رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالعبرى الفصيح.. كيف تعمل منظومة التعليم فى إسرائيل؟

التعليم فى إسرائيل
التعليم فى إسرائيل

منذ القرون الوسطى يهتم يهود أوروبا بالتعليم باعتباره مفتاحًا للترقى فى الحياة المهنية، فى ظل حرمانهم من حقوق تملك الأراضى الزراعية فى معظم المجتمعات الأوروبية لعدة قرون، ما دفعهم للتعلم من أجل العمل فى أنشطة أخرى، مثل التجارة والمحاسبة، ما يسمح لهم بالترقى فى مجتمعاتهم.
وحاليًا، تعكس نظم التعليم فى إسرائيل تعدد الجذور والثقافات للمجتمعات اليهودية التى هاجرت إليها، بأصولها الشرقية والغربية، وكذلك تعدد الفلسفات والرؤى والنظرة إلى الدين نفسه، فى إطار الصراع بين العلمانيين واليهود الأصوليين «الحريديم»، دون إغفال التعدد اللغوى متمثلًا فى مدارس الأقليتين العربية والدرزية.
«الدستور» تستعرض تفاصيل نظام التعليم فى إسرائيل، وطبيعته الخاصة التى تعكس تعدد الفلسفات الدينية والفكرية فى المجتمعات اليهودية، بالإضافة إلى تأثير وجود الأقليات العربية والدرزية على هذا النظام.

مدارس دينية وعربية درزية.. و«الخاصة» تزيد تشدد «الحريديم»
تنقسم المدارس فى إسرائيل إلى ٤ مجموعات أساسية، هى المدارس الحكومية، والدينية الحكومية، والعربية الدرزية، بالإضافة إلى المدارس الخاصة التى تعمل فى ظل رعاية دينية أو دولية مختلفة.
ويدرس غالبية الطلاب فى إسرائيل فى المدارس الحكومية العادية، فيما تركز المدارس الحكومية الدينية على الدراسات اليهودية والالتزام الدينى، بينما تدرس المدارس العربية والدرزية اللغة العربية، مع التركيز بشكل خاص على التاريخ والدين والثقافتين العربية والدرزية، فيما تختلف المدارس الخاصة تبعًا لجهة رعايتها.
وتعمل المدارس الدينية الحكومية على تلبية احتياجات الشباب من المجتمعات الأصولية، وتقدم برامج مكثفة للدراسات اليهودية، وتركز بشكل شبه كامل على دراسة التوراة، ولا تدرس سوى القليل جدًا من الموضوعات العلمانية.
وتتسبب المدارس الدينية الخاصة فى مشكلات اجتماعية فى إسرائيل، وينظر كثيرون إلى خريجيها من اليهود الأصوليين «الحريديم» باعتبارهم عبئًا كبيرًا، فى ظل مشاركتهم المنخفضة فى القوة العاملة، خاصة أن معظمها مدارس داخلية.
وحسب إحصائيات وزارة التعليم الإسرائيلية، فإن نحو ٢٢٪ من الطلاب «الحريديم» خضعوا لامتحانات الثانوية العامة فى ٢٠١٤، وارتفع هذا الرقم إلى ٣٠٪ خلال العام الماضى، لكن نسبة ٨٪ فقط من هؤلاء الطلاب هى التى نجحت فى اجتياز الامتحانات، فى ظل عدم اهتمام مدارسها بمعظم المواد العلمية.
وعلى الجانب الآخر، عادة ما تشكو المدارس العربية والدرزية من التمييز، خاصة أنها تقدم للطلاب مناهج تركز على تاريخ العرب ودينهم وثقافتهم، كما يجرى تدريس التراث الإسلامى أو المسيحى أو الدرزى بدلًا من الدراسات اليهودية.
وتعد المدارس المسيحية الأفضل بين مدارس العرب، وفقًا لصحيفة «معاريف»، فيما يتفوق الطلاب من العائلات الناطقة بالروسية فى معدلات النجاح بالمرحلة الثانوية. وازداد عدد المدارس المشتركة التى تجمع بين الطلاب اليهود والعرب فى فصول واحدة، فى السنوات الأخيرة، بعدما بدأ تدشينها عام ١٩٨٤، على يد سكان قرية «نيفى شالوم» أو «واحة السلام»، وهى قرية تضم سكانًا من العرب واليهود. وفى عام ٢٠١٠، زاد عدد المدارس المشتركة إلى ٥ مدارس، ثم ازدادت بعد ذلك فى ظل ما تلقاه من دعم من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
وبشكل عام، يحظر قانون حقوق الطلاب فى إسرائيل، والصادر عام ٢٠٠٠، أى تمييز ضد الطلاب لأسباب طائفية، كما يحظر الفصل بينهم داخل نفس المؤسسة التعليمية.

