رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سمير الفيل: «عبد الناصر الرجل الذي أحببناه»

سمير الفيل
سمير الفيل

بعد مرور نصف قرن على رحيل عبد الناصر، قال الروائي سمير الفيل إنه "في سنة 1958 كنا في الصف الأول الابتدائي، وطلب منا مدرس الفصل الأستاذ رفعت قطارية أن نسجل في كراساتنا صيغة خطاب نوجهه لجمال عبدالناصر لنهنئه فيه بوحدة مصر وسوريا، ونطلب منه صورة شخصية".

وأضاف «الفيل» في تصريحات لـ«الدستور»: «عكفت في البيت أكتب الخطاب في ورقة مسطرة، وأضعه في ظرف «طيارة» وألصق عليه طابع البريد، ليصلني الرد من مدير مكتبه حسن صبري الخولي، ليبلغنا أن الزعيم قدر قرأ خطابي وخطابات الزملاء ويطلب منا التفرغ للعلم لنحمي الجمهورية العربية المتحدة، وقد أرفق بالرد صورة فوتوغرافية يبدو مبتسما فيها، وفي سنة 1963 كررت المحاولة وجاء الرد هذه المرة على ظرف أزرق أنيق مع صورة أكثر ابتسامة ولكي أثير فرح أمي رسمت بجوار الخطاب وردة ذات بتلات حمراء، ظلت معي حتى كبرت، وفي سنة 1967 حدثت هزيمة 5 يونيو وخرجت الجموع في الشوارع يومي 9 و10 من ذات الشهر تطالب الرجل بالبقاء حتى نحرز النصر، وأعلن وقتها عن أتوبيسات ستسافر إلى القاهرة والعودة مجانا لتعضد هذا الطلب الجماهيري، وقررت السفر وخافت أمي علي لأنني لم أهبط القاهرة من قبل فأخفت حذائي الوحيد فانطويت على نفسي حزينا».

وتابع: «شاركت في اليوم التالي بجنازة رمزية حملت الصور الفوتوغرافية ـ أبيض وأسود ـ والرايات السوداء وسجلتها عدسة مصور شهير، وفيها يبدو شعراء وكتاب مسرح وأنا أمامهم أمسك يافطة مكتوب عليها "أدباء دمياط" يسبقني شاعر العامية السيد الجنيدي الذي احتضن صورة كبيرة للفقيد، ويبدو من الصورة وجوه السيناريست بشير الديك، الشاعر السيد النماس، المفكر مصطفى نورالدين، وعامل لحام السيارات سعد الكندوز والمخرج المسرحي حلمي سراج، ومحمد النبوي شيخ أدباء دمياط، وكان موت الزعيم أمرا جللا، وفي نفس العام كتبت أغاني مسرحية "موت زعيم" التي عرضت بمعهد المعلمين ولحنها زميل الدراسة القادم من مهجري بورسعيد الملحن محمد الطرابيلي، وحصلنا بها من إدارة المسرح بالوزارة على شهادة امتياز».

واستطرد: «تمضي الأيام وأجند في السنة التالية لحرب أكتوبر بالتحديد سنة 1974، وأظل أحلم بيوم نتمكن فيه من أن نحقق حلم الراحل في العدالة الاجتماعية والحرية الكاملة، ثم أعود للسلك المدني وأتعرض وغيري للإبعاد عن التدريس لانضمامنا لمرشح المعارضة ضد مرشح الحكومة زمن الرئيس السادات، وكان عبد الناصر يمثل لجيلي الوجه المقاوم للاستعمار، وواحد من زعماء حركة عدم الانحياز، والمساند لثورات الجزائر واليمن، ومن حقق لنا مجانية التعليم، ومن بنى المساكن الشعبية بثمن رمزي للبسطاء، ومنح الفلاح الفقير خمسة فدادين، وما زلت أتذكر رقصة فرقة رضا والكورال يغني: خمس فدادين.. أزرعهم فلفل وشطيطة، وكانت الرقصة تعرض في الحديقة العامة بالمجان وبعدها فيلم سينمائي، وصرت الآن على أبواب السبعين، رأسي مزدحمة بالأفكار، وفي قلبي حب جارف لعبدالناصر ولومومبا وتشي جيفارا وكاسترو.. لكل المناضلين من أجل رخاء العالم غير أن الواقع الأليم يخبرنا بأن الاستعمار قد غير أسلحته وصار قادرا على غزو البلاد واحتلالها بوسائل أكثر خفاء وتعقيدا، وأنا إذن من الجيل القديم، يكفيني زهوا أن عندي خطابين للزعيم الراحل وزهرة رسمتها بيدي فيها بتلات حمراء وظلال ابتسامة صادقة رأيتها وما زلت أشعر بعذوبتها مرتسمة على فم الرجل الذي وقف ذات يوم على منبر الأزهر ليقول قولته الخالدة سنقاتل.. سنقاتل.. لقد كتب علينا القتال.. ولا يوجد من يفرض علينا الاستسلام».