رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"القديسة" و"الأيقونة " في وجداننا (2)


في الجزء الأول من المقال ، وبمناسبة نشره بجريدتنا الغراء " الدستور" يوم بدء صوم السيدة العذراء على صفحتها اليومية الرائعة " البتول " ، تناولت في عجالة سردية تتعرض لجوانب من حياتها وفق مقتطفات من عرض بديع للكاتب والباحث القدير ماجد كامل ..
وكان التعرض للجداريات المسيحية المتعلقة بأهم أحداث حياة القديسة البتول ، وقراءة فنية لجدارية شهيرة ، أما عن تنوع شكل الظهور الذي بدت عليه السيدة العذراء عبر أيقوناتها ، ققد انحزت لرأي بعض المتخصصين في أن يراها كل شعوب الدنيا بالشكل الأقرب لثقافاتهم ورؤاهم ، وأن كنت أتمنى الاتفاق على أهمية الاقتراب من ملامح أبناء المنطقة التي عاشت فيها هي وكل قديسي وشخوص الكتاب المقدس في تلك المرحلة ، بل إنني كنت أتمنى الاقتراب من " الأرامية " التي تحدث بها السيد المسيح و المناداة بالتعريف بها عبر المراكز العلمية المتخصصة لنقل كل ما روى رموز تلك المرحلة من بداية السنوات الثلاثة الأخيرة من حياة السيد المسيح ..
وفي مقابلة هامة مع الفنان المصري الكبير "عادل نصيف " فنان الأيقونة الأشهر في في مصر في الحقب الأخيرة ، والذي تشهد جدران كناسنا الكبرى في مصر و أوروبا بروعة إنجازاته الإبداعية المدهشة ، أما وقد علمت بمتابعته لما كتبت في الفترة الأخيرة وأخيرًا الجزء الأول من المقال وردود الفعل الطيبة على ما جاء به ، فقد أسعدني تعليقه وإضافته العلمية والروحية حول فن الأيقونة بشكل عام وحول أيقونة تاريخية هامة مرفقة بتعليقه الهام التالي :

يؤكد "نصيف" في البداية " تظل الايقونه هى المُعبر الأول عن روحانيه الكنيسه لأنها ترسم للقديسين والخليقه السمائيه فقط..وهى تبسط الملامح وتعبر عن سمو الجوانب الروحانيه ، حيث لا تميل الأيقونة لتمثيل الواقع بل تستخدم الجوانب المادية لتصل لأروع التجليات الروحانيه...و قد كانت بدايات فن الأيقونة فى رسوم بورتريهات الفيوم في القرن الأول و التى أخذ عنها الفنان القبطى (فكرة الأيقونه وطريقة رسمها على رقائق من الخشب بمواد أكاسيد طبيعية مخلوطة بصفار البيض خامه التمبرا ) .. .والموروث المصرى أضاف للفن القبطى خصوصيةفي الشكل والمضمون ..فهو فن شعبى وبسيط ويعبر عن الروح ..ولا يهتم بالواقعية البشكلية بل بالبساطه..ويتميز بروح الفرح والبصيرة الداخليه للقديسين فيرسمون منتصبين وفى وضع امامى ناظرا للمشاهد فى حوار بينهما ليجذبه ليتشبه بالقديس...وللسيده العذراء مكانة سامية في وجدان شعوبنا في مصر ، بل والعالم بشكل عام فالجميع يحبها ويتشفع بها..وتحتل ايقونه العذراء اهميه قصوى وتوجد فى جميع الكنائس.. والايقونه المشهورة هى العذراء الملكه وترسم جالسه وهي تحمل السيد المسيح على يدها اليسرى وتكون العذراء على يده اليمنى (جلست الملكه على يمين الملك) وتنظر العذراء للمشاهد ..ويرسم ثلاث نجوم على غطاء رأسها والكتفين...وترمز النجوم الى بتوليتها قبل البشارة، وأثناء حملها المقدس وبعد ولادتها المعجزة للطفل يسوع .. ويرسم المسيح كطفل يحمل رساله ويشير بيده بالبركه.... " ..
و حول أيقونة العذراء المرفقه ، ذكر " نصيف " أنها جداريه مرسومه في القرن السادس بخامه الفريسك على جدار شرقيه من دير باويط بالقرب من أسيوط ، ويمثل جزء من الشرقيه جزء من قوس داخل الهيكل يتم الصلاه أمامه ..ويسمى حضن الأب.. والجدرايه رسم بها السيد المسيح على العرش .. والجزء الأسفل منها تتوسطه العذراء تحمل الطفل يسوع ..وحولها الرسل الإثنا عشر يحملون كتاب رمز للبشاره ..وأضاف مبدع الأيقونة اثنان من القديسين المصريين مع الرسل ليوكد تواصل الخدمه والبشاره عبر الأجيال..ويؤكد الرجاء لدى المعاصرين لأنهم مدعوون للشركه المقدسه مع الله أن اتبعوا تعاليم الانجيل والرسل .. " ..
وحول دور الأوائل من المبدعين وإسهاماتهم في احياء الفن القبطى فى العصر الحديث ، أكد " عادل نصيف " أن الفضل فى ذلك يعود للدكتور " إيزاك فانونس " خلال القرن العشرين ، فكان أول فنان يدرس فى باريس فن الأيقونة وتكنيك عملها ومواصفاتها من حيث الرسم والعناصر والخامات والتحضير لها ، كما أن معهد الدراسات القبطية بالقاهرة يقوم بتدريس الفن القبطى . وبسؤال فناننا الكبير: هل كنائسنا القبطية الحديثة لازالت متأثرة بالفن القبطى فى لوحاتها ، قال " للأسف هناك اتجاه دائم في الفترة الأخيرة لاستيراد الفنون الغربية فى الكنائس التى يتم تشييدها حاليا ، وهو ما يوحى وكأننا بلا جذور ونقوم بالاستيراد من الخارج ، فمثلا تجد وجه السيد المسيح فى اللوحات الكنسية داخل كنائسنا مأخوذا من الصور الغربية ، وليس الوجه الذى نراه فى صوره الموجودة بالمتحف القبطى وجداريات الكنائس المصرية القديمة والتى توضح ملامحه الشرقية ، وتؤكد ذلك أيضا صورته على الكفن المقدس فهى شرقية الملامح ..
عزيزي القارئ ..يقول الكتاب المقدس {أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها}. إختارت النعمة مريم العذراء دون سواها من بين كل الأجيال لأنها بالحقيقة قد برهنت على رزانتها فى كل الامور ولم توجد مثلها إمرأة أو عذراء فى كل الأجيال. جاء الكلمة الإلهي من الأعالي، وفي أحشائها المقدسة أعيد تكوين آدم .. وللمقال تتمة في عدد قادم بإذن الله يوم الجمعة القادمة.