رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سفيرنيوزيلندا بالقاهرة: أشعر بأننى أعيش فى بيتى

جريج لويس
جريج لويس

قال جريج لويس، سفير دولة نيوزيلندا بمصر، إنه لم يعتقد أبدًا أن تحظى تغريدته على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» حول المانجو المصرى بمثل هذا الانتشار، مشيرًا إلى أن المصريين ينتجون أفضل مانجو فى العالم فى مدينة الإسماعيلية، لذا يجب عليهم تصديرها إلى كل مكان فى العالم.
وأضاف، فى حواره مع «الدستور»، أن العلاقات بين البلدين تشهد طفرة كبيرة فى الوقت الحالى، فى ظل الرغبة المشتركة فى تطوير العلاقات وتعزيز التعاون بينهما، خاصة فى مجالى الزراعة وإنتاج الغذاء، لافتًا إلى ازدياد التنسيق بين البلدين فى عدد من الملفات الدولية، خاصة ملفات نزع السلاح ومبادرات السلام.


■ بداية.. ما تفاصيل رحلتك الأخيرة إلى الإسماعيلية وتغريدتك عن المانجو التى سببت صدى واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعى؟
- هذه واحدة من أفضل رحلاتى، فقد قررت قيادة السيارة لمدة ساعة ونصف الساعة، وتوجهت إلى مدينة الإسماعيلية لتجربة المانجو الطازجة، بعد ما سمعته من كثير من أصدقائى المصريين حول كون مانجو الإسماعيلية من أفضل الأنواع فى مصر، وبعد تجربة عدة أنواع اشتريت ٥٠ كيلوجرامًا من المانجو، وعدت بها إلى القاهرة وأهديت منها لبعض أصدقائى وزملائى من السفراء والدبلوماسيين، وهم الذين غردوا على صفحاتهم على موقع «تويتر» حولها.
وبعد تجربتى الخاصة مع المانجو، قررت أن أكتب عنها، لكنى لم أعتقد أبدًا أن هذه التغريدة ستنتشر بهذا القدر، وأحب أن أشير إلى أن المصريين يجب أن يفخروا بأنهم ينتجون أفضل مانجو فى العالم، وأشعر بأنى محظوظ جدًا لأنى اشتريت بعضها من مكان زراعتها فى الإسماعيلية، كما أشعر بالامتنان لكل من علّق على تغريدتى.
والحقيقة أننى هنا فى مصر أشعر كأننى فى بيتى، فمصر بالتأكيد أم الدنيا، ورغم أننى أجنبى إلا أننى أحب أن أتصرف وكأنى من مصر، لأن المصريين، مثل النيوزيلنديين، ودودون ومرحبون، ولديهم نفس روح الدعابة رغم البعد الجغرافى، والناس فى بلدينا يتعاملون بدفء وترحاب ويتمتعون بنفس روح المزاح، كما يقدرون أهمية الأسرة والعلاقات الإنسانية.
■ كيف رأيت التعليقات على تغريدة المانجو من سفيرى أستراليا وكندا بالقاهرة؟
- بعد تغريدتى، علّق السفيران الكندى والأسترالى عليها، ورغم أنى فهمت أن التعليقات على سبيل المزاح، إلا أنى أرسلت بالفعل كمية من المانجو إلى السفير الكندى حتى يتمكن من تجربتها.
■ هل يجرى تصدير المانجو المصرية إلى نيوزيلندا؟
- شخصيًا، أعتقد أنه يجب أن يجرى تصدير المانجو المصرية إلى كل مكان فى العالم، وأود أن أراها على الرفوف فى نيوزيلندا، ومع ذلك، فإنى أدرك أن أحد التحديات التى تواجه تصدير المانجو هو كونها فاكهة يجب استهلاكها بعد وقت قصير من حصادها، لذا فإن نقلها إلى نيوزيلندا يعد أمرًا صعبًا، لكن يمكن العمل على ذلك، خاصة أن المانجو المصرية لها طعم جميل ومتميز، وكما يقولون لا يوجد صيف فى مصر دون مانجو، وأعتقد أن هذا هو السبب وراء الصدى الذى حققته تغريداتى، لأنها تحدثت عن أهمية الطعام ودوره فى تشكيل الهوية الثقافية.
ونحن فى نيوزيلندا نشتهر بفاكهة الكيوى، التى نصدرها إلى كل العالم، كما أن طائرنا الوطنى هو الكيوى أيضًا، لذا نطلق على أنفسنا اسم «الكيوى النيوزيلندى»، كما نشتهر بابتكار حلوى «بافلوفا» الوطنية.
