رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا العاصمة الإدارية الجديدة؟.. تقارير عالمية تجيب

العاصمة الإدارية
العاصمة الإدارية

أصبحت مدينة القاهرة، عاصمة مصر التاريخية، غير قادرة على القيام بواجباتها الأساسية كعاصمة لمصر اقتصاديًا أو سياسًيا، إضافة إلى أن وضعها يتردى من سيء إلى أسوأ كل عام، فوفًقا لمؤشر Global power city index 2019، الذي يصدر عن معهد الاستراتيجيات الحضرية الياباني، الذي يضم 48 مدينة حول العالم انخفض ترتيب القاهرة من المركز 35 في 2010 إلى 46 في العام 2019، كما يوضح الشكل التالي:

ويعتمد التصنيف في المؤشر على 5 مجالات هى الاقتصاد، البحث العلمي والتطوير، التفاعل الثقافي، جودة الحياة في المدينة، البيئة، وأخيًرا المواصلات، وجاء ترتيب القاهرة في جميع هذه المؤشرات ُمتدنًيا للغاية، خاصة في مجالي الاقتصاد والبحث العلمي، كما جاءت في المركز الـ43 في المواصلات، و45 في البيئة.

ُويمكن تلخيص أهم مشاكل القاهرة الكبري حالًيا فيما يلي:

ا- الكثافة السكانية: تعد القاهرة الكبرى واحدة من أكثف مدن العالم إن لم تكن أكثفها على الإطلاق حيث
يعيش ما بين ١٥و٢٥ مليون نسمة، ما يقرب من ٢٥% من سكان مصر– في القاهرة.

ُ- بلغ نصيب الفرد من مساحة غرفة مدينة القاهرة ٣٣ متر مربع - ٥م×٦م تقريبا( للقيام بكل مهامه من سكن)، وعمل ومدارس ومستشفيات وطرق، بخلاف النقل والمواصلات، مقارنة بنصيب الفرد من مساحة المدينة في لندن والتي تعد من أشد مدن أوروبا ازدحاما الذي يقدر نصيب الفرد فيها ٢٠٠ متر مربع.
- من المتوقع أن يصل سكان القاهرة عام ٢٠٥٠ إلى حوالي ٣٠ مليوًنا.

تصاحب الزيادة السكانية السابق الإشارة إليها، زيادة في الدخل بـ 3%، بما يؤدي إلى:

- زيادة في ملكية السيارات الخاصة بمعدل 4.2% سنوًيا، ما جعل السيارات الموجودة بها ترتفع لأكثر من 3 ملايين سيارة.
- ارتفعت عدد الرحلات اليومية للذهاب للعمل إلى 14 مليون رحلة، وبحلول 2022 ستصل إلى 25 مليون رحلة.
- سيؤدي ذلك إلى انخفاض سرعة الرحلات من 19كمساعة إلى 11 كمساعة في 2022، وسيصل زمن الرحلة اليومية للوصول إلى العمل بالسيارة – في المتوسط – من ٣٧ دقيقة سنة ٢٠٠٢ إلى أكثر من 100 دقيقة سنة 202.

- سيتسبب ذلك في خسارة اقتصادية قدرها البنك الدولي تصل إلى حوالي 1.5 مليار دولار ُكل عام،
التدهور العمراني نتيجة الزيادة السكانية وارتفاع الطلب على السكن والنشاط الاقتصادي في القاهرة، وتزايد الطلب على أراضي البناء، ما أدي إلى ارتفاع أسعارها، وهو ما أدى إلى زيادة الكثافة البنائية لتحقيق أقصى أرباح ممكنة، مما صعب علي المواطن العادي توفير مسكن ملائم، وبالتالي أدى ذلك إلى:

- تضم القاهرة الكبرى 15.5% من العشوائيات في مصر، بما يبلغ أكثر من 60 حافظة في القاهرة،
و 36 في الجيزة، و76 في القليوبية.

- تردّي البنية التحتية: نظرا للزيادة السكانية في مدينة القاهرة، فقد زادت الحاجة إلي البنية التحتية كالاتصالات والمياه والكهرباء والصرف الصحي، وما يترتب عليه من زيادة في معدلات الاستهلاك، ومع الزيادة السكانية الحالية بدأت مشكلات البنية الأساسية تظهر بجلاء في انقطاع المياه عن العديد من المناطق وظهور مشكلات الصرف الصحي التي وصلت إلي بعض المناطق الراقية وانقطاع تيار الكهرباء في أيام الصيف بسبب ضغط الاستهلاك.

