الأممية؟
- نحن فى مفاوضات منذ قرابة ٣٠ عامًا كما بينت سلفًا، ونعترف بأننا كنا دولة ضعيفة فى تسعينيات القرن الماضى ولا نخفى ذلك، لكن الآن نحن دولة قوية قادرة على استعادة أراضيها المحتلة، ولدينا جيش قوى وصل عدده إلى نحو ١٠٠ ألف جندى، وعدد مواطنينا بلغ أكثر من ١٠ ملايين كلهم متطوعون من أجل تحرير الأرض.
نحن هنا نتحدث عن احتلال ٢٠٪ من أراضينا، وهى مساحة ليست صغيرة، ومن ولدوا فى هذه الأرض نسوا تاريخ بلادهم، لذلك سنحاول بكل ما أوتينا من قوة من أجل استعادتها وبسط هويتنا عليها.
وبالنسبة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، أضرب مثالًا بالقضية الفلسطينية، الصادر لها ٣٠ قرارًا من مجلس الأمن والأمم المتحدة.. هل حصلت على حقوقها من إسرائيل وفقًا لهذه القرارات؟
■ لماذا قبلتم بـ«هدنة» لوقف إطلاق النار إذن؟
- وقف إطلاق النار فى إقليم «ناغورنى قره باغ» سيستمر فقط خلال الفترة التى يستغرقها الصليب الأحمر فى ترتيب تبادل الأسرى وجثث القتلى، وإلى الآن، لا يوجد أى التزام من جانب أرمينيا بهذه الهدنة.
نحن كما قلت مطالبنا واضحة، وهى عودة أراضينا، وهذه المرة أعتقد أن هناك جدية من طرف مجموعة «مينسك» لحل الصراع، فكل ما يهمنا فقط هو عودة أراضينا، سواء بالحرب أو المفاوضات المؤقتة.
■ هل هناك أى ضمانات لذلك؟
- شروطنا كانت واضحة، وهى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وهو ما تحدثنا به فى روسيا وطلبنا ضمانات بذلك، وإلى الآن، أرمينيا لم تلتزم بهذه الهدنة، لذلك نرد على هجماتها.
■ إلى أى هدف تخططون؟ حرب شاملة للسيطرة على الإقليم المتنازع عليه أم مجرد تصعيد؟
- خلال السنوات الماضية كان يحدث تصعيد من جانب أرمينيا، وكنا نرد على الهجوم بهجوم مقابل، لكن هذه المرة نيتنا فى الهجوم المعاكس هى استرداد أراضينا بالكامل، لذلك تحركنا ليس «تصعيدًا»، لكنها حرب وطنية نخوضها من أجل تحرير أراضينا، وتمكنا بالفعل من استرداد عدة مناطق.
كما تمكنت قواتنا أيضًا من السيطرة على عدة مرتفعات استراتيجية على خط التماس فى الإقليم، باتجاه «أغديرين» وحول قرية «مداغيز»، بما يمكننا من كشف تحركات القوات المسلحة الأرمينية، ونحن لن نتفاوض أو نتنازل عن حقوقنا فى أراضينا، فهذا ليس مجالًا للنقاش، ومطالبنا واضحة وتتمثل فقط فى احترام وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة.
■ ماذا لو رفضت أرمينيا تنفيذ قرارات الأمم المتحدة؟
- سنستمر فى حربنا، لأن صبرنا على احتلال أرمينيا أرضنا نفد، لذا إذا لم نحصل على حقوقنا بطريق السلم سنسويه عن طريق الجيش.
وبالنسبة للدعوة الأوروبية لوقف العمليات العسكرية بشكل كامل، دعنى أسال سؤالًا: ما الهدف من هذه الدعوة؟ هل لإجراء مفاوضات ومباحثات؟.. نحن منذ ما يقرب من ٣٠ عامًا فى مفاوضات ومباحثات مستمرة حول هذه المسألة دون أى جدوى كما قلت من قبل.
