رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضد «كورونا» وليس معها


أعلنت روسيا عن أنها توصلت إلى لقاح «سبوتنيك خمسة» ضد وباء كورونا، وسيبدأ إنتاجه فى سبتمبر هذا العام، ولن يزيد ثمن الجرعة على عشرة دولارات لا أكثر، وقد سارعت عشرون دولة بحجز مسبق لنحو مليار جرعة.. ومما يؤكد جدية اللقاح الروسى أن منظمة الصحة العالمية أعلنت يوم الأربعاء، ١٢ أغسطس، أنها على اتصال بالسلطات الروسية وعلمائها بشأن اللقاح المبتكر واحتمال اعتماده من قبلها.

نحن إذن أمام بارقة أمل فى القضاء على الوحش غير المرئى، لكنه ليس أملًا نهائيًا بعد، رغم أن روسيا اعتمادًا على مؤسسات البحث العلمى السوفيتية السابقة قامت بتطوير «الإنترفيرون» ومشتقاته لعلاج الأمراض الفيروسية، ثم طورت لقاحًا مضادًا لفيروس «إيبولا»، لكن الأسئلة ما زالت تحوم حول العقار المبتكر المضاد لكورونا، والسبب أننا نحتاج عمليًا لزمن طويل للتأكد من أمان وفاعلية أى مستحضر دوائى، ولهذا يحدث أحيانًا أن يسحبوا دواء ما من الأسواق بعد سنوات من ظهوره واستخدامه على نطاق واسع.
من ناحية أخرى فإن عقارًا طبيًا كهذا يتحول على الفور إلى تجارة تقدر أرباحها بمليارات الدولارات، وتشعل صراعًا حولها يشمل التشكيك فى جدوى الدواء من الدول والشركات المنافسة، ومعروف أن أمريكا تحاول التوصل إلى عقار باسم «مودرنا»، لكنها تحتاج لزمن طويل لتجربته على ثلاثين ألف متطوع.
فى كل الأحوال تظل الكلمة الفصل لمنظمة الصحة العالمية التى تعتمد معايير محددة للإعلان عن ثقتها فى اللقاح الجديد أو أى دواء، وهى الآن على اتصال بالعلماء الروس بهذا الصدد.. على أى حال تسعى مراكز البحث العلمى فى كل مكان لمقاومة وهزيمة الوحش غير المرئى، ولا أتصور أنه سيكون لنا، نحن العرب، دور مهم فى ذلك الكفاح العلمى، رغم أنه كان بوسعنا القيام بدور مهم، بالاهتمام بالأبحاث العلمية، والعلماء. وقد تكفى هنا المقارنة بين ما تنفقه إسرائيل على البحث العلمى ومقداره ٤.٧٪ من إنتاجها، وما تنفقه الدول العربية ومقداره ٠.٢٪ من دخلها القومى، أما الدول العربية فى آسيا فتنفق ٠.١٪ فقط على هذا الغرض.. نحن إذن بحاجة إلى الإعلاء من شأن البحث العلمى، وتطويره، لأننا شعب موهوب وقادر، ويكفى أن نشير إلى أسماء أطباء عظام مثل د. مجدى يعقوب، ود. محمد غنيم، وغيرهما، لندرك أننا بالبحث العلمى سنكون قادرين على المساهمة بدورنا، حماية لأنفسنا وللعالم.
وفى هذا السياق، تظهر مشكلات لم تكن لتخطر على بال تجعلنى أقول إن البعض يكافح ضد كورونا، والبعض يكافح معها بتزييف أو تزوير التعليم الطبى! يشير إلى ذلك ما حذرت منه نقابة الأطباء فى حديثها عن مافيا كليات الطب خارج مصر، وسماسرة بيع الوهم فى بعض دول أوروبا الشرقية، مثل أوكرانيا وجورجيا وروسيا وماليزيا، حيث يُقبل هناك فى كليات الطب الطلاب الحاصلون على مجموع خمسين بالمئة وغير المؤهلين لدراسة الطب أصلًا، وأعلنت النقابة عن رفضها المطلق تسجيل خريجى القسم الأدبى الذين سافروا وعادوا بشهادات طبية من تلك الدول بسبب بيزنس التعليم، واشتمل بيان النقابة على قواعد قيد خريجى كليات الطب الأجنبية بالنقابة، وفى مقدمتها أن يكون الطالب قد درس الأحياء والكيمياء والفيزياء، وأن يقدم شهادة الثانوية العامة من القسم العلمى توضح دراسة هذه المواد عند طلب القيد بالنقابة.
أما عن الحاصلين على شهادات بكالوريوس الطب من الخارج فلا بد لقيده فى النقابة من إفادة من الدولة المانحة للبكالوريوس بأنه مسموح لحامل الشهادة بمزاولة المهنة.. قد لا نقوم بدور ضخم فى البحث العلمى مع أننا مؤهلون لذلك الدور، لكننا لا نستطيع أن ننحدر بمستوى الطب والأطباء فى بلدنا إلى مستوى المحتالين غير المؤهلين، لأننا بذلك نكافح ليس ضد كورونا بل معها، ومع أى وباء، ومع كل الأمراض، ما دام كل ما تعلّمه أولئك «الأطباء» هو تحويل مبلغ من الأموال لتجار التعليم وسماسرة الجامعات خارج مصر.