رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التسول على ضفاف النيل


لا شك أننا فى حاجة ماسة إلى إيجاد حلول لمشكلة التسول فى بلدنا، ولقد اتخذت ظاهرة التسول عندنا عدة أشكال، فأصبحت آفة مجتمعية ملحوظة ومتزايدة فى شوارعنا خلال الآونة الأخيرة، لأنها أصبحت مهنة، يحصل بها المتسول على الأموال بطريقة سهلة من خلال استجداء المارة والسيارات فى إشارات المرور، فأصبح المتسول يجنى مالًا دون الاضطرار لإيجاد عمل أو القيام بجهد يذكر.
وهناك أشكال سيئة للتسول، بعضها يدخل فى بند النصب على المارة بادعاء المرض ووضع روشتة طبية فى وجه كل صاحب سيارة أو مستقل سيارة فى الإشارات أو شخص فى الشارع.
وهناك أنواع من التسول فى منتهى الخطورة، ولا بد من البحث فيها، وأقصد بها التسول بأطفال، يتم خطفهم من أهلهم والتسول بهم، فتجد نفسك أمام سيدة رثة الملابس، وطفل أشقر أو طفل جميل الطلة، يتم تخديره للتسول من خلاله، وبالفعل تم القبض على بعض من ارتكبوا هذه الجريمة التى ما زالت قائمة، وفى حاجة إلى تعقّب فى شوارعنا.
أما أسوأ مشهد يسىء لبلدنا مؤخرًا، فهو التسول بالإلحاح الشديد على السائحين الذين يأتون لزيارة معالمنا الأثرية والسياحية والدينية ومطاردتهم، والسير خلفهم فى الشارع لأخذ بعض المال منهم.
وأما مقالى اليوم، فهو لأننى رأيت مشهدًا قبيحًا يسىء للسياحة فى مصر، رغم أن الأفواج السياحية قد بدأت تفد إلينا مع الجهود الحثيثة والإجراءات الاحترازية التى تقوم بها وزارة السياحة والآثار، والدعاية المتطورة والاكتشافات الأثرية الحديثة التى أبهرت العالم مؤخرًا، وهى عامل جذب كبير لمجىء السائحين إلى بلدنا.
ففى شارع كورنيش النيل، وعلى ضفاف النيل، رأيت مشهدًا قبيحًا فى منطقة جاردن سيتى، حيث افترش المتسولون الكنب المخصص لاستراحة السائرين ليلًا ليناموا على هذه الأرائك بشكل يُشوّه مشهد النيل، ويصدم السائحين فى منطقة بها عدد كبير من الفنادق الشهيرة التى تطل على ضفاف النيل.
لذا فإننى أطالب الجهات المعنية بهذا الأمر مجتمعة بالنظر إلى أصحاب هذا السلوك الذى يسىء لنا، وأخص منهم مسئولى شرطة السياحة، وتحديدًا شارع كورنيش النيل بجاردن سيتى، ليمنعوا المتسولين من افتراش المقاعد والأماكن المخصصة لاستراحة المارة، لأنه لا يليق بنا أن نترك فوضى المتسولين تشوه مشهد النيل والسير على ضفافه فى هذه المنطقة المليئة بالفنادق الكبرى الفخمة.
ولا بد أيضًا أن تكون لدينا حلول فى مواجهة ازدياد أعداد المتسولين كما نراهم حاليًا بالقاهرة فى إشارات المرور، وفى وسط البلد، وبمنطقة المهندسين، وفى الدقى، وفى كل الأحياء تقريبًا تجدهم ينتشرون بشكل ملحوظ، ويتسولون بإلحاح على الراكبين للسيارات والسائرين فى الشوارع.
وهناك من يحترفون مهنة التسول لأنهم كسالى، ولا يريدون أن يجهدوا أنفسهم فى البحث عن عمل شريف، ولا بد أن تكون لدينا حلول للتصدى للأطفال المتسولين فى شوارعنا، لأن التسول عادة يبدأ بطرق بسيطة، لكن سرعان ما يتم التعود عليه واحترافه، وهذه بداية طريق سهل لدخول عالم الجريمة بعد ذلك.
كما أن مشكلة التسول فى الحقيقة تفاقمت فى بلدنا، وأصبح لزامًا علينا التصدى لها، وذلك بإلحاق المتسولين فى أعمال شريفة من ناحية، ومن ناحية أخرى يجب البحث عمن يقف خلف ظاهرة تسول الأطفال فى الشوارع، وذلك للتأكد إذا كانوا أطفالًا ينتمون لعصابات تخصصت فى تعليمهم التسول، أم هم ضحايا آباء منحرفين، أم هم أطفال هاربون من إساءة معاملة من أهلهم، أم تم خطفهم وتدريبهم على التسول واحتراف الشحاتة بدلًا من الذهاب إلى المدارس، والتعليم والعيش فى كنف أسرة ترعاهم وتوجههم للطريق السليم.
ختامًا.. إن التسول قضية خطيرة لا بد من مواجهة أسبابها، وإيجاد حلول مناسبة للحد منها ثم للقضاء عليها نهائيًا، وذلك بعد تزايدها فى الآونة الأخيرة بشكل واضح وملحوظ فى شوارعنا.