وأحب أن أوضح أن «دبلوماسية المانجو» والحديث عن الطعام وهذه الروابط الثقافية تعد أمرًا مهمًا، فكل الحضارات والشعوب تحب الاستمتاع بتناول وجبة طعام مع الأصدقاء والعائلة، وأعتقد أن ذلك جزء من التاريخ البشرى.
■ ما الأطعمة التى تفضلها فى مصر؟
- المطبخ فى مصر غنى ومتنوع، وأعتقد أن مهارات الطهى قد تم تطويرها بمرور الوقت وتعكس الآن ذوق وتاريخ البلد، وأنا من أشد المعجبين بالطعام المصرى منذ زيارتى الأولى إلى مصر منذ سنوات، فهو طعام مفيد للغاية، وهذا شىء مهم خاصة خلال فترة الجائحة العالمية.
وقد يضحك البعض مما سأقوله، لكن طعامى المفضل هو «الملوخية»، كما أنى أحب الكشرى والمحشى، وهى من الأكلات المفضلة لدىّ، وغالبًا ما أطلبها عند ذهابى لأى مطعم مصرى.
■ متى كانت زيارتك الأولى إلى مصر؟
- كان ذلك فى عام ٢٠٠٤، وكنت وقتها فى زيارة عمل إلى القاهرة، ضمن البرنامج التجارى بين مصر ونيوزيلندا، ومكثت عدة أيام فى العاصمة، وكما يقولون: «من يشرب من نهر النيل لا بد أن يعود إليه»، لذا عدت إلى مصر مرة أخرى سفيرًا لبلادى.
■ مَنْ المطربون الذين تفضل الاستماع إليهم، والكتّاب الذين قرأت لهم؟
- أحب أن أستمع لأم كلثوم من الأغانى القديمة، ومن الشباب "ويجز"، وأقرأ لنجيب محفوظ وأحمد مراد.
■ ما الأماكن السياحية التى تزورها باستمرار منذ مجيئك إلى القاهرة؟
- لطالما كنت مفتونًا بتاريخ مصر الطويل، وبالمقارنة، فإن نيوزيلندا دولة حديثة جدًا، فقد استقر البشر هناك منذ أقل من ألف عام فقط، أى أن الأهرامات كانت قديمة بالفعل عندما بدأ البشر فى الاستقرار فى بلادى.
وقد كان من حسن حظى أنى زرت معظم المدن المصرية من الإسكندرية إلى أسوان، وزرت العديد من المناطق الأثرية فى أبوسمبل وأسوان والأقصر، وكذلك الإسكندرية وبورسعيد والعلمين، وزرت شرم الشيخ أكثر من ٥ مرات، بالإضافة إلى أنى أحب زيارة سيوة، فهى واحة فى غاية الروعة والجمال، كما أن الشعب المصرى شعب عريق وكريم الضيافة.
وأقول لكل من لم يَزُر مصر إنهم ضيعوا فرصة غالية بعدم مشاهدة هذا البلد العريق وتاريخه وثقافته.
■ على ذكر المناطق السياحية.. متى تعود السياحة بين البلدين؟
- للأسف، أعداد السائحين من نيوزيلندا إلى مصر تراجعت فى الوقت الحالى، بسبب القيود المفروضة على السفر بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، وأتوقع أن تعود السياحة إلى مصر بعد تجاوز الوباء العالمى، لأنها أرض ساحرة وتثير الرهبة، وكثير من النيوزيلنديين يتوقون لزيارتها، خاصة أن مصر مثل نيوزيلندا، بلد متنوع للغاية، يمكنك فيه التزلج على الجليد فى يوم وزيارة الشواطئ فى اليوم التالى، إلى جانب المواقع التاريخية.
■ بالحديث عن العلاقات الاقتصادية بين مصر ونيوزيلندا.. ما المحاصيل المصرية التى يجرى تصديرها إلى بلادكم؟
- من الأخبار السارة هذا العام بدء تصدير البرتقال المصرى إلى نيوزيلندا، وفهمت من السفيرة المصرية فى بلادى أن البرتقال بِيع بسرعة كبيرة خلال أيام من وصوله، حتى إنها واجهت صعوبة فى العثور عليه فى المتاجر، ونحن نأمل فى استكشاف المزيد من المحاصيل التى يمكن تصديرها.
