رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منظمة إرهابية تبحث عن رئيس!



استقالة جماعية تقدم بها أعضاء مجلس إدارة «منظمة الإغاثة»، التى توصف بأنها «إسلامية»، بعد إقالة أو استقالة إرهابيين، اثنين، ترأسا المنظمة، خلال أقل من شهر: القيادى الإخوانى حشمت خليفة، بريطانى الجنسية، مصرى أو عديم الأصل.. والمعتز طيارة، الذى يحمل الجنسية الألمانية، وتوجد قرينة ترجّح أنه من أصل سورى وقيادى أيضًا فى جماعة الإخوان الإرهابية.
بمجرد أن التفتت جريدة «التايمز» البريطانية إلى عددٍ من تدوينات حشمت خليفة، على «فيسبوك»، استقال، أو أقيل، من رئاسة المنظمة، بعد أن ظل ينبح لسنوات، وبعد سنوات من إدراجه على قوائم الإرهابيين فى مصر، وتكرر الشىء نفسه مع «طيارة»، وكنا قد أوضحنا، فى ٢٥ يوليو الماضى، أن استقالة إرهابى، أو عشرات غيره، لن تقدم أو تؤخر، ما دامت المنظمة، التى أدرجتها دول كثيرة على قوائم الكيانات الإرهابية، مستمرة فى ممارسة أنشطتها داخل بريطانيا وخارجها، وعليه لم يدهشنا اختيار إرهابى آخر خليفة لـ«خليفة»، ولا نعتقد أن المنظمة ستتمكن من غسل سمعتها وتطهير تاريخها بتطيير «طيارة» أو حتى باستقالة مجلس الإدارة.
الموقع الرسمى لـ«منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية»، لا يذكر شيئًا عن أصول «طيارة»، الذى لا يزال اسمه وصورته، إلى الآن، بين أعضاء «مجلس الأمناء» ومعهما التعريف التالى: «الدكتور المعتز طيارة هو مواطن ألمانى، ويشغل منصب أمين صندوق مجلس أمناء الإغاثة الإسلامية فى ألمانيا، تخرج فى جامعة هاينريش هاينه من دوسلدورف كطبيب، و... و... وقد عمل د. المعتز على نطاق واسع لدعم اندماج المسلمين فى المجتمع الأوروبى».
بقليل من البحث، ستكتشف أن شخصًا بالصفة ذاتها والاسم نفسه، «الدكتور المعتز طيارة» كان ممثلًا لـ«جماعة الإخوان المسلمين فى سوريا»، وبهذه الصفة كان واحدًا من ثمانية زعموا أنهم «ممثلو القوى الوطنية السورية المشاركة بعضوية المجلس الوطنى السورى»، ووجهوا رسالة إلى أمين عام جامعة الدول العربية، فى ١٨ أكتوبر ٢٠١١، يطالبون فيها بتجميد عضوية سوريا فى الجامعة، وبتحديد موعد لمقابلتهم «سواء كان ذلك فى دولة أوروبية أو فى القاهرة، للتباحث فى آخر مستجدات الوضع السورى على جميع الصعد».
فى تدويناته أو منشوراته، وصف طيارة قادة «الإخوان» وحركة «حماس» والرئيس التركى رجب طيب أردوغان بأنهم «عظماء»، لبّوا دعوة جماعة الإخوان «الربانية المباركة»، كما وصف أعضاء «كتائب عزالدين القسام»، بأنهم «أبطال» تخرجوا فى «مدرسة الإخوان المسلمين ومدرسة النبوة، وتعلموا الفنون العسكرية فى مدرسة خالد بن الوليد العسكرية»، وفى المقابل، وصف الحكام العرب بأنهم رضعوا «الجبن والولاء لبنى الفرنجة الأمريكان والإنجليز».
ستضحك قطعًا، وستتذكر ردود أفعال غالبية القيادات الإخوانية، حال سقوطهم، حين تجد «طيارة» يقول لجريدة الـ«تايمز» البريطانية إنه يشعر «بالخجل الشديد» من تلك المنشورات، زاعمًا أنه لم يكتبها، بل نسخها «نقلها» من منشورات آخرين، بسبب ضيقه من الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وستضحك أكثر حين تجده يضيف: «هذه ليست معتقداتى، أنا لا أؤيد أى حركة إرهابية، لا أؤيد الإخوان المسلمين أو كتائب عزالدين القاسم. أنا لست معاديًا للسامية».
التدوينات أو المنشورات، المكتوبة باللغة العربية، تتوافق، كما ترى، مع مواقف وتوجهات جماعة الإخوان، وكان أبرز من التفتوا لها، لورنزو فيدينو، مدير برنامج تحليل التطرف فى جامعة جورج واشنطن، الذى أوضح أنها تكشف عن «مشكلة على أعلى مستويات منظمة الإغاثة الإسلامية، لا تقتصر على فرد مارق واحد»، مؤكدًا أن «مثل هذا السلوك يجب أن يكون جرس إنذار لكل حكومة وطنية ومنظمة مجتمع مدنى تموّل تلك المنظمة وتتعاون معها».
بعد فضيحة، إقالة، أو استقالة حشمت خليفة، زعمت المنظمة أنها تدين معاداة السامية وترفض الإرهاب، ونفت وجود أى توجه سياسى لها، وشددت على تمسكها «بأعلى معايير الحياد»، وتعهدت بمراجعة منشورات الأمناء والمديرين التنفيذيين على شبكات التواصل الاجتماعى لضمان عدم تكرار ذلك، غير أن الفرع الألمانى للمنظمة أقر بأنه كان على علم بمنشورات «طيارة» منذ سنة ٢٠١٧، لكنه برر سماحه للمذكور بالاستمرار رئيسًا له بأنه اعتذر عن تلك المنشورات وحذفها، و«نظرًا لما قدمه الرجل من دعم متميز للمنظمة طوال عقد»!.
المنظمة الإرهابية، التى تبحث الآن عن رئيس غير إرهابى، أو يبدو كذلك، تأسست سنة ١٩٨٤ فى مدينة برمنجهام البريطانية، على يد عدد من شباب جماعة الإخوان. وكانت أول منظمة «إسلامية»، غير حكومية، تحصل على تمويل من الحكومة البريطانية، بدأ بـ١٨٠ ألف جنيه إسترلينى وتجاوز، الآن، نصف المليار، بعضها من الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية، كما كانت تتلقى تمويلًا من الحكومة الألمانية، وتم وقفه فى مارس الماضى، بعد قيام مكتب التحقيقات الفيدرالى بمراجعة حسابات المنظمة، وإلى الآن، لم تظهر نتائج تلك المراجعة، لأنها، طبقًا لتصريحات ألمانية رسمية، تتضمن معلومات قد تضر بمصالح البلاد!