رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أطفال في يد غير أمينة».. حضانات أصابها الإهمال وسكنتها المخاطر

حضانات
حضانات

فجرت قضية اختفاء الطفلة "كنزي" من إحدى دور الحضانات، والتي تبلغ من العمر سنتين لمدة أسبوع، قضية إهمال الحضانات والعاملين بها للأطفال داخل هذه الدور وعدم رعايتهم الرعاية اللازمة لأطفال في هذه السن الصغيرة.

فقد عاشت أسرة محمد عبدالله، في منطقة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية، معاناة ضخمة بعد فقدانهم لابنتهم "كنزي"، بعد أن تركتها العاملة "الدادة"، داخل الفصل وحدها، دون مراقبة أو اهتمام، لتخرج الطفلة وتغيب تمامًا، إلى حين تم العثور عليها لتنطلق الاحتفالات بمنطقتها فرحًا برجوعها.

وقضية الإهمال داخل الحضانات يعد أمرًا ليس بجديدًا، فقد تكررت عدة وقائع مشابهة تثبت إهمال الكثير من دور الحضانة لأغلى ما يملكه الآباء وهم أبناؤهم الصغار، وفيما يلي نستعرض أهم هذه الوقائع:

فتلك عبير أحمد والدة لطفل ياسين صلاح 3 سنوات تروي أنها مثلها مثل جميع الأمهات انتظرت اللحظة التي سترسل فيها ابنها إلى دور الحضانة؛ لتشعر بأنه بالفعل صار كبيرًا بعض الشيء يستطيع الخطو أولى خطواته في طريق التأقلم مع العالم الخارجي والتعلم الدراسي والاجتماعي.

اعتقدت عبير أن ولدها سيستطيع فهم أولى الحروف الأبجدية وحفظها، سيحفظ الأغاني الوطنية والأناشيد الدينية ويرددها وبها يترسخ فيه القيم الدينية والوطنية، إلا أن آمال عبير تحطمت "كما أوضحت" عند رنة تليفون بمكالمة جأتها من إحدى المعلمات تبلغها بضرورة الحضور لاصطحاب صغيرها، حيث إنه مريض للغاية، وخلال دقائق معدودة كانت الأم بالفعل وبصحبة زوجها داخل الحضانة، لرؤية صغيرها الذي بدا وقد فارق الحياة.

وجدت الأم الطفل وقد أُغمض عينيه وأصبح لا يقوى على التنفس، فانطلقت صرخاتها مدوية طالبة النجدة لإنقاذ صغيرها، الذي أوشك على الضياع منها.

في المستشفى تم وضع يس على جهاز التنفس الاصطناعي، وقام الأطباء بمحاولات عدة لإنعاش القلب، دخل بعدها في غيبوبة تامة، في الوقت الذي حاول المسئولون في الحضانة إخفاء ما حدث تهربًا من المسئولية.

وقالت مديرة الحضانة لوالد الطفل، أن طفله حضر إلى الحضانة من بداية اليوم وهو في حال إعياء شديد، وكان يعاني ارتفاعًا في درجة الحرارة، وأصيب بتشنجات حرارية ليسقط على إثرها فاقدًا للوعي.

الأب ساوره الشك في حديث المديرة فرآه غير منطقي فهو قد تأكد من والدة الطفل أن ابنه خرج من منزله وهو لا يعاني ارتفاعًا في درجة الحرارة.

وجاء تقرير المستشفى ليؤكد تعرض الصغير للاختناق، مما أدى إلى عدم وصول الدم إلى الدماغ، فأُصيب بإغماء دخل على إثره في غيبوبة تامة.

بعد محاولات مستميتة لمسئولي الحضانة لإخفاء الحقيقة، حتى خرجت بضع كلمات متلعثمة من طفلة صغيرة لتكشف المستور، إذ أكدت أن محمد قد تعرض بالفعل للشنق على يد طفلة تصغره بأيام قليلة.

كلمات الطفلة كانت مفتاحا للوصول إلى حقيقة ما وقع، فطفلة بعمر البراءة يجعلها من الصعب أن تختلق سيناريو وهميا إلى هذا الحد، خاصة أن الأطفال بدأوا بعدها في التباري لرواية تفاصيل ما حدث.