■ تعد مصر ثانى كبرى الأسواق المستقبلة للصادرات النيوزيلندية فى إفريقيا.. فما حجم التبادل التجارى بين البلدين؟ وهل تأثر بانتشار كورونا؟
- مصر ثانى أكبر شريك تجارى لنيوزيلندا فى إفريقيا بعد الجزائر، وبلغ حجم التجارة الثنائية بيننا حوالى ٣٠٠ مليون دولار، لذا فهناك مجال للتوسع فى العلاقات البينية والنمو التجارى.
والحقيقة أن العام الحالى والوباء العالمى أظهر لنا جميعًا مدى أهمية وجود شبكات موثوقة للأمن الغذائى. فنيوزيلندا هى مصدر رئيسى للمنتجات الزراعية فى العالم، ومع ذلك فإن سوقها المحلية صغيرة للغاية، وتضم فقط ٥ ملايين شخص، وتصدر كمية قليلة من منتجات اللحوم إلى مصر، لذا أعتقد أن هناك مجالًا واسعًا لمزيد من النمو، ونحن حريصون على ذلك فى نيوزيلندا ونعمل مع مصر على تعزيز وتطوير التعاون الزراعى.
وأحب أن أشير إلى أننا طورنا، بالشراكة مع مصر، برنامج سلامة سلسلة إمداد اللحوم الحمراء، وهذا نوع من الشراكات الرئيسية، ويعزز التجارة بيننا ويجعلنا نساعد بعضنا البعض، فالعلاقة بين البلدين قوية، وهناك تنسيق غير مسبوق فى العديد من القضايا المحلية والدولية.
وفى الوقت الحالى لدينا علاقات قوية فى المجال الزراعى، وسبق لوزير الزراعة النيوزيلندى زيارة القاهرة ولقاء العديد من المسئولين المصريين لدعم القطاع الزراعى والاستفادة من الخبرات النيوزيلندية.
والحقيقة أن فيروس كورونا كان له تأثير سلبى على المجال التجارى فى جميع أنحاء العالم، وأعتقد أن الحصول على طعام جيد هو مصدر من مصادر مواجهة هذا الفيروس، لذا لدى نيوزيلندا ومصر فرص جيدة من أجل زيادة التعاون فى مجال الغذاء، ومن بينها زيادة صادرات مصر من الموالح والبرتقال على وجه الخصوص.
ونحن نسعى بكل قوة لدعم الاستثمار المتبادل بين بلدينا، كما نسعى إلى زيادة حجم التجارة بين البلدين فى الوقت الحالى، بعدما وصلت إلى نحو ٢٥٠ مليون دولار سنويًا، بالإضافة إلى دعم الاستثمار فى المجال الزراعى وزيادة صادراتنا إلى مصر من الألبان واللحوم، فالغذاء والزراعة هما أبرز المجالات التجارية بين البلدين.
وقريبًا ستجتمع اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين لمناقشة العديد من المشروعات المشتركة، بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية التى ستعود بالنفع على بلدينا، خاصة أن مصر بيئة خصبة للاستثمار.
■ ما أوجه التعاون المشترك بين البلدين فى الملفات الدولية؟
- العلاقات بين نيوزيلندا ومصر تسير بشكل جيد، ورغم البعد الجغرافى نتعاون فى مجموعة من القضايا، بما فى ذلك التنسيق فى الأمم المتحدة بشأن مبادرات نزع السلاح، كما تتشرف نيوزيلندا بكونها قائد القوات متعددة الجنسيات المكونة من 13 دولة والمراقبين في سيناء، للإشراف على معاهدة السلام مع إسرائيل.
ونحن نقدّر ثقة الحكومة المصرية وإيمانها بقوة الدفاع النيوزيلندية للقيام بهذا الدور المهم، واللواء النيوزيلندى إيفان ويليامز يتولى قيادة القوة منذ ١ ديسمبر من العام الماضى، وبلادنا نصير للسلام ويشرفها أن تتاح لها هذه الفرصة.
وفيما يتعلق بالمبادرات الأخرى، نحن نأمل فى إجراء مشاورات ثنائية مع وزارة الخارجية المصرية فى وقت لاحق من العام الجارى، لتعزيز العلاقات الثنائية، ونأمل أن تكون هناك فرصة للجنة التجارة المشتركة لفتح مجالات جديدة للتعاون المشترك.
