رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا بعد توقيع اتفاقى السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين؟

جريدة الدستور

«جئنا إلى هنا لتغيير وجه التاريخ، وبعد عقود من الحرب وإراقة الدماء، نحتفل ببداية شرق أوسط جديد، وبفضل هؤلاء القادة الشجعان، نتخذ اليوم خطوة مهمة نحو مستقبل يعيش فيه أعضاء جميع الأديان والمعتقدات فى سلام وازدهار».. بهذه الكلمات استهل الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، حفل توقيع اتفاقى السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين، الذى أقيم فى البيت الأبيض، لكن ما إن انتهى الاحتفال حتى دارت أسئلة مهمة حول كواليس توقيع الاتفاقين، والخطوات المرتقبة بعدهما سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، والدول المرجح أن تنضم لذات المسار، فى ظل حديث المسئولين الأمريكيين المتكرر عن ذلك، وهو ما نطرحه فى السطور التالية.


نتنياهو حضر الحفل دون وزراء حكومته أو شركائه فى «أزرق- أبيض»

فى زيارته للبيت الأبيض، لم يصطحب رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، أى وزراء من حكومته، على عكس المتعارف عليه فى مثل هذه الاتفاقات.
ولم يحضر حفل توقيع الاتفاقين بالبيت الأبيض من الشخصيات السياسية الرئيسية فى إسرائيل سوى مائير بن شابات، رئيس مجلس الأمن القومى، ورئيس الموساد، يوسى كوهين، فيما لم ينضم أحد من قادة تحالف «أزرق- أبيض»، شريك حزب «الليكود» فى الائتلاف الحاكم، وعلى رأسهم بينى جانتس، وزير الجيش، ولا جابى أشكينازى، وزير الخارجية.
وأرجع مراقبون عدم حضور وزيرى الجيش والخارجية للحفل إلى السرية التى فرضها «نتنياهو» على مسار المحادثات مع الإمارات والبحرين، حتى إن الوزيرين لم يعلما أى تفاصيل عن الاتفاقين قبل الإعلان عنهما.
وتسبب ذلك فى أزمة كبيرة عندما اكتشف «نتنياهو» أنه غير مخول بالتوقيع على الاتفاقين، دون الحصول على تفويض بذلك من وزارة الخارجية، وهو ما تم استدراكه بطلب تفويض من «أشكينازى»، وسمح به الأخير.
وقالت هيئة البث العامة الإسرائيلية «كان» إن حضور «نتنياهو» لمراسم توقيع الاتفاقين دون وزراء حكومته كان أمرًا لافتًا للنظر، خاصة أنه كان ممثل إسرائيل الوحيد، فيما حضر الرئيس الأمريكى، راعى الاتفاق، ومعه عدد من كبار مسئوليه، على رأسهم مستشاره وصهره جاريد كوشنر، الذى أشرف على صياغة الاتفاقين، وكذلك جيسون جرينبلات، المبعوث الأمريكى السابق لدى الشرق الأوسط، فيما حضر من الإمارات ٤ وزراء على الأقل، على رأسهم وزير الخارجية عبدالله بن زايد، بالإضافة إلى وفد البحرين، برئاسة وزير الخارجية عبداللطيف الزيانى.

