رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيدة المطار.. وسيدة القطار !!


قد يوحي لك العنوان بأن مقالنا سيكون محوره الأساسي هو إجراء مقارنة بين موقفين لسيدتين، ومن ثم إطلاق كلمات الإشادة والتمجيد لموقف أحداهن، وتوجيه عبارات الإستهجان والشجب والتنديد بموقف الأخري، وليس هذا صحيح، لأنه ومع إحترامنا الكامل للسيدتين وإحترامنا لهن وللجميع واجب .

لكن، حتي وإن كانت سيدة المطار قد أخطأت قبل خمس سنوات مضت.. فقد نالت عقابها الرادع علي يد القضاء.. ولست هنا بغرض إسداء النصح أو تقديم النصيحة لسيدة المطار ولا لغير سيدة المطار !

أما سيدة القطار.. فلا أظنها الآن بحاجة إلي المزيد من كلمات الثناء أوالمديح أوالإطراء، فقد نالت منها ومن مظاهرالإحتفاء والإحتفال والتكريم ما يكفيها ويزيد ويفيض "وهي تستحق.

(تخلل المشهدين مشهد ثالث هو أيضاً لسيدة، ولكنني إرتأيت أنه من الأفضل تجاهله وعدم الإتيان علي ذكره)

ندخل الآن في الموضوع  .أعلم أن هناك سؤال لابد وأنه قد دار في رأسك أثناء قراءتك للمقدمة وسأجيبك الآن عليه حتي قبل أن تطرحه  ..إن الربط بين الواقعتين أمر ضروري، حتي وإن بدا الفرق كبير بين المشهدين، والبون شاسع بين السيدتين، ولكن يظل البطل الحقيقي واحد في الحالتين ..إن بطل الواقعتين أو المشهدين هو المحمول أوالموبايل، و بالأحري "كاميرا الموبايل"!

تقول الإحصائيات أٔن عدد مستخدمي المحمول في مصر قد زاد في عام 2019 بنسبة 2.4% ووصل إلي 96% من تعداد السكان، تحديداً 95.34 مليون مستخدم، ولو أضفنا إلي هذا الرقم رقم آخر صادر عن بيان لوزارة الإتصالات يفيد بأن نسبة أفراد الأسر المصرية التي تستخدم المحمول قد بلغت 99.4% ( يعني نقدر نقول وإحنا مطمنين إن مصر كلها تقريباً بقت شايلة محمول)!

إذا إفترضنا أن 75% فقط من هذا العدد من الهواتف مزود بكاميرات، وإن كنت أظن أن العدد قد بات أكبر من ذلك بكثير، في ظل ما نراه من تسابق محموم لشركات إنتاج الهواتف علي زيادة أعداد الكاميرات حتي في الجهازالواحد!

فالموضوع إذاً خطير ويجب الإلتفات إليه ودراسته وتدبره بالكثير من إعمال العقل والتفكير كي نصل إلي حل ناجع .

أكثر من 50 مليون كاميرا تصوير تعيش بيننا طوال الوقت تسكن بيوتنا، تشاركنا حتي في غرف نومنا .. تسير في شوارعنا، تسجل أدق تفاصيلنا الحياتية، تنقل صوراً وفيديوهات للشوارع والبنايات دون الحصول علي أي تصريح من أي نوع، ودون أخذ موافقة أو إستئذان أي جهة من الجهات أو هيئة من الهيئات، فهل هذا معقول؟!

في عصر الأنترنت ومواقع التواصل الإجتماعى، أو "التخريب المجتمعي" الذي نعيشه اليوم صار العالم الإفتراضي عالم حقيقي وواقعي، هي حقيقة علينا الااعتراف بها، هناك حقيقة أخري مفادها أن تلك المواقع باتت تساهم الآن وبشكل كبير في قيادة الرأي العام ، وحقيقة ثالثة وهي إسهام المواقع ذاتها في تفتيت الضمير الجمعي .

أزيدك من الشعر بيتاً؟

هل تعلم ياعزيزي أن 42 مليون مصري يستخدمون الإنترنت عن طريق الموبايل؟

ألا يعد ذلك وحده سبباً كافياً لإقتراح إجراءات إحترازية من نوع خاص، منها مثلاً، اتخاذ بعض القرارات التي من شأنها تحجيم أو الحد من حرية الأفراد في إلتقاط ورفع الصور والفيديوهات علي مواقع التواصل الإجتماعي، ووضع ضوابط معينة حفاظاً علي الأمن القومي، وقد شاهدنا بأم أعيننا ولا زلنا نشاهد إستخدام قنوات جرابيع الإخوان التي تحاربنا ليل نهار لتلك اللقطات المصورة، والتي تعتبرها مادة دسمة تغذي بها برامجها وتشوه من خلالها صورة مصرنا الجديدة ، مصر الحقيقية التي نعرفها و نعيش فيها الآن والتي تغير الحال فيها تماماً خلال ال6 سنوات الفائتة إلي الأفضل من حيث تطويرالطرق والمباني والمنشآت والقضاء علي جانب كبير من كارثة العشوائيات، وهو مالم تظهره ولن تظهره قنوات الجرذان أو تعرضه  (أومال هيشتغلوا علي إيه)؟

فقط سيعرضون لك صوراً وفيديوهات لخارجين عن القانون، يبكون وينتحبون ويصرخون أثناء قيام رجالات جيشنا العظيم أوشرطتنا الباسلة بإنفاذ القانون بحقهم بعد عمل المونتاج اللازم للفيديوهات  .

(وهيفضلوا يعيدوا ويزيدوا ويذيعوا فيها لحد ما يزهقونا، وطبعاً الصور دي كلها ملتقطة بكاميرا الموبايل) !

لماذا لا نسعي مثلاً إلي إستصدار قانون يجرم كل من يقم بتصوير رجل جيش أو شرطة أثناء أداءه لواجبات عمله؟، وإن كان هنالك قانون ينص علي ذلك وفق ما أخبرني أحد أصدقائي (حقيقة أنا لا أعرف) ولكن إن كان هذا القانون موجوداً فلماذا لانطبقه بكل الحزم؟، ولماذا لا نوصي أيضاً بنمنع دخول المواطنين الحائزين لموبايل بكاميرا إلي المصالح الحكومية ؟ وكتابة لافتات تفيد بهذا عند مداخل تلك المصالح أوالأبنية والهيئات الحكومية؟

_ عود علي بدء  _

أبهجني مشهد سيدة القطار بقدر ما أزعجني مشهد سيدة المطار.. وما بين الإبتهاج والإنزعاج،  ورغم تباينين المشهدين، يبقي البطل واحد (الموبايل بكاميرا) فانتبهوا أعزكم الله  .

حفظ الله مصر وأعان قائدها .