رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإسكان الاجتماعي.. قصة أضخم مشروع بالعالم لتحقيق العدالة الاجتماعية (فيديو)

الإسكان الاجتماعي
الإسكان الاجتماعي

يتذكر أغلب جيل الثمانينات من المصريين، كيف كان الحصول على وحدة سكنية للزواج والمعيشة، حلما يحطم طموح أغلب راغبي الزواج والاستقرار من الشباب، وهي قضية ناقشتها الأفلام السينمائية بأشكال مختلفة لاستعراض الأزمة، بدءا من الثمانينات حتى ثورة الثلاثين من يونيو، ولعل أبرزها فيلم الكراكون الذي جسده الزعيم عادل إمام، كما جسد القضية الفنان الراحل نور الشريف في أكثر من عمل، وغيرهم الكثير والكثير، الأمر الذي أدى إلى انتشار العشوائيات، وخروج أجيال غير سوية صحيا وتعليميا واجتماعيا.

كانت توفر الدولة قبل تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم، عدد قليل جدا مقابل الأعداد المطلوب توفيرها.. 40 ألف وحدة كان أعلى رقم تم تنفيذه في 3 سنوات، وكانت تنفذ وحدات صغيرة جدا بين 42 و60 مترا، وغير منفذة بشكل جيد، وهذه الوحدات منها ما هو موجود حاليا ويعرفها أغلبنا، لا تصلح لسكن أسرة ولا تليق كمسكن كريم.

البداية كانت بتعديل القانون وتغيير مسماه، من الإسكان القومي للشباب، لمشروع الإسكان الاجتماعي، لتغيير مفهوم انحساره على الشباب فقط والتوسع ليشمل كل محدودي الدخل بدءا من سن 21 عاما لـ 50، يمكنهم الحصول على هذه الوحدات في إطار انطباق شروط محدودية الدخل للاعزب والاسرة.

وفي عام 2014 أطلقت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أضخم مشروع إسكان محدودي دخل، بتوجيهات من الرئيس السيسي، من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سكن لائق لشريحة محدودي الدخل والشباب، وفقا لما نص عليه الدستور المصري بضرورة ان تكفل الدولة للمواطنين الحق في السكن الملائم والآمن والصحي، بما يحفظ الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.

وأصدرت الدولة قانون إنشاء صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري بموجب القرار الجمهوري رقم 93 لسنة 2018، ليقوم على شئون الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، ويعتبر هيئة عامة خدمية، له الشخصية الاعتبارية، حتى تتمكن من توفير المسكن الملائم للمواطنين من ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، والمناسب لإمكانياتهم المالية المحدودة بما يحفظ لهم آدميتهم وكرامتهم الإنسانية، ويضمن لهم العيش الآمن والكريم.

كانت توجيهات الرئيس السيسي وقتها واضحة: "نريد مجتمعات سكنية حضارية متكاملة الخدمات"، وهو تحد كان كبير، قال عنه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، الذي أدار الأمر كاملا منذ توليه ملف الإسكان، إنه "رغم ما واجهناه من تحديات مثل توفير الأراضي اللازمة للبناء أو التمويل المطلوب وفائدة البنوك المناسبة وارتفاع أسعار مواد البناء وبالتالي تكلفة الوحدات، إلا أن الإنجاز كان كبيرا سواء من حيث مضاعفة الأعداد المنتجة مقارنة بما كان يتم تنفيذه سابقا، أو في جودة تنفيذ الوحدات وتوافر الخدمات بها، ولعل هذا هو ما دفع مسئولي البنك الدولي للاشادة بالمشروع أكثر من مرة ودعوة دول العالم أن تحذوا حذو مصر في هذا المشروع الذي وفر مئات الآلاف من الوحدات لمحدودي الدخل والشباب بخلاف ما وفره من ملايين الفرص للعمل".

تتولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في إطار خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة ووفق برنامج الإسكان الإجتماعى، اقتراح وتخطيط وطرح مشروعات الإسكان الاجتماعى والإشراف على تنفيذها، ويقوم برنامج الإسكان الإجتماعى بتوفير الوحدات لذوى الدخل المحدود في المناطق التي يتم تحديدها، وقامت الهيئة بطرح مشروعات لوحدات سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعى في 22 مدينة جديدة بمساحة تصل إلى 90م2 للوحدة.

بلغ عدد الوحدات التي تنفذ سنويا في الوقت الحالي لـ 200 ألف وحدة تم رفعها من 90 ألفا لهذا الرقم قبل أربع سنوات تقريبا، وتم رفع العدد الذي كلف به الرئيس السيسي لنحو مليون ومائتي ألف وحدة تم تنفيذ نحو 80% منها، وجار استكمال الباقي ربما ينتهي تماما في غضون العامين المقبلين.

تطرح الوحدة حاليا بسعر 224 ألف كسعر كاش، يتم تقسيطه بين 10 لـ 20 سنة بحسب عمر المستفيد، غير محمل عليه سعر الأرض التي تبني عليها الوحدات ولا عمليات الترفيق ولا أعمال الطرق واللاند سكيب وخلافه، إضافة مبلغ الدعم الذي تدفعه الدولة من سعر التكلفة الفعلي الذي يزيد علي الرقم الذي تطرح به هذه الوحدات، بخلاف سعر الفائدة البسيط والتناقصي.

على مدار السنوات الخمس الماضية تطرح الوزارة نحو إعلانين من المشروع يتخطى كل منهم الـ 100 وحدة، وأصبح الأمر واقعا ملموسا نعيشه، بعدما تسلم مئات آلاف وحداتهم وانتقلوا من العشوائيات لمسكن يليق بآدميتهم وبأسعار تتناسب مع دخولهم المادية، إضافة لتمكين مئات آلاف من الشباب من إتمام زواجهم واستقرارهم.

ليس كلاما فحسب، هناك شهادات كثيرة وموثقة، تعلن أن مشروع الإسكان الاجتماعي في مصر، هو الأضخم من نوعه في العالم، لتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والتكافل من قبل دولة قررت أن تتحدى الواقع لتنفيذه، بإنفاق نحو 34 مليار دعم له حتى الآن، ومن المتوقع أن يصل الرقم لنحو 60 مليار جنيه بانتهاء المليون ومائتي ألف وحدة، المرحلة الأولى منه.