قال الصغار إن مديرة الحضانة كانت تعقد اجتماعًا للمعلمات، فذهب الجميع وتركوهم يلعبون معًا في الحديقة، وفي تلك الأثناء كان يس يتزحلق، فأرادت طفلة الإمساك به حتى لا يسبقها، لم تجد الصغيرة سوى رباط يتدلى من ياقة جاكيت يرتديه صديقها، فأمسكت به محاولةً منعه من النزول، ليتعلق الصغير وكأنه مشنوقًا بين يديها محاولًا الاستغاثة، إلا أنها لم تستوعب ما حدث في لحظة كاد المسكين يفارق الحياة فيها، غير مدركة سوى أنها نجحت في منعه من التغلب عليها في اللعب.

ليسقط بعدها يس على الأرض فاقدًا الوعي، في الوقت الذي جاءت إحدى المعلمات وعلمت بما حدث، فأسرعت عندها لإبلاغ المديرة التي ادعت أن الطفل كان يعاني ارتفاعًا في درجة الحرارة سبّب له تشنجات حرارية دخل على إثرها في غيبوبة في محاولة لإخفاء إهمالها.

وبعد أكثر من 5 أيام قضاها هذا الملاك الصغير في غيبوبة كاملة، قبل أن يعود الى الحياة من جديد، ويؤكد رواية أقرانه، التي كانت بمثابة قنبلة أُلقيت في وجه والديه، ولتكشف كم الإهمال الذي كاد يغتال روحه أو يحول طفلة صغيرة إلى قاتلة دون أن تدري معنى القتل.

الطفل أحمد محمود سنتان ونصف هو طفل آخر أصيب نتيحة إهمال دور الحضانات والمشرفين بها لدورهم إذ تعرض لإصابة بالغة الخطورة بعينيه اليسرى وقت أن كان بحضانته نتيجة شجاره مع أحد زملائه، وذلك في غياب تام للمشرفين حسبما روى الطفل نفسه عقب شفائه بأعجوبة إذ أدى الشجار إلى إصابة عينيه بجرح غائر في القرنية كان من الممكن أن يفقده بصره.

تروي والدته مها سمير أنها فوجئت عندما ذهبت لاستلام طفلها من الحضانة بتلك الإصابة، ولم تستطع السيطرة على نفسها فعنفت جميع المشرفين داخل الحضانة، وصممت على تحرير محضر إهمال ضدهما، إلا أنها تنازلت عنه بعد إلحاح منهم واعتذار من كافة العاملين داخلها عما بدر منهم.

تقول مها: "ظلت عيني ابني مغطاه لمدة 15 يومًا، وظللت أضع الضمادات له إلى أن تمت نجاته بأعجوبة، فهو كاد أن يفقد عينيه بسبب تلك الواقعة، وهذا الإهمال من جانب الحضانة والعاملين فيها"، موضحة أنه تولدت لديها عقدة بعد ذلك من جميع الحضانات وتوقفت عن إرسال ابنها نهائيًا عن أي حضانة.

وقد نص القانون على أن تعريف الحضانة هي كل مكان مناسب يخصص لرعاية الأطفال الذين لم يبلغوا سن الرابعة، وتخضع دور الحضانة لإشراف ورقابة وزارة التضامن الاجتماعي طبقًا لأحكام قانون الطفل رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ والمعدل بالقانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨.

يذكر أن أغلب الحضانات التي تكثر بها وقائع الإهمال هي في الواقع حضانات غير مرخصة.

وفي هذا يقول كمال مغيث، الخبير التربوي، أن عدم ترخيص أغلب الحضانات يمثل أزمة كبيرة، لأن العاملين بها لا يصلحون للتعامل مع الأطفال ولا رعايتهم.

وأضاف «مغيث» أن الدولة لابد وأن تكون رقيبة على هذه الحضانات والاهتمام بها، والاعتناء بالأطفال فى هذه السن، وذلك من خلال الدور الرقابي لوزارة التضامن الاجتماعي، كما يجب توفير كافة الرعاية الصحية والتعليمية، مطالبًا بالعمل على توفير حضانات فى كل مؤسسة، لتكون تحت رقابة وزارة التضامن الاجتماعي.

وأشار «مغيث» إلى ضرورة حصر جميع الحضانات غير الرسمية، والتى لا تشرف عليها الدولة، خاصة فى المناطق العشوائية، ليتم غلقها، أوتقنينها، طبقًا للاشتراطات التى ينص عليها القانون، بحيث تقدم خدمة مميزة، ويتوافر بها عناصر الأمان.