رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«طبيب الخير» فى المنوفية.. حكاية دكتور أجره «الدعوة الطيبة»

طبيب الخير
طبيب الخير

بين حياة البسطاء في إحدى قرى مركز أشمون بمحافظة المنوفية، كانت أعينه تُراقب جِراحهم، أحلام كثيرة كانت تُداعبه ليُغير بها واقعًا يعيشونه، حتى اجتهد الشاب وأصبح طبيبًا يشارك في مداواة آلام جميع المرضى دون أجر، بلا تمميز بين غني وفقير.

«وصية الوالد» هي نقطة تحول في حياة الطبيب جمال منتصر، طبيب الباطنة العامة، منذ تخرجه من كلية الطب بجامعة القاهرة، ومباشرة عمله في عام 1984، حيث بدأت رحلته من مستشفى الغردقة العام، ومن بعدها انطلق لرحلة عمل بالخارج في المملكة العربية السعودية، ليعود لأرض الوطن للعمل في مستشفى الحوامدية بمحافظة الجيزة، بجانب عمله الخيري تجاه أهل قريته.
لا فرق عنده بين ساعات الليل أو النهار، إذ أنه كرّس وقته طوال اليوم لخدمة الأهالي ومداواة جراحهم، دون النظر إلى مقابل سوى الجزاء الرباني الذي وضعه نصب عينيه منذ البداية، حتى أصبح قيمة تذكرة الكشف عنده «الدعوة الطيبة»، فعلى مشارف قرية "دلهمو" بأشمون، حوّل الدكتور جمال منتصر غرفة الاستقبال بالمنزل إلى عيادة خاصة لاستقبال المترددين عليه، والتي تشهد حالات انتظار أمامها صغارًا وكبارًا رجالًا ونساءً لا فرق بين غني أو فقير، حتى أصبح رمزًا للشفاء بأبسط الإمكانيات التي تعلوها الابتسامة والروح النقية.

وظيفة الطبيب انقسمت ما بين العمل الرسمي التي تمثل في مستشفى الحوامدية، والجانب الآخر العمل الخيري، حيث أكد أنه منذ بداية عمله بالطب، جعل له نصيبا من العمل بالعيادات الطبية الخيرية والمستوصفات التي تفرض أجرًا رمزيًا، وكذلك عيادته بالمنزل، بجانب عمله الرسمي الذي يتقاضى منه مبلغًا محدودًا من المال بمستشفى الحوامدية العام، حتى سن المعاش.

«بحاول أقدم أى مساعدة لأي مريض فى أى وقت ومش لازم أعرف الناس باللى باعمله» بتلك الكلمات استهل طبيب الخير حديثه عن مشواره الذي رسمه له والده ووالدته من خلال تربيتهم له على حب الخير، ومساعدة الناس بقدر ما يستطيع.

«قليل الكلام وغير قابل للحديث عن تفاصيل ما يفعله من أعمال خيرية»، صفات سيطرت على طبيب الخير، حين تحدث لـ«الدستور» غير أنه كان في البداية رافضًا الحديث بشكل نهائي.

ولفت أنه مع مطلع عام 2018 كان على موعد لمرحلة جديدة تنهى ارتباطه بالعمل الرسمي بمستشفى الحوامدية العام، حتى أصبح متفرغًا أكثر للعمل الحر، ما بين عيادته بالمنزل «الذى لا يتقاضي منها أى أجر نهائيًا» وبين المستوصفات الخيرية التى تحصل على مبالغ رمزية فقط، والتى تجعله دائم التنقل ما بين القاهرة والمنوفية.

واستطرد «منتصر» قائلًا: «الفكرة كانت وصية من الوالد وتأثير التربية والفضل لوالدي ووالدتي في كل الأحوال، اللذين أدين لهما بكل الفضل والخير في التوجيه لخدمة جميع الناس».

وحول سبب امتناعه عن إبداء أي تفاصيل من أعماله التي يقوم بها لمساعدة المحتاجين عقّب قائلًا: «لا أحب الشهرة ولا أطلع الناس على عمل الخير، وأرى أن المداومة على الخير هي الأفضل في كل الأحوال، وأخشى أن ينتقص من أجري شيئا بسبب الشهرة وإطلاع الناس على أي عمل أقوم به خالصا لوجه الله».

لم تتوقف مساعدته للمرضى عند الكشف والتشخيص لحالاتهم بالمجان فحسب، بل جاء ضمن حديثه أنه دائمًا ما يشغل باله بتوفير الدواء، خاصة للمحتاجين من الفقراء ومحدودي الدخل، موضحًا أنه مع بداية عمله طبيبًا لم تكن الصدليات منتشرة بكل المناطق كما هو الوضع حاليًا، ما يجعله حريصًا على شراء الأدوية الأساسية والاحتفاظ بها في حقيبته لإسعاف المرضى دون البحث عن صيدلية بعيدة المسافة عنهم.