استثمارات لأبوظبى فى ميناء حيفا.. وتبادل الرحلات الجوية والبحرية

يبدو أن البعد الاقتصادى يحظى بالاهتمام الأكبر بعد توقيع اتفاقى السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين، خاصة أن المسئولين من كل الأطراف تحدثوا عن الاستثمارات والفرص الممكنة فى العلاقة بين الدول الثلاث.
وفى الوقت الذى تتجنب فيه إسرائيل التطرق إلى مجالات التعاون العسكرى والأمنى الذى يمكن أن يتطور بين إسرائيل والدولتين العربيتين، باستثناء بعض التقارير التى تحدثت عن نشاط شركات إسرائيلية، خاصة فى مجال الأمن والمعلومات، فإن الحديث يدور بكثافة حول مفاوضات بين شركات إماراتية ورجال أعمال إسرائيليين من أجل شراء ميناء حيفا، المطل على البحر الأبيض المتوسط.
وقالت صحيفة «مكور ريشون» العبرية إن رجل الأعمال الإسرائيلى إيلان أوزن، الذى يعيش فى الإمارات منذ أكثر من ٢٠ عامًا، كان الوسيط بين الجانبين، وسعى لإقناع شركات إماراتية بشراء أسهم فى ميناء حيفا الاستراتيجى.
وقال الموقع إن هذه الخطوة تأتى بعد قرار تدشين خط طيران جوى مباشر بين تل أبيب وأبوظبى، من المقرر أن يبدأ عمله خلال أسابيع، مع تسيير شركات الطيران الإماراتية الحكومية رحلات إلى إسرائيل.
كما نقل عن رجل الأعمال الإسرائيلى «أوزن» أن هناك خططًا لتسيير أسطول سلام بحرى بين إيلات والموانئ الإماراتية، لتبادل الزيارات بين الجانبين، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تدفع نحو المزيد من الشراكة الاستراتيجية بين الدول الثلاث، فى المجال العسكرى، أيضًا، ظل امتلاكها لقواعد فى الدول الخليجية، وبحثها عن تعزيز التعاون بين دول المنطقة فى مواجهة إيران.


اتفاقات وشيكة مع عمان والسودان.. وغموض سعودى

فى كلمته، خلال حفل توقيع الاتفاقين، قال «ترامب»: «أعلم أن هناك المزيد من الدول قريبًا، ونحن فى محادثات متقدمة مع ٥ أو ٦ دول أخرى فى هذه المرحلة، وهى أيضًا تريد أن ترى السلام».
ورجحت تقارير عبرية أن تكون سلطنة عمان والسودان من الدول التى تحدث عنها «ترامب» فى ظل حضور سفيريهما بواشنطن حفل التوقيع، خاصة أن الإدارة الأمريكية مستمرة فى ضغوطها من أجل تحقيق أكبر كم ممكن من الإنجازات على المسرح العالمى، قبل إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقررة فى ٣ نوفمبر المقبل.
وذكرت القناة الـ١٢ بالتليفزيون الإسرائيلى أن الجهود المبذولة، منذ بعض الوقت، للتوصل إلى انفراجة فى العلاقات بين إسرائيل والمغرب قد فشلت، لكن واشنطن ما زالت تأمل فى إمكانية تحقيق هذه الانفراجة قريبًا، وتدعو لتسيير رحلات جوية مباشرة بين إسرائيل والمغرب.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، نقلًا عن وثيقة صادرة عن الاستخبارات الإسرائيلية، إن دولة البحرين أجرت، إلى جانب السعودية وعُمان، حوارًا هادئًا مع إسرائيل، انطلاقًا من المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية المشتركة، مرجحة أن السلام مع الرياض ومسقط بات قريبًا، بعدما تحقق مع المنامة.
وذكر مراقبون فى تل أبيب أن المملكة العربية السعودية لا تزال حذرة فى خطواتها تجاه التطبيع مع إسرائيل، رغم استمرار النقاشات بهذا الشأن بين جاريد كوشنر، وولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، والدعوات الأمريكية لإتمام الاتفاق قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وأشاروا إلى أن السعودية ما زالت تتمسك بمبادرة السلام العربية التى طرحتها فى عام ٢٠٠٢، والتى ربطت التطبيع مع إسرائيل بانسحاب الأخيرة من الأراضى المحتلة، وهى المبادرة التى شكلت جزءًا لا يتجزأ من مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية منذ إطلاقها.
واستشهد المراقبون بتصريحات رئيس الموساد، ردًا على سؤاله حول احتمالية التوصل إلى اتفاق مشابه مع السعودية، وقوله: «إن أشخاصًا كثيرين عملوا على هذا الأمر منذ سنوات عديدة، والأمر لم يبدأ أمس، ونحن نأمل فى بذل جهود جيدة لتحقيق السلام مع دول أخرى».