رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسعد سليم يقدم موجز لتاريخ الفلسفة في أحدث كتبه

أسعد سليم
أسعد سليم

في مفهومها الأشمل تعرف الفلسفة بأنها فن طرح التساؤلات٬ وربما يعتبر العديد من الناس أن الفلسفة رفاهية فكرية لا تتحملها الحياة المعيشية للأفراد٬ أو حتى أنها قاصرة على المفكرين والأكاديميين٬ النخب المثقفة أو طلابها. لكن الكاتب أسعد سليم كان له رأي آخر٬ قدمه في كتابه "رواية الفلسفة.

والصادر عن دار المثقف للنشر مطلع العام الجاري.

فعلى طريقة دليلك إلى السياسة٬ الاقتصاد٬ علم الاجتماع..ألخ٬ يقدم المؤلف تعريف الفلسفة ومذاهبها٬ وموجز لتاريخها وأبطالها بسلاسة ويسر تتناسب مع المتلقي العادي٬ فلا يهاب مصطلح الفلسفة٬ وتتحطم لديه الصورة الذهنية عن الفيلسوف بأنه شخص غريب الأطوار٬ أو أن الفلسفة علم للنخبة الساكنة في قصورها العاجية.

الكتاب حمل تحريضا على اكتشاف الذات٬ تحديدا الفيلسوف القابع بأعماقها٬ من خلال عنوان الكتاب الفرعي:
"اكتشف الفيلسوف بداخلك" فكل منا يحمل تصورات وأفكار ذهنية عن نفسه وعن العالم من حوله٬ إذن أمر الفلسفة ليس قاصرا فقط علي الفلاسفة٬ بل هو فرع من فروع المعارف الإنسانية يمكن لأيا منا التعرف عليه وخوض غماره.

يضم الكتاب 12 مبحث كالتالي: نشأة الفلسفة٬ ازدهار الفلسفة٬ ذيول الفلسفة اليونانية٬ العصور الوسطى المظلمة٬ عصر النهضة والإصلاح٬ المدرسة العقلانية٬ المدرسة التجريبية٬ عصر التنوير٬ الحركات الرومانسية٬ العدمية والعدائية٬ العباقرة الثلاثة٬ البراجماتية٬ الوجودية.

يقدم الكتاب موجز بتاريخ الفلسفة منذ نشأتها٬ وأهم مذاهبها ومدارسها٬ وأهم المفكرين والفلاسفة التنويريين٬ كما يتطرق إلى الكتاب إلي ارتباط الفلسفة واقتران ظهورها باليونان٬ مؤكدا أن أسباب ظهورها جاء نتيجة للأساطير أو الميثولوجيا الإغريقية والتي تأثرت بدورها بالحضارتين الهند أوروبية والمصرية الفرعونية القديمة.

ومن أهم مباحث الكتاب٬ تلك التي تتناول الأثر الكارثي الذي سببه سطوة الدين علي الحياة والمجال العام٬ من أول الفلكي البولندي كوبرنيكوس ورفضه لنظرية مركزية الأرض في الكون٬ مناداته بنظرية مركزية الشمس وكون الأرض جرمًا يدور في فلكها في كتابه حول دوران الأجرام السماوية. وكيف أن الكنيسة ورجالها كفروا نيكوس وأصدروا عليه حكما بالقتل دون أن يراق دمه٬ فقامت بإحراقه حيًا أمام المقر البابوى في روما، فسقط شهيدًا جديدًا للفلسفة والعلم. وهو ما تعرض له أيضا٬ واحد من أيقونات عصر النهضة الفيلسوف الإيطالي جيوردانو برونو التي حرقته الكنيسة حيا.

علي أن العقل الأوربي الغربي تمرد وثار ضد سطوة الكنيسة ورجالها٬ فكان عصر النهضة أو "الرينسانس" الذي عاد برجال الدين المسيحي لداخل أسوار الكنيسة٬ بعيدا عن المجال العام٬ وأن تكون الكنائس قاصرة فقط علي العبادة وما يخص الدين وليس الحياة. وهو ما فشل العقل العربي أن ينجزه أو يحققه حتى الآن٬ حيث يسرد "أسعد" وقائع المناظرة التاريخية الأشهر والتي كانت إشارة البدء في اغتيال المفكر شهيد الكلمة فرج فودة.

يقول المؤلف: كانت قاعة معرض الكتاب بالقاهرة عام 1992 م مكتظة بثلاثين ألف أو يزيد تم جرهم جرًا كعادة التيار المتأسلم، جاءوا لنصرة شيخهم محمد الغزالى٬ وكان يجلس بجانب الغزالى٬ مأمون الهضيبى مرشد جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك د.محمد عمارة٬ ليعرضوا فكرتهم عن إقامة الدولة الدينية، بينما كان في صف د. فرج فودة د. محمد أحمد خلف الله ممثلين عن الدولة المدنية.

بدأت المناظرة بآراء الشيخ الغزالى ورفاقه المؤيدين لإقامة الدولة الدينية كأنهم يريدون استنساخ دور الكنيسة في العصور الوسطى المظلمة وسط تصفيق حاد من مؤيديهم، الذين لا ناقة لهم ولا جمل بما قيل غير الانتماء التنظيمي، فتجلى د. فرج فودة ورد عليهم بالحجة والمنطق، بالدليل والبرهان، مفندًا زعمهم، جاعلهم منكسي الرؤوس أمام جماهيرهم المحتشدة، وانتهت المناظرة نظريًا بانتصار الأفكار التقدمية ودحض الأفكار الرجعية، لكن ثمة نهاية أخرى واقعية فكان لا بد لــ الغزالى أن يسترد جزءًا من كرامته المهدرة، فأصدر فتواه الشهيرة بأن "فودة" مرتدًا والمرتد يجب قتله.