ضغوط على الخدمات: تضاعف الطلب على الخدمات كالتعليم والرعاية الصحية، فمن المتوقع أن يصل عدد الطلبة عام 2030 إلى نحو 41 مليون طالب وطالبة في التعليم ما قبل الجامعي و١٣ مليونا في التعليم والجامعات داخل الكتلة السكنية، وهو ما أصبح غير ُمتاح، الأمر الذي سيتطلب زيادة في عدد المدارس.

ُ- التلوث البيئي: تبلغ نسب تلوث الهواء في إقليم القاهرة الكبرى معدّلات مثيرة للقلق، فهي أعلى بكثير من المعايير العالمية المسموح بها، ما يجعل الإقليم بمثابة المنطقة العمرانية الأكثر تلوثًا في العالم.
ويرجع السبب في ذلك إلى:

- توطن أكبر منطقتين صناعيتين في مصر (شبرا الخيمة وحلوان) حول الإقليم.
- تكدس شوارع القاهرة الكبرى بالسيارات بين الأجرة والملاكي وحافلات النقل، وهو ما يأتي بعواقب وخيمة على صحة المواطنين ومستقبل التنمية.
- البنية التحتية لمنظومة إدارة المخلفات الصلبة غير مكتملة، كما أن تقديرات نصيب الفرد من المسطحات الخضراء تقل كثيًرا إذا ما قورنت بالمستوى العالمي، وهو ما يحول مستقبل الإقليم إلى كتل خرسانية ليست صديقة للبيئة.

كان الحل إذا يكمن في إنشاء مدينة جديدة، بحيث تقوم بالدور السياسي والاقتصادي للعاصمة،
ُيتيح له القدرة على النمو السليم، ويقضي في ذات الوقتُ على مشكلاته ويخفف الضغط على إقليم القاهرة الكبرى، وفي ذات الوقت يمنح المساحة للتمتع بالثراء الثقافي الذي تتمتع به القاهرة، لذلك جاء إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بدلا من القديمة، مراعًيا العناصر التالية:

المسطحات الخضراء والمفتوحة أعلى من المعايير العالمية لجودة مدينة خضراء: حيث يبلغ نصيب الفرد من الحياة 15م مربع.

مدينة مستدامة: تستخدم ُمحددات الاستدامة في الطاقة وتدوير المياه والُمخلفات، حيث تعتمد فيها على 60% من الطاقة المتجددة، إضافة إلى أنها ُتعالج المياه المستخدمة، وتستخدم هذه المياه طاقتها على المصادر الـ100% من المياه المعاد تدويرها في ري 100% من الحدائق والمزروعات بها ُمشاة ودراجات بحيث ُتخصص 40% من مساحة المدينة للُمشاة، حيث تتصل أحياء المدينة من خلال شبكة ممرات للطرق بها لهذا الغرض.

مركز للمال والأعمال: حيث ُيخصص 30% من المساحة المبنية في المدينة لخدمة قطاع المال والأعمال،
ولتحقيق هذه الأغراض جرى التخطيط لعدد من المشروعات، من بين أهمها:

الحي الحكومي: يتضمن 18 مبنى وزاريًا، ومبنى للبرلمان يتسع لألف نائب، ومبنى لمؤسسة الرئاسة ومبنى لمجلس الوزراء، ومركز مؤتمرات ومدينة معارض، واستاد أوليمبي ومطارات ومدينة ذكية ومدينة طبية وحديقة مركزية.

حي سكني: تمثل المساحة السكنية حوالي 67% من مساحة مشروع العاصمة الإدارية، وتتضمن نحو 285 ألف وحدة سكنية لمحدودي الدخل، و185 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المتوسط، و15 ألف وحدة سكنية للطبقات الاعلى دخلا، بحث تستوعب نحو6.5 مليون نسمة بعد اكتمال المشروع.

المحور الأخضر: تضم المدينة السكنية بالعاصمة الادارية الجديدة أطول محور أخضر في العالم، وهو النهر الأخضر أو طرق الحدائق المركزية، ويشتمل على حدائق مركزية وترفيهية وحدائق نباتية، وتلك الحدائق تعتبر من أكبر الحدائق على مستوى العالم، حيث تقام على مساحة 5 آلاف فدان، بطول 35 كيلومترا، وستكون مفتوحة للجمهور مجانا وتخدم العاصمة الإدارية بالكامل، والقاهرة الجديدة والقاهرة.