اهتمام ببرامج التلمذة الصناعية.. ولا وجود للدروس الخصوصية
يتكون نظام التعليم ما قبل الجامعى فى إسرائيل من ثلاثة مستويات، هى المدارس الابتدائية، التى تتضمن ٦ صفوف للطلاب بين ٦ و١٢ عامًا، والمدارس الإعدادية، التى تتضمن ٣ صفوف للطلاب بين ١٢ و١٥ عامًا، وأخيرًا المدارس الثانوية، التى تتضمن ٣ صفوف للطلاب بين ١٦ و١٨ عامًا.
وتبدأ السنة الدراسية فى مدارس إسرائيل فى ١ سبتمبر من كل عام، وتنتهى فى ٣٠ يونيو، ويعد الحضور إليها إلزاميًا، والتعليم مجانيًا، فيما تخصص معظم ساعات اليوم الدراسى للدراسات الأكاديمية، وفق مناهج موحدة، رغم إمكانية الاختيار بين مجموعة من المواد التعليمية التى توفرها وزارة التعليم.
وتنقسم المدارس الثانوية إلى مدارس تمنح شهادة الثانوية العامة المؤهلة للتعليم العالى، وأخرى متخصصة تمنح درجة الثانوية المهنية «دبلوم»، وتُخرج الفنيين والحرفيين، الذين يمكن لبعضهم استكمال تعليمه العالى، كما تُخرج المدارس العسكرية مهنيين وفنيين مؤهلين للعمل فى المجالات التى يحتاجها الجيش الإسرائيلى، فيما توفر المدارس الدينية دراسات مكثفة فى الشريعة والتقاليد اليهودية.
ويخضع غير الملتحقين لأى من المدارس السابقة لقانون التلمذة الصناعية، الذى يلزمهم بالدراسة فى إحدى المدارس المهنية المعتمدة، التى تشرف وزارة الصناعة والتجارة والعمل على برامجها الدراسية، وتستمر الدراسة بهذه البرامج بين ٣ و٤ سنوات، وتخرج متخصصين فى بعض المهن، مثل تصفيف الشعر والطهى وخدمات الفنادق وبعض الحرف.
وبشكل عام، تعد وزارة التعليم المسئول الرئيسى عن إعداد المناهج المدرسية ووضع المعايير التعليمية، والإشراف على أعضاء هيئات التدريس وبناء المدارس، فيما تتولى السلطات المحلية صيانة المدارس وشراء ما يلزمها، بتمويل من الوزارة.
ولا تعرف إسرائيل «الدروس الخصوصية» أو التعلم فى المراكز الخاصة، لكنها تعرف التليفزيون التربوى، وهو وحدة تابعة لوزارة التعليم، ينتج ويبث برامج تعليمية يمكن استخدامها فى الفصول والمناهج المدرسية، كما توفر المدارس نظامًا استثنائيًا للمتفوقين والموهوبين، الذين يجتازون بعض الاختبارات التأهيلية، ويدرسون برامج «المستوى الرفيع»، وتوفر، أيضًا، الرعاية لذوى الاحتياجات الخاصة.

شهادة الثانوية تؤهل لتنسيق الجامعات
المدارس الثانوية فى إسرائيل تسمى «البجروت»، وهى التى تؤهل الطلاب لمختلف التخصصات الأكاديمية، وفق درجاتهم فى الامتحانات المختلفة فى مواد اللغة العبرية واللغة الإنجليزية والرياضيات والكتاب المقدس والتاريخ، وغيرها، وغالبًا ما تحدد درجات شهادة «البجروت» إمكانية القبول فى المؤسسات الأكاديمية ووحدات النخبة العسكرية وفرص العمل.
وبشكل عام، يجرى تجنيد الطلاب فى الجيش الإسرائيلى عقب انتهاء المرحلة الثانوية، مع إتاحة تأجيل التجنيد للراغبين إلى ما بعد انتهاء الدراسة الجامعية، بعد توقيع عقد يسمح لهم بذلك.
وتحدد الجامعات متوسط درجات القبول بها، إلى جانب اشتراطها اجتياز امتحان خاص يشبه اختبار «SAT» الأمريكى، بينما تقبل الجامعة المفتوحة جميع المتقدمين إليها، بغض النظر عن ماضيهم الأكاديمى.
وتحظى جامعات إسرائيل العامة التسع بدعم من الحكومة، ولا يدفع الطلاب سوى جزء صغير من التكلفة الفعلية للدراسة.
وتصنف ٦ جامعات إسرائيلية ضمن أفضل ١٠٠ جامعة فى آسيا، وفق تقييم «ويبوميتركس» العالمى للجامعات، فيما تحتل ٤ منها مرتبة متقدمة ضمن أفضل ١٥٠ جامعة فى العالم، وفقًا للتصنيف الأكاديمى لجامعة شنجهاى جياو تونج للجامعات العالمية، و٣ منها دخلت لائحة تصنيف «كيو إس» للتعليم العالى العالمى.
وتعد بعض الجامعات الإسرائيلية، مثل تل أبيب والتخنيون والجامعة العبرية ومعهد «وايزمان» للعلوم، من بين أفضل ١٠٠ جامعة فى العالم، خاصة فى مجالات العلوم والهندسة والرياضيات والفيزياء وعلوم الكمبيوتر، فيما تأتى جامعتا تل أبيب والجامعة العبرية بين الأفضل فى العالم فى مجال العلوم الاجتماعية والاقتصاد.