■ ما موقفكم من قضية سد النهضة؟
- نحن نتفهم المخاوف المصرية جيدًا، ونتمنى من إثيوبيا ومصر والسودان مواصلة الحوار للتوصل إلى حل يرضى جميع الأطراف.
■ ماذا عن الأزمة الليبية؟
- مصر تلعب دورًا محوريًا فى دعم السلام فى ليبيا، ويجب أن يستثمر ذلك للوصول إلى اتفاق سياسى، لكن المسألة الليبية معقدة للغاية، فقد عملت فى ليبيا قبل مجيئى إلى القاهرة، وأعتقد أن الحل يجب أن يكون سياسيًا ومن الليبيين أنفسهم، ويجب على المجتمع الدولى دعم الجهود الليبية- الليبية.
ونحن نؤمن بأن مصر دولة قادرة على لم شمل جميع الأطراف، من أجل التوصل إلى حل عادل، عن طريق الحوار.
■ ما موقفكم من الأحداث فى البحر المتوسط؟
- منطقة البحر المتوسط أصبحت مصدرًا مهمًا للطاقة لعدد كبير من الدول، ونتمنى أن تتفق هذه الدول، وأن يستمر الحوار بينها لتسوية الخلافات بالطرق السلمية والتفاوض من أجل الوصول لحل عادل لكل القضايا.
■ كيف تعاملت بلادكم مع أزمة فيروس كورونا المستجد؟
- نيوزيلندا عملت وفق سياسة «ابدأ بجد.. وانطلق مبكرًا»، لذا واجهت نيوزيلندا فيروس كورونا عبر الإغلاق التام، وذلك قبل تسجيل أول حالة وفاة، وفى ٢٤ يناير الماضى، شكلت فريق عمل خاصًا فى وزارة الصحة لمراقبة تطور الوضع فى ووهان الصينية، وذلك فى اليوم السابق لإعلان منظمة الصحة العالمية أن «كوفيد- ١٩» يمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا.
وفى ٣ فبراير، فرضت نيوزيلندا قيودًا على دخول الأجانب إليها، خاصة الذين مروا عبر البر الرئيسى للصين، مع عزل العائدين لمدة ١٤ يومًا، وأعلنت عن حزمة بقيمة ١٢.١ مليار دولار، تمثل ٤٪ من الناتج المحلى الإجمالى للبلاد، لمواجهة الأزمة، وتم تخصيص ٥٠٠ مليون دولار لدعم قطاع الصحة.
■ مؤخرًا عاقبت المحكمة النيوزيلندية الإرهابى «برينتون تارانت» مرتكب مجزرة مسجدى كرايستشيرش بالسجن المؤبد دون إفراج مشروط.. فما التدابير المتخذة لمنع تكرار هذه الحوادث؟
- هذا الهجوم الإرهابى الذى حدث فى كرايستشيرش، العام الماضى، لا مثيل له فى تاريخ نيوزيلندا، فنحن بلد متنوع للغاية، وكرايست تشيرش، التى شهدت الجريمة هى أكبر مدينة فى نيوزيلندا، ورابع أكثر مدن العالم تنوعًا عرقيًا، حتى أكثر من سيدنى ولندن ولوس أنجلوس ونيويورك، لذا احتشدت المجتمعات النيوزيلندية لدعم إخوتنا المسلمين.
وكان تدفق المحبة والدعم لمجتمعاتنا المسلمة يثلج الصدور. فالجالية المسلمة فى نيوزيلندا جزء لا يتجزأ من البلاد، وحقيقة سقوط كثير من القتلى والجرحى فى دار عبادة جعلت معظم سكان البلاد يشعرون بالحزن، والحكومة تحركت بسرعة، وخلال ٧٢ ساعة كانت قد حظرت البنادق الآلية وشبه الآلية، بدعم من معظم الأحزاب، لضمان عدم تكرار ذلك، لأن هذه الحادثة لا تعبّر عن تسامح شعبنا، متعدد الأعراق، بل عن مرتكبها الذى كان يبحث عن الشهرة، لكنه يقبع الآن داخل السجن.
كيف رأيتم ما حدث فى مرفأ بيروت مؤخرًا؟
- ما حدث فى لبنان مأساوى، ونحن فى سفارة نيوزيلندا بالقاهرة نظمنا فعالية للتضامن مع الشعب اللبنانى، لأن ما حدث كان صدمة، ونتمنى أن تصل الأمور هناك إلى الاستقرار الاقتصادى، حتى تخرج البلاد من أزمتها.