رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صورةُ مصرَ



المقيمونَ خارجَ مصرَ، وخصوصا منْ إخواننا العربِ والأجانبِ المتحدثينَ بالعربيةِ، والمصريينَ المقيمينَ في الخارجِ، ربما لا يعرفونَ حقيقةُ الشعبِ المصريِ إلا منْ خلالِ ما تبثهُ القنواتُ الفضائيةُ المصريةُ، والمتحدثةُ باللغةِ العربيةِ، وأكثرُ منْ نصفِ تلكَ القنواتِ، لا تنقلُ صورةً حقيقيةً للشخصيةِ المصريةِ. التي يظهرُ معدنها في كلِ الأحوالِ. وقوفا خلفَ الرئيسِ.
وقدْ وصلتني رسالةٌ منْ سيدةِ سورية فاضلةً، تحبَ مصرُ وشعبها، أجبرتها ظروفُ الحربِ في سوريا، على العيشَ في فرنسا. الرسالةُ تعبرُ عنْ صورةِ مصرَ كما تراها منْ القنواتِ الفضائيةِ المصريةِ والعربيةِ، فضلتْ أنْ أتركها كما هيَ للتتحدثِ إليكمْ.
“.. صباحَ الخيرِ. المعذرةُ في البدءِ بسببِ ما أريدُ منكَ التعليقُ عليهِ إذا سمحتْ. طبعا تهمني أخبارُ مصرَ وأخبارِ أيَ بلدٍ عربيٍ، كما لوْ كانَ وطنيٌ. فأسعدُ لهُ مرةٌ وأحزنَ مراتٍ ومراتٍ.. وكلنا يعلمُ ما يحدثُ منْ كوارثَ إنَ كانتْ طبيعيةً، أوْ منْ فعلِ البشرِ الذينَ يتحكمونَ بهذهِ الأوطانِ. ليسَ هذا موضوعيٌ، واسمحْ لي بأنْ أعرضَ عليكَ ملاحظتي منْ خلالِ مشاهدتي لمختلفِ القنواتِ التلفزيونيةِ المصريةِ، والتي أعطتني صورةٌ مرعبةٌ لحالِ مصرَ المجتمعيِ. فعندما تكون أكثرَ منْ ثلثيْ هذهِ القنواتِ مخصصةً للمقابلاتِ الإفتائية، ولشرحَ الدينِ، وللمناكفاتِ، لا بلْ للشتائمِ والصراخِ، منْ قبلٌ منْ همْ شيوخٌ أوْ علماء، أوْ حتى شيوخِ منْ السلفيةِ، أوْ معَ منْ يدعونَ التحررُ الفكريُ. يصبح السؤالُ: هلْ هذا هو الشعبِ المصريِ العزيزِ علينا؟ الذي أنتجَ حضاراتٍ وكُتَّاب وفلاسفةٍ وشعراءَ وأطباءَ على مستوى العالمِ وو. هلْ يحتاجُ هذا الشعبِ إلى احتقارهِ إلى هذهِ الدرجةِ، ليعلموهُ الدينُ والقرآنُ مثلاً؟! أليسَ في ذلكَ استهتارُ واستهانةُ بعقولِ المصريينَ؟! أليسَ منْ الأفضلِ الاهتمامَ بالتعليمِ والمدارسِ، ومعالجةُ وضعهما الرثِ والمخجلِ، وبالتالي محوُ الأميةِ التي تتفشى بشكلٍ مرعبٍ، والذي يؤدي إلى كلِ هذهِ الأمراضِ الاجتماعيةِ وأهمها اليومِ الفسادَ والتحرشَ؟ ! أليسَ هذا أهمَ بكثيرٍ منْ ضياعِ الساعاتِ الطويلةِ في نقاشِ وجوبِ الحجابِ أوْ النقابِ أوْ عدمهِ، وتعددِ الزوجاتِ أوْ . . .. أوْ . . .. أليسَ منْ حقِ الشعبِ عليكمْ أنتمْ طبقةُ المثقفينَ والكُتَّابِ، أنْ يكونَ لكمْ الرأيُ المدوي لجعلِ القانونِ هوَ المسيطرُ دونَ أيْ طرفٍ آخرَ، أعلمَ جيدا بأنَ العوائقَ كبيرةٌ وضخمةٌ جدا جدا، منْ الداخلِ الفاسدِ، ومنْ الخارجِ الطامعِ، ولكنْ حانَ الوقتُ لكيْ نبدأَ كلنا.. وليكنْ كما أشرتْ بالقانونِ السائدِ، الذي يحترمُ المواطنُ ويساويهُ بالمواطنِ الآخرِ، بغضِ النظرِ عنْ منشأةِ الدينيِ الذي لا يختارهُ أحدٌ لنفسهِ.. العفوُ منكَ أستاذِ حمدي وأرجو أنْ تعذرنيَ.. فقطْ لتعلمِ بأني أحبَ بلادنا كثيرا، وأتألمُ كثيرا لما يحلُ بها منْ كوارثَ، نحنُ في أحيانٍ كثيرةٍ سببها، ولثقتي بأنكَ وأمثالكَ منْ المثقفينَ والكُتَّابِ، تقعَ على عاتقكمْ مسؤوليةً كبيرةً أنتمْ وحدكمْ قادرونَ عليها. المعذرةُ مرةً أخرى وألفَ تحيةً لكمْ." انتهت رسالة السيدة.
وأقولُ للسيدةِ الفاضلةِ التي وثقتْ بنا منْ خارجِ بلادنا، أننا – ككُتَّاب ومثقفين - نحاولُ دائما أنْ نصلَ صوتنا، ولكنْ لا نجدُ صدى لما نكتبهُ ونقترحهُ، لسببٍ بسيطٍ، هوَ أنَ وزارة الثقافة المعنية بنا همشتنا، لا تهتمُ بالتفاعلِ معنا، ولا تختارُ منْ بيننا منْ تتفاعلُ معهُ أوْ تستمعُ إليهِ.
ولكنني أعدكُ يا سيدتي بعدَ توجيهِ الشكرِ والاحترامِ لحضرتكَ، بأنَ لا نسكتُ عنْ محاولةِ إعلاءِ شأنِ شعبنا المصري وشعوبنا العربية. والاهتمام بقضايا الناس.