حي الأعمال: تضم العاصمة الجديدة حيا كاملا لرجال المال والأعمال، ومقرًّا للبنك المركزي، والبورصة، ومقرات لمختلف البنوك المحلية والدولية.

ووفقا للمخطط العام للمدينة الإدارية الجديدة تم وضع تصميم خاص لإنشاء منطقة الأعمال لدى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهو يشمل ناطحات سحاب وأبراجًا لرجال الأعمال.

مدينة المعرفة:
تم تأسيسها بنظام "المدن المغلقة"، وستضم مراكز للأبحاث والعلوم والابتكار وريادة الأعمال والسوفت وير وتطبيقات الكمبيوتر وغيرها، خصص لها ما يقُرب من 300 فدان، وهى مدينة ذكية متخصصة في العلوم والمعرفة.

يشارك في تنفيذ المشروع أهم الكيانات المصرية:
الهيئة الهندسية للقوات المسلحة: يجري إنشاء العاصمة الادارية بالكامل تحت إشراف الهيئة الهندسية
لُلقوات المسلحة (المقاولون العرب، وطلعت مصطفى وتحالف أوراسكوم أبناء حسن علام وكونكورد تبني الحي السكني والحكومي، على النحو التالي:

- تتولى شركة طلعت مصطفى تنفيذ 69 عمارة بالحي السكني بواقع 2096 وحدة سكنية.
- تتولى شركة بتروجيت للمقاولات تنفيذ 36 عمارة ضمن الحي السكني تضم 1008 وحدات.
- شركة المقاولون العرب تنفذ 44 عمارة بإجمالي 1408 وحدات وتم إسناد 34 عمارة جديدة للشركة.
- شركة المقاولون العرب تنفذ 44 عمارة بإجمالي 1408 وحدات وتم إسناد 34 عمارة جديدة للشركة.
- تم إسناد تنفيذ 121 عمارة لشركة وادي النيل للمقاوالت و246 عمارة إدارة الأشغال العسكرية التابعة
للقوات المسلحة.

من المتوقع أن ينعكس بناء العاصمة على الاقتصاد المصري من النواحي التالية:
استثمار عملاق: ُتخصص للمدينة استثمارات كبيرة تتراوح بين 75 إلى 80 مليار دولار ويستغرق 12 عًاما لتنفيذها بالكامل، وفي مقابل كل جنيه تدفعه الحكومة المصرية سينعكس عليها بنحو 9 جنيهات بعد
الطرح الاولي.

سيجري الاستعانة بشركات مقاولات أجنبية ذات سمعة وخبرة عالمية لتنفيذ بُالمشاركة مع شركات مصرية، وسيجري إسناد هذه المشروعات لها بالمشاركة، لتستفيد من عملية التطوير بما ينقل لها الخبرة.

تفريغ القاهرة الكبرى: يساهم المشروع في تفريغ القاهرة من التكدس الناتج عن حركة العاملين بالوزارات.

والجهات الحكومية، فيما ستتحول العاصمة التراثية والثقافية والتاريخية مقصدًا سياحيًا. وتهدف خطة
المشروع إلى نقل الوزارات المصرية إلى المدينة الجديدة لتقليل الاحتقان المزمن في القاهرة.

تعزيز صناعات الطاقة الجديدة: حيث يشمل المشروع انشاء 90 كيلومتًرا مربًعا من حقول الطاقة الشمسية.

ويستهدف إنجاز ذلك في غضون 5 إلى 7 سنوات بتكلفة 45 مليار دولار، ُتساهم فيها شركات مصرية.

ُزيادة الرقعة الزراعية: بالتوازي مع إنشاء المدينة سيجري استصلاح نحو 4 ملايين فدان، بما يسهم
بتقليل انبعاثات الكربون، وسد الفجوة الغذائية من جانب آخر.

ربط التنمية مع محور قناة السويس: حيث ترتبط المدينة مع محور قناة السويس الذي يجري العمل فيه
بالتوازي معها، بما يرفع قيمة العقارات المصرية في العموم، حيث سيشمل المحور على ُمدن صناعية
ُمتخصصة، ولهذا الغرض سترتبط المنطقتان بنحو 3200 كم من الطرق.