رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصير معرض القاهرة الدولى للكتاب 2021


لا تندهش من طرح الموضوع الآن، صحيح أن معرض القاهرة الدولى للكتاب، موعده السنوى آخر يناير أول فبراير، بالتزامن عادة مع إجازة منتصف العام الدراسى، لكن "كورونا" بحضوره المزعج يفرض علينا ضمن ما يفرض، محاولة استباق الأحداث بقدر ما نستطيع، وخاصة ما يتعلق منها بمناسبة موسمية، تمثل بدورها انفراجة سنوية لسوق، قُدرَت خسائرها هذا العام فى ظل أزمة "كورونا" بأكثر من 15 مليون دولار، نتيجة إلغاء معارض الرياض والبحرين وبغداد وأربيل وتونس والشارقة للأطفال، والجميع يترقب موقف معرضى الشارقة والكويت قبل نهاية العام، والخسائر الموضحة تتعلق فقط بالبيع المباشر للجمهور، بعيدًا عن الصفقات الكبرى بين دور النشر والمكتبات فى الخارج.

هناك مؤشرات تفتح باب التفاؤل بخصوص إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب 2021 فى موعده السنوى المُعتاد، منها نجاح الدولة فى تجاوز تحديات مثل عقد امتحانات الثانوية العامة، وبعدها انتخابات مجلس الشيوخ، والعودة التدريجية لأنشطة قائمة فى الأساس على التجمعات، ومؤخرًا قرار د. أشرف زكى، رئيس أكاديمية الفنون، بندب د. شوكت المصرى، مدرس النقد الأدبى بالمعهد العالى للنقد الفنى، للإشراف على الأنشطة الثقافية المُصاحِبة للمعرض، اعتبارًا من أغسطس الجارى حتى انتهاء فعاليات دورة المعرض، وفى استجابة محمودة لطلب د. هيثم الحاج، رئيس الهيئة العامة للكتاب، معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته السابقة مطلع 2020 شهد إقبال أكثر من 3 مليون زائر.
أضف إلى ذلك، أن أزمة "كورونا" أكدت أن سحر الكتاب الورقى لا يزال حاضرًا وآسرًا بقوة، وصُحبته بالفعل وَنس، فمعدلات الشراء أو القراءة أونلاين لم ترتفع إلا قليلًا عنها فيما قبل حضور الوباء، تَواجُد القراء فى المكتبات بين أرفف الكتب، وجولة الأعين بين التصنيفات والأغلفة والعناوين، وسَحب كتاب أو عدة كتب لمطالعة المقدمة أو الملخص أو الفهرس أو بعض الفقرات، قبل أخذ قرار الاختيار والشراء، كلها سلوكيات افتقدها القراء فى زمن الوباء، وهو ما يُحَفز على إقامة الفعاليات المرتبطة بالكتاب الورقى، مُلتقى الكتاب المنعقد مؤخرًا بساقية الصاوى، بمشاركة أكثر من 20 دار نشر، كان شاهدًا حيًّا على مدار عشرة أيام.
على الناحية الأخرى، دواعى وهواجس القلق والتوتر تحوطنا بخصوص عدم إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب فى موعده، الكل يترقب الموجة الثانية لفيروس كورونا مع دخول فصل الشتاء، خاصة وأنه فصل بطبيعته تنشط فيه الفيروسات، كما أن موقع إقامة معرض الكتاب، مركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية، كان قد تم تحويله إلى مستشفى ميدانى لاستقبال المصابين بالفيروس التنفسى الشرس، ومع أن الدولة لم تلجأ إليه ضمن مواجهاتها لـ"كورونا" فى موجته الأولى على حد علمى، إلا أن الله أعلم بمدى الاحتياج إليه- لا قدر الله- فى مواجهة موجة الفيروس الشتوية، وتزاحم رواد المعرض لا يمكن تجاهل خطورته، مهما اتخذنا من إجراءات احترازية.
وزارة الثقافة مُطَالَبَة بألا تنتظر حتى يفلت منا الوقت ونقترب من مربع الارتباك، منهج الدولة بشأن الانفتاح والتعايش مع الفيروس يُبَشر بإقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب فى موعده، لكن الأمر لا يخلو من الاحتياط مبكرًا بوضع خطط وسيناريوهات بديلة، سواء فيما يتعلق بموعد المعرض، أو موقعه، أو حتى مدة إقامته، والتفكير المَرِن الخَلاق هنا مطلوب بقوة الضرورة، وعلى الهيئة المصرية العامة للكتاب، الجهة المنظمة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، دعوة اتحاد الناشرين المصريين إلى المشاركة من الآن، فى وضع رؤية متكاملة الأركان، تضمن ليس فقط إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب، بل ونجاحه نجاحًا لا يقل عن دورتيه السابقتين فى موقعه الجديد.