نحن فقط نطالب دول العالم بضمان تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وسنوقف حينها هذه الحرب، فنحن ليست لدينا رغبة فى الحرب، لكن لا توجد فى العالم دولة محترمة تقبل باحتلال أراضيها.
■ كيف ترى الاتهامات الفرنسية بوجود «مرتزقة سوريين» يقاتلون بجانب أذربيجان؟
- هذا الحديث أطلقه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ورد عليه رئيس الجمهورية قائلًا: «إذا كان لديك دليل قدمه»، وكل ما فى الأمر أن وسائل الإعلام تزعم أن الجانب التركى أرسل عددًا من «المرتزقة» إلى بلادنا، دون أى دليل على ذلك.
وبالمنطق نحن عددنا يفوق ١٠ ملايين نسمة وهم ٢.٥ مليون، وقوام جيشنا يفوق الـ١٠٠ ألف مقابل ٥٠ ألفًا لديهم، أى أننا أضعاف أضعاف قوة أرمينيا، فلماذا نحتاج إلى «مرتزقة»؟.. نحن لا نحتاج إلى أى دعم عسكرى من أحد، وهم يطلقون هذه التصريحات من أجل إدخال دول أخرى للحرب ضدنا.
■ لكن هناك حديث عن وجود دعم عسكرى تركى لكم.. ما رأيك؟
- كل هذه الادعاءات غير صحيحة على الإطلاق، فنحن دولة تنتج السلاح، ولدينا عدد كبير من الطائرات والدبابات، ونصنع محليًا الطائرات دون طيار، ونستخدم كل وسائل الدفاع، لذلك- كما قلت سلفًا- مثل هذه التصريحات جاءت لجر طرف معين للدخول فى الحرب. وأؤكد أنه لا يوجد أى دعم عسكرى من جانب أى دولة لنا، وأن ما يقال عن دعم عسكرى من تركيا إلى أذربيجان غير صحيح، فلماذا نحتاج إلى السلاح ونحن ننتجه؟ لهذا السبب نحن لا نحتاج أى دعم عسكرى من جانب أى دولة.
■ وماذا عن الدعم السياسى المقدم لكم من بعض الدول؟
- هذا صحيح، هناك دعم سياسى من جانب تركيا وباكستان وأفغانستان وماليزيا وأوكرانيا والمغرب والمجر وإيطاليا، إلى جانب منظمة التعاون الإسلامى التى تضم جميع الدول الإسلامية، ونحن نقول لهذه الدول والكيانات: «شكرًا جزيلًا»، وأى دعم من أى دولة على رأسنا، ومقدر من جانبنا.
فى المقابل من يدعم أرمينيا هى قبرص، ومنظمة الدول الفرانكفونية، ليس كل الدول فى المنظمة بل رئيسها فقط، إلى جانب نجمة تليفزيون الواقع الأمريكى كيم كاردشيان.
■ هل الحرب لها أى علاقة بخطوط الغاز التى تمر بين أذربيجان وتركيا؟
- هذه الحرب من أجل تحرير كامل ترابنا من الاحتلال الأرمينى، وليست لها علاقة بخطوط الغاز، كما أن هذه الخطوط تبعد عن إقليم «ناغورنى قره باغ» بنحو ٣٠ كم، ولاستفزازنا تقدم أرمينيا بين وقت وآخر على تفجير تلك الخطوط، وسط تهديدات حالية منها بضرب خطوط الطاقة لدينا، حال استرداد الإقليم، كما فعلوا فى عدة مدن أذرية، لذلك يمكن القول إن هدفنا من الحرب هو إرجاع أراضينا، أما هدفهم فهو توسع واحتلال.
■ وماذا عن إمكانية التدخل الروسى فى هذه الحرب؟
- أرمينيا تحاول جذب روسيا إلى هذه الحرب، خاصة أن البلدين عضوان فى منظمة «معاهدة الأمن الجماعى» التى تضم ٣ دول أخرى بجانبهما، وفى سبيل سعيها للحصول على الدعم العسكرى الروسى، تطلق أرمينيا تصريحات ضد تركيا وحلف «الناتو»، وتدعى أنهما يستهدفانها، وأن طائرات أنقرة شنت هجومًا على أراضيها، وهذا غير صحيح.
ولا أعرف ما دخل روسيا بهذه الحرب؟ ولماذا تحرضها أرمينيا على التدخل بإطلاق تصريحات عن تعرضها للهجوم من أطراف متعددة؟ على الرغم من أنهم هم من ضربوا صواريخ داخل أراضينا بالمخالفة للقانون الدولى، ولم نرد أو نستهدف أى مدينة أرمينية، فقط نحارب فى أرضنا داخل إقليم «ناغورنى قره باغ»، فى الوقت الذى تحاول فيه هى جلب روسيا إلى ساحة الحرب بأى طريقة.
■ كيف ترون موقف الدول الفاعلة فى الأزمة؟
- روسيا تلعب الآن دور الوساطة، فى إطار مجموعة «مينسك» التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبى، وذلك بهدف العودة إلى المفاوضات، ومتابعة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وكذلك تفعل الولايات المتحدة، لكن فرنسا تأخذ موقفًا مؤيدًا لأرمينيا وتدعمها، فقط لوجود خلافات بينها وبعض الدول الداعمة لنا. أما إيران فأصدرت بيانًا، عبر وزارة الخارجية، دعمت فيه الموقف الأذربيجانى، ووحدة أراضينا، والمفاجأة أن أرمينيا نفسها تعترف بوحدة هذه الأراضى، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، لكنها لا تحترمها وترفض تنفيذها.
■ ما ردكم على قول أرمينيا بأن غالبية سكان «ناغورنى قره باغ» من الأرمن؟
- عدد الأرمن فى الإقليم لا يتجاوز ١٠٠ ألف، وفى روسيا يزيد عددهم على ٣ ملايين، فهل من الممكن أن تطلب أرمينيا ضم هذه المناطق الروسية التى يعيش فيها الأرمن إلى أراضيها؟ وفى لبنان هناك عدد كبير من الأرمن، هل معنى ذلك أن يستقلوا بجمهورية وحدهم داخل الأراضى اللبنانية؟ وفى فرنسا هناك نحو ٤٠٠ ألف أرمينى معظمهم فى مدينة مارسيليا، فهل من المعقول أن نحول هذه المدينة إلى دولة خاصة بالأرمن؟
منطق هذا الادعاء غير صحيح، فالقانون الدولى يقول إن الأقلية تعيش فى إطار الدولة وليست منفصلة عنها، ونحن دولة تحترم الأقليات ولا نفرق بين أبناء الوطن الواحد، وعندنا مسلمون سنة وشيعة، ومسيحيون أرثوذكس وكاثوليك، ويهود.. نحن وطن متنوع ولا توجد تفرقة بين شخص وآخر.
ماذا عن اتهامكم بقصف المدنيين؟
- نحن نحارب فى أراضينا، وهم من عملوا على استيطان المدنيين فى هذه الأراضى.. هذه هى النقطة الأولى التى يجب أن تصل إلى أرمينيا، وقبل بدء الهجوم المعاكس أبلغت وزارة الدفاع الأذربيجانية جميع سكان المنطقة بضرورة الخروج من هذه الأراضى، للحفاظ على حياتهم وتجنبًا لتعرضهم لأى قصف، لأن الجيش سيقصف القوات المعادية.
ولم نستهدف أى مدنى بشكل صريح، على الرغم من استهدافهم المدنيين داخل أذربيجان وخارج «ناغورنى قره باغ»، وتحديدًا فى مدينة «غنجه»، ثانى كبرى المدن فى البلاد بعد العاصمة، والتى تبعد عن منطقة العمليات العسكرية مسافة تقترب من ٥٠٠ كم، ولا تعد منطقة عسكرية بل مدينة تحتوى على الآلاف من المدنيين.