رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر فيها ناس حلوة


مصر بالفعل فيها ناس حلوة كتير، أثبتت الأيام أن معدن الشعب المصرى لا يزال أصيلًا وعريقًا، ولا تزال سمات غالبية المصريين ثابتة، وتظهر وقت الشدة، ووقت الحاجة إليها، لا تزال هناك سمات واضحة تميز غالبية أهل مصر، مثل: الكرم والشهامة والجدعنة، التى طالما ميّزت طباع المصريين، وأوضحت أنها لم تتغير، رغم كل محاولات إضعاف الشخصية المصرية وتدميرها مع اندلاع أحداث يناير ٢٠١١، ورغم محاولات إثارة الفتن والشائعات والفوضى، التى واكبت خطط تدمير مصر، ورغم إنفاق المليارات لتدمير الهوية المصرية، لكنها لا تزال راسخة لدى غالبية نساء ورجال مصر.
لم يُجدِ إنفاق المليارات لإضعاف الهوية المصرية إلا مع ضعاف النفوس والخونة والظلاميين والعملاء المرتشين والسفلة، الذين ما زالوا يبحثون عن ثغرات لإثارة الفتن وزعزعة الاستقرار والدعوة إلى النزول ضد الدولة. فكل هذه المليارات تنفق لإثارة الفوضى والتشكيك، ونشر الشائعات حول ما تحقق من إنجازات على أرض الواقع، وما يحدث على كل الأصعدة من بناء وتقدم واستقرار ومواجهة الإرهاب.
وها هى واقعة واحدة تحدث فى مصر، منذ أيام قليلة، فيراها ملايين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعى، ويتفاعلون معها وتصبح حديث الرأى العام، وأعنى هنا واقعة قطار المنصورة، التى أثبتت معدن الشعب المصرى الأصيل، الذى ظهر فى لحظة واحدة كأروع ما يكون.
إن مصر فيها سيدات بسيطات وأمهات وفتيات عظيمات، يتميّزن بسمات كثيرة يندر أن تجتمع فى نساء أى بلد آخر فى العالم، فلقد وجدنا فى قصة سيدة القطار «صفية عبدالمعز»، سمات تؤكد رسوخ الشخصية المصرية، وهى: الجدعنة والشهامة والطيبة والحنان والكرم.
إن مصر فيها أيضًا شباب مثل «الورود الزاهية»، محترمون وبسطاء، مثل المجند «عبدالله مسعد» الذى كان يستقل القطار، والذى يعكس سلوكه المحترم أن لديه أُمًا أحسنت تنشئته على الخلق الكريم، وعلى القيم النبيلة والعطاء للوطن واحترام الآخر، وضبط النفس والأدب الجم.
إن المراقب لتفاصيل واقعة القطار، التى حدثت منذ أيام قليلة، وتداولتها مواقع التواصل الاجتماعى، سيجد تجليات الشخصية المصرية الأصيلة واضحة جلية، كما كشفت هذه الواقعة أيضًا، من ناحية أخرى، عن أن الدولة والمجتمع لا بد أن يتنبها إلى أنه فى قطاعات عديدة من الحكومة والمؤسسات، هناك من هم ضد الشعب، وضد الدولة، وهم يستحقون أن يلفظهم المجتمع وأن يوقّع عليهم أقسى جزاء ممكن، ومن المؤكد فى رأيى أن التحقيقات ستكشف لنا عن أن سائق القطار والكمسرى كليهما ينتميان إلى الجماعات الظلامية التى تعمل ضد الوطن، وضد الدولة والكارهة للشعب المصرى وللجيش المصرى، والتى حلقت ذقونها الطويلة بعد سقوط حكم الظلاميين.
لكن مع الأسف الشديد، ما زالت هذه الفئة الظلامية مندسة فى قطاعات بالدولة تعمل على زرع الفتن وإثارة الشائعات والتشكيك فى كل شىء، بل كما رأينا من الشريط المصور بالموبايل، أن مسئولى القطار وصل بهما الأمر إلى التهكم والتهديد والتهجم على مجند شاب محترم من خير أجناد الأرض يستقل القطار ليدفع ثمن تذكرة كاملة، وسمعنا منهما أبشع العبارات توجه له، لكن المجند ظل متمسكًا بضبط النفس حتى ظهرت الأم المصرية الجدعة والشجاعة «صفية» لتمسك به حتى لا ينزل من القطار وتخرج ثمن التذكرة من حقيبتها، بينما هو كان يظن أنه سيدفع نصف تذكرة، وبإباء وكرامة، ذهب إلى مقعده ليدفع باقى ثمن التذكرة.
إنها واقعة واحدة تكشف لنا عن عدة حقائق، أولاها: إن المجند المصرى لا بد أن يُحترم فى أى موقع، وهذه قاعدة عامة، ونناشد الدولة أن تكفل له هذا، لأنه فرد من الجيش المصرى الذى يحمى مصر ويدافع عنَّا جميعًا، وأن يكون معلومًا أنه سيتم توقيع الجزاء القانونى على كل من يُسىء لرجل من جيش مصر الباسل، وإن الشاب «عبدالله مسعد»، نموذج حى فى واقعة القطار للمجند المحترم، الذى لا يرد الإساءة بمثلها، وهو يستحق التكريم على أعلى مستوى.
ثانيتها: إن تصرف سيدة القطار المصرية الأصيلة «صفية أبوالعزم» يعكس مرة أخرى حقيقة مهمة جدًا، وهى أن نساء مصر هُن صمام أمان الوطن، والدعامة الأساسية لاستقراره، بل هن الظهير الوطنى للجيش المصرى، وتلك السيدة تستحق- عن جدارة- أن يتم تكريمها من الرئيس فى يوم المرأة المصرية، فـ«صفية» تعد تجسيدًا للأم المصرية الشجاعة، التى يوجد مثلها ملايين فى بلدنا، إلا أن واقعة القطار كشفت لنا عن قصة شجاعتها وبطولتها.
ثالثتها: إننا ينبغى ألا ننسى المواطن المصرى الذى سجل الواقعة واسمه «شادى محمود بلال»، فلولا تصويره الواقعة، وبثها ما تمكنا من كشف عناصر موجودة بيننا من الجماعات الكارهة للوطن، والمختبئة فى أماكن كثيرة، ولم يتم التخلص من وجودها، وهى تواصل أهدافها فى التخريب والتدمير والتشويه لكل شىء.
إن جيش مصر هو درع الوطن ورجاله هم أبطال مصر الذين لولاهم لما كنا نستطيع أن نبقى آمنين فى بيوتنا.. حفظ الله رجال جيش مصر البواسل ونساء مصر الشجاعات، وقائد مصر الذى وعد فأوفى بالدفاع عن كل شبر من الأرض المصرية.. وتحية لسيدة القطار «صفية عبدالمعز» والمجند «عبدالله مسعد»، فلقد تم تكريمها من عدة جهات، أهمها هدية السيد الرئيس، وللحق فهما يستحقان كل تكريم وتقدير واحترام، فلقد أثبتا لنا أن مصر فيها ناس حلوة.