رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نعم.. سنكون «أوبك» الغاز فى المنطقة


«بقول للإعلام: أنتم أداة التنوير الحقيقية لفهم الناس ووعيها، وبقول للتعليم سواء الأساسى أو الجامعى: أنتم الأساس الحقيقى لبناء فهم حقيقى لأولادنا وبناتنا فى كل مراحل التعليم.. حصّنوا شبابنا.. مش عشان حد.. مش عشانى أنا.. عشانا إحنا..عشان بلدنا وناسنا تعيش ويبقى ليها مستقبل.. كام دولة راحت كدا وإنتو الوحيدين اللى ربنا ما أرادش كدا.. هو قال لا.. ربنا قال لا.. مصر لا.. وهتفضل مصر لا».. ربما تجاوز هذا القول، من الرئيس السيسى لكل من يعنيه الأمر، مرته المائة، لتنبيه الغافلين بما يُحاك لهذا البلد الطيب، مصر، من أهل الشر، فى مصر والخارج.
ففى كلمته القصيرة، خلال افتتاح مصفاة الشركة المصرية لتكرير البترول بمسطرد، التى تعد أحد أهم المشروعات التى تم تنفيذها فى قطاع البترول والطاقة بأحدث التكنولوجيا العالمية، فى إطار استراتيجية الدولة لتطوير وزيادة طاقات مصر التكريرية وقدراتها الإنتاجية من المنتجات البترولية، تأمينًا لاحتياجات السوق المحلية وتعزيزًا من القيمة المضافة لموارد مصر- كشف الرئيس عن حقيقة ما يُحاك لمصر، حتى تجاه مثل هذا المشروع.. قال «بقى أنتم عايزين تبقوا أوبك الغاز فى المنطقة؟».. وهو هنا يتحدث بلسان حال دول، مثل تركيا وقطر، لا تريد لمثل هذا المشروع الخروج إلى النور.. لماذا؟ لأن مصر التى تمتلك تصدير الغاز ومشتقات البترول إلى أوروبا، قضت بمشروعاتها الجديدة على الحلم التركى القديم، بأن تصبح أنقرة مركزًا عالميًا للغاز، فتأتى مصر لتكون هذا المركز العالمى، لخدمة أوروبا وإفريقيا وبعض المنطقة العربية، فى مجالات الغاز والبترول والكهرباء.. كذلك يقضى الإنجاز المصرى على سوق ضخمة لقطر فى أوروبا، تصدّر الغاز إلى دولها، وبهذا تخرج الدوحة من هذه السوق، بما يمثل من خسارة فادحة لاقتصادها، وضعف تأثيرها النسبى فى العلاقات الدولية.. لذلك، فإن تركيا، وإن كانت تواصل محاولاتها التقارب مع مصر، إلا أنها تعمل باليد الأخرى على التأليب ضد استقرارها ومواصلة مسيرتها لبناء الدولة الحديثة، وكذلك تُسلّط قطر إعلامها، وبالأخص قناة الجزيرة، ضد مصر، بدليل تصدّر أخبار ما يحدث على أرضها مقدمة نشراتها الإخبارية، حتى ولو كان عن شخصين وقفا فى حارة ضيقة، يهتفان ضد النظام، وحتى لو كان المشهد كاذبًا أو مصطنعًا مثل «المقلب» الذى صنعته الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وشربته هذه القناة وأخواتها فى إسطنبول.
إلى جانب هذا.. خطت مصر، مع الأردن واليونان وقبرص وإسرائيل وإيطاليا، خطوات واسعة نحو إنشاء سوق إقليمية للغاز بمنطقة شرق المتوسط، تحمل الصفة الرسمية للتمثيل فى المحافل الدولية، بما يعادل منظمة «أوبك»، منظمة الدول المصدرة للنفط، بعد توقيع الميثاق الخاص بتحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية حكومية مقرها القاهرة، تعمل كمنصة تجمع منتجى الغاز ومستهلكيه ودول المرور، لوضع رؤية مشتركة وإقامة حوار منهجى منظم حول سياسات الغاز الطبيعى، كما تهدف إلى إنشاء سوق إقليمية للغاز وترشيد تكلفة البنية التحتية، إضافة إلى تقديم أسعار تنافسية.. ولأهميتها، فقد طلبت أن تكون فرنسا مراقبًا فى هذه المنظمة، تمهيدًا لأن تكون عضوًا بها، وكذلك فعلت الولايات المتحدة الأمريكية.
يسألنى سائل: ولماذا هذا الاحتفاء الضخم بالمشروع الجديد، مصفاة الشركة المصرية لتكرير البترول بمسطرد؟
والإجابة: أن استهلاك مصر من مشتقات البترول، من البنزين والكيروسين والزيوت والمازوت، وغيرها، يبلغ ٧.٥ مليون طن سنويًا.. وطاقة إنتاج هذا المشروع الجديد، من هذه المشتقات ٤.٧ مليون طن.. فلم يتبق إذن سوى ٢.٨ مليون طن، لنصل حد الاكتفاء الذاتى، وهذا ما يمكن أن تبلغه مصر بحلول ٢٠٢٣، إذ إنه من المقرر، وفى خلال شهور، افتتاح مجمع التكسير الهيدروجينى للمازوت بأسيوط، بتكلفة استثمارية ٢.٥ مليار دولار، والذى يعد أكبر مشروع لتكرير البترول يتم تنفيذه فى الصعيد، بعد أن وقعت مصر وإيطاليا، عقد المقاول العام للإنشاء فى فبراير من العام الحالى.. وهذا ما يدفع الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى التأكيد دائمًا أن الاختناقات التى كانت موجودة قد تراجعت، «متراجعتش بالصدفة.. تراجعت نتيجة تخطيط وإجراءات عملية، تكلفت مليارات». ولتوضيح القيمة الاقتصادية للمشروع الجديد، وغيره، مما هو فى طور الإنشاء فى مجال البترول، بعيدًا عن مسألة الاكتفاء الذاتى، علينا أن ندرك الآتى، أن سعر برميل خام البترول، إذا كان خمسين دولارًا مثلًا، فإن سعر المشتقات الناتجة عنه، أغلى من هذا الرقم بما يقارب ١٤٠٪ من سعر الخام.. إذن فالاكتفاء الذاتى من مشتقات البترول يوفر هذا الفارق، نتيجة لعدم الاستيراد، فإذا ما توسعت مشروعاتنا، وبدأت مصر فى استيراد الخام لاستخراج مشتقاته وإعادة تصديرها، فلكم أن تتخيلوا مقدار ما يعود على الاقتصاد المصرى من نفع.. ولذا علينا أن نعود ثانية لما قاله الرئيس، تعليقًا على ما يحاوله البعض من تعويق مسيرتنا واستغلاله البسطاء فى إحداث تشويش على ما تذهب إليه مصر، «دعوات التغيير الكاذبة الزائفة، هى دعوات هدفها تدمير الناس وتدمير الدول بتزييف الوعى.. ومحاولات تزييف الوعى تهدف إلى إحباط جهود التنمية والبناء».. فانتبهوا.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.