رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليوم العالمى للفتاة



من أجل زيادة الوعى بالتحديات التى تواجه الفتيات فى البلدان النامية عبر وسائل التواصل الاجتماعى، اختارت الأمم المتحدة موضوع الاحتفال باليوم العالمى للفتاة ١١ أكتوبر ٢٠٢٠ تحت عنوان «صوتى مستقبلنا المتكافئ».
فى اليوم العالمى للفتاة كل عام وبناتى وحفيداتى بخير، كل عام وجميع بنات العالم بخير وفى مأمن من كل شر، كل عام والفتاة الحالمة الطامحة تحقق أحلامها وقادرة على تحويل المحنة إلى منحة، والألم إلى أمل، كل عام يقربنا من تحقيق أهداف الحرية والمساواة وعدم العنف والتمييز على أساس الجنس أو النوع، كل عام وأنتن أجمل صبايا وبنات الكون، أمهات المستقبل، صانعات المستقبل يدًا بيد مع الفتيان تتمتعون معًا بحقوق الإنسان فى كل زمان ومكان دون تمييز.
ولليوم العالمى للفتيات حكاية تبدأ من مبادرة منظمة «بلان إنترناشيونال» وهى منظمة خيرية عالمية للأطفال، منظمة غير حكومية أطلقت مبادرة «لأننى فتاة» التى سلطت الضوء على الحاجة إلى مزيد من التعليم والرعاية الصحية والحقوق القانونية. التقى ممثلو منظمة بلان إنترناشيونال الحكومة الفيدرالية الكندية لتكوين ائتلاف رفع الوعى بالمبادرة على الصعيد الدولى، وحثت الأمم المتحدة على المشاركة، وتم التصويت داخل الأمم المتحدة عام ٢٠١٢ باعتبار ١١ أكتوبر من كل عام يومًا عالميًا للفتاة لدعم الأولويات الأساسية من أجل حماية حقوق الفتيات والمزيد من الفرص لحياة أفضل، ولزيادة الوعى بمناهضة التمييز الذى تواجهه الفتيات فى جميع أنحاء العالم على أساس الجنس، وللتصدى للمشكلات والتحديات التى تواجهها الفتيات من تفاوت فى التعليم والتغذية والحقوق القانونية والرعاية الصحية. ولقد اختير لكل عام عنوان تعمل عليه الدول من أجل تحقيق أهدافه، فكان عام ٢٠١٢ عام «القضاء على زواج الأطفال»، وعام ٢٠١٣ «تعليم الفتيات» وعام ٢٠١٤ «إنهاء دائرة العنف»، وعام ٢٠١٥ «قوة الفتاة المراهقة»، وعام ٢٠١٦ «تقدم الفتيات = التقدم فى الأهداف التى تهم الفتيات»، وعام ٢٠١٧ «تقوية البنات قبل وأثناء وبعد الأزمات»، وعام ٢٠١٨ «قوة الفتاة الماهرة».
لقد اختير هذا العام ٢٠٢٠ للاحتفال باليوم العالمى للفتيات من أجل «مساعدة المراهقات على العيش فى مأمن من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعى والممارسات الضارة». وأنا أعتبر أن هذا الاختيار والعمل على تحويله إلى فعاليات على أرض الواقع مهم، خاصة مع ازدياد حوادث العنف والاغتصاب ضد النساء عمومًا وضد الفتيات الصغيرات، ومنها أيضًا زواج القاصرات، حيث تشير الإحصاءات إلى أن واحدة من كل أربع فتيات تتزوج قبل سن الثامنة عشرة، أى فى سن الطفولة مما يسبب مشاكل صحية ونفسية وبدنية بالنسبة للفتاة، وأيضًا يزيد من حالات الطلاق فى هذه السن الصغيرة، وبالتالى يؤثر على استقرار الأسرة والأطفال والمجتمع.
وهناك ظاهرة ضارة بالصحة النفسية والإنجابية والعلاقة الزوجية تتعرض لها الفتيات الصغيرات فى مجتمعاتنا العربية، وبالذات فى مصر والسودان، وهى ظاهرة «ختان الإناث» التى تتسبب فى بعض الحالات فى وفاة البنات والصبايا فى عمر الزهور، وهى جريمة وجناية بدأت الدول تسلط الضوء عليها وتغلظ العقوبات بخصوصها.
ونجد فى الفترة الأخيرة ازدياد جرائم اغتصاب البنات الصغيرات المقترنة بقتلهن فى العديد من بلدان العالم، ولا شك أن مواجهة هذه التحديات التى تواجه الفتيات تتطلب تربية ترتكز على القيم والفهم الصحيح للأديان، وتتطلب المشاركة بين الأسرة والمؤسسات التعليمية والدينية والثقافية لبث الوعى بالمخاطر والضرر الذى يقع على المجتمع، مع العمل على تغيير المناهج التعليمية، بحيث تقوم هذه المناهج على أساس المواطنة والمساواة وعدم التمييز بين البشر على أساس الجنس أو النوع أو الفكر أو العقيدة أو الوضع الاجتماعى أو الجغرافى، مع صدور قانون موحد لتجريم العنف ضد النساء.
كما تحتاج إلى الاهتمام بتعليم الفتيات ومعالجة أسباب تسرب الفتيات من التعليم ومحو أمية الكبار.
وتنبغى الإشارة إلى أهمية دور الإعلام المقروء والمسموع والمرئى بكل أشكاله من صحافة وإذاعة وتليفزيون من الاهتمام ببث التوعية بقضايا المرأة وقضايا المواطنة، وتخصيص أبواب خاصة بالمرأة فى الصحافة وبرامج ثقافية فى الإذاعة والتليفزيون بخصوص الفتيات والنساء، هذا بجانب الدور المهم لإبراز الدور الإيجابى والنماذج الإيجابية للنساء فى الدراما وفى الأفلام السينمائية أيضًا، والتى لها دور مهم فى نشر الوعى والتذوق الفنى وتشكيل الفكر والوجدان.
وقبل أن أنهى مقالى تنبغى الإشارة إلى أن اجتياح فيروس كورونا للبشرية فى بداية عام ٢٠٢٠ وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية كان من نتائجه مزيد من البطالة وفقدان العمل والوظائف وانخفاض دخل الأسرة، وكل هذا تسبب مع الحظر المنزلى فى مزيد من العنف ضد المرأة والأطفال، كما أوضحنا فى مقالاتنا السابقة.
إن تمكين الفتيات يتطلب مشاركتهن النشطة فى عمليات صنع القرار والدعم النشط ومشاركة آبائهن وأولياء أمورهن والعائلات ومقدمى الرعاية.
إننا نتمنى أن نعيش فى عالم خالٍ من العنف والتمييز، عالم ينهض ويعلو ويتقدم بجناحى المرأة والرجل معًا. إن المراة فى مصر تشكل نصف المجتمع، كما تشارك بالعمل جنبًا إلى جنب الرجل، ويسهم عملها بما يقرب من نصف الناتج القومى الإجمالى.
إننا نتمنى أن تبدأ الدولة فى إنشاء مفوضية عدم التمييز إحقاقًا للمادة (٥٣